عاتية هي عواصف الغدر.. تقصف عمر الأبرياء دون ذنب ولم يتبق لنا منهم سوي أذيال قصة فاشلة تظل مدقوقة في حواف العمر تشدنا كل يوم إلي الحسرة واللوعة. كانت الجلادة التي توحدت مع الشيطان وابتلعت سنوات عمر الفتاة الصغيرة في لمحة.. سحقت براءتها طيبة أفعالها.. شوهت وجهها الملائكي واغتالت آمالها وأحلامها وبحروف راكعة في محاريب الرجاء توسلت الفتاة ببراءة مشاعرها ودموع الفراق ان تتركها تعيش... تستكمل الحلم.. تفترش سنوات العمر بالطموح لكنها تناست قوانين الارض والسماء، وبيد غادرة أزهقت روحها وسلبتها الحياة ليتواري الجسد البريء خلف الثري ومعه يدفن سر المرأة اللعوب التي سلمت نفسها للشيطان وكانت الصغيرة شاهدة علي جريمتها النكراء، فسطرت شهادة وفاتها بيديها الرثة حتي لاينكشف المستور ولكن عدالة السماء كانت لها بالمرصاد. رسمت خطوط سنوات عمرها بغباء الخيانة والرذيلة وكانت الجلاد الذي توحد مع ملك الموت وسلبت الصغيرة روحها وتحولت الخائنة إلي أيقونة من رياء وتلفعت بعباءة الانتقام وتلطخت يداها بدماء الصغيرة. عقارب الساعة كانت تشير إلي السادسة صباحا واستيقظت تلميذة الثانوي لتشق دروب قريتها الصغيرة بمحافظة المنيا في طريقها للمدرسة وقادتها خطواتها إلي حقل أبيها لالتقاط وردة لاهدائها إلي »أبلة ريهام« صديقتها والقريبة من قلبها لانها تحمل صفات ست الحبايب، واقتطفت الصغيرة الوردة البيضاء وسارت بين الحقول تشتم رائحتها العطرة وابتسامة بريئة كست وجهها الجميل عندما تراءت لها »المعلمة« وهي تربت علي كتفيها وتداعبها، وصالت الفتاة وجالت بخاطرها وشاهدت صورتها وهي ترتدي البالطو الابيض وتسير واثقة الخطي في كلية الطب حتي استيقظت من أحلامها علي أصوات تنطلق من جوار شجرة وتسمرت قدماها وكادت يغشي عليها عندما شاهدت جارتها المصون عارية من ملابسها وفي أحضان ابن شقيق زوجها الذي يصغرها بخمسة عشر عاما واشتعلت نيران الخوف في قلب الفتاة ولم يدر بخلدها أن أرض أبيها سوف ترتوي بدمائها وأن روحها سوف تفارق جسدها بين ذرات الثري. ارتعد جسد الفتاة من هول مارأته وتثاقلت خطواتها وتعلقت عيناها بجارتها التي تلوثت بالرذيلة.. وألم دفين سكن اعماق صمتها وتساقط انهيارها بجارتها علي اعتاب الخيانة وموت الضمير وتفككت براءتها من معاقل العفوية وأطلقت صرخة كادت توقظ أهل البلدة وكانت الاخيرة في عمر حياتها وضم صوتها بعدها إلي الابد بعد أن أحرقت العاشقان بنظرتها الراحلة. أضرمت نظرات الفتاة نيران الانتقام في قلب العاشقين وعقدا العزم علي قتلها حتي لاتفضح أمرهما أمام أهل البلدة الصغيرة، وأذرفت لهما الدموع وركعت علي اقدامهما تقبلها وأقسمت انها لم تتفوه بكلمة واحدة وتوسلت ان يتركاها ترحل فهي تخشي الموت الذي يحرمها من أحضان أمها الدافئة ولاتقوي علي فراق شقيقتها الصغري وكيف يتواري جسدها خلف الثري وتترك أبيها وهي له زهرة العمر والشباب، ولكن قلبهما العليل كان أشد قسوة من الحجر وانهالا علي رأسها بفأس حتي فارقت الحياة وارتوت أرض أبيها بدمائها وخشي العاشقان من أفتضاح أمرها فحملا جثتها داخل جوال وألقيا بها في ترعة القرية واستمرا في علاقتهما الآثمة. بحثت الاسرة المكلومة عن فلذة الكبد في كل مكان دون جدوي واختلطت الأقاويل ورجح الكثيرون انها اختطفت لجمالها الفائق، وآخرون قالوا ان الغرض من اختفائها هو طلب فدية من أبيها الثري وشد أهل البلدة الصغيرة الرحال إلي القري والمحافظات المجاورة دون جدوي وكأن الارض انشقت وأبتلعت »أميرة« وفاحت من منزل أسرتها رائحة الحزن بعد ان غاب عنهم قنديل المنزل الكبير وبعد رحلة شقاء محفوفة بالترقب والانتظار طفت جثة أميرة علي سطح الترعة وكادت اسرتها تفقد عقلها وثارت التساؤلات عن السفاح الذي طاوعه قلبه علي قتل الفتاة البريئة ولم يدر بالخلد ان السفاح امرأة ساقطة!! بعد جهود مضنية وعمليات بحث مستمرة توصلت التحريات الي المتهمين واعترفت العاشقة علي صديقها ابن شقيق زوجها الذي سقط معها في بئر الرذيلة وخان من كان في مقام أبيه ولوث سمعة العائلة ولطخها بسلوكه المنحرف وتمكنت المباحث من ضبطه هو الآخر واعترف بأن زوجة عمه استغلت صغر سنه وجرفته إلي الطريق الحرام وكلما حاول قطع علاقته بها هددته بدس السم له في الطعام!! أستيقظ ضمير المرأة اللعوب بعد القبض عليها وتراءي لها صور أبنائها الاربعة وانها تركت لهم سمعة سيئة تنال منهم أبد الدهر، ثم ظهر أمامها حبل المشنقة يتدلي ورقبتها تتعلق به فقررت التخلص من حياتها اكثر من مرة حتي امتنعت عن الطعام والشراب واصيبت بهبوط حاد في الدورة الدموية أدي الي وفاتها ليسدل الستار علي قصة مأساوية زلزلت قلوب محافظة المنيا.