ببراءة شديدة حاولت أن تقنع زوج أمها أن تأخرها عليه في إحضار جركن المياه العاشر له بسبب اصطدام قدميها باحدي درجات السلم المكسور فانسكبت المياه علي الأرض وهو مادفعها للعودة مرة أخري إلي المقهي الذي تقع في أول درب الهنود بمنطقة الباطنية بالدرب الأحمر. كي تملؤه من جديد لم يتقبل زوج الأم مبررات الطفلة ذات الست سنوات وظن أنها ترد له جزءا من عقابه الذي اكتوت منه لتؤخره عن عمله ويتعرض للتعنيف من صاحب العمل. بيد حمقاء وقلب صلد وأعين عميت أن تري الدماء التي نزفت من جبينها أثناء عكوفة علي تعذيب التي لم ترتكب ذنبا سوي أنها تأخرت في إحضار المياه وسرعان ما لفظت أنفاسها الأخيرة بينما تقف الأم في موقف المتفرج علي صغيرتها التي كانت تنظر في عينيها تستجدي حمايتها والدفاع عنها. لكن رغباتها الشهوانية في زوجها غمستها في الوحل ووأدت مشاعر الأمومة بداخلها ليدرك الزوج أن توقف الطفلة عن الصراخ كان إعلانا بوفاتها, وعندما أفاق من سكرة العنف الشيطاني التي تملكته سيطر الخوف علي قلبه فاضطر إلي الهرب تاركا خلفه ضحيته البريئة غير أن عدالة السماء وقفت لجريمة الزوجين الآثمة بالمرصاد واقتصت للصغيرة ذات الأعوام الستة حيث انكشفت حيلتها بمستشفي الحسين الجامعي حين شك الأطباء في أمرها ليتم القبض عليها وشريكها ويتم تقديمهما إلي المحاكمة. كانت عقارب الساعة تشير إلي الرابعة عصرا حين دخلت سيدة في بداية العقد الثالث من عمرها إلي قسم الاستقبال بمستشفي الحسين الجامعي وبين يديها صغيرة يحوم حولها ملك الموت حروق تكوي وجهها البريء وأخري بالجسد وكدمات بالرأس والبطن وفخديها البريئين حضرت فاقدة للوعي لاتربطها بالحياة سوي أنفاس تجيء وتروح التف الأطباء حولها وعلي وجوههم علامات الذهول من هول ما عانت منه الملاك الصغير وتعلقت نظراتهم بتلك السيدة التي أتت بها إلي المستشفي فقد كانت تقف في ركن حجرة الاستقبال, وتبدو عليها علامات الهدوء والراحة, وأدرك الأطباء أن وراء تعذيب الصغيرة جريمة بشعة, وعندما رأت الأم نظرات اللوم في عيون الأطباء خشيت أن ينكشف المستور وحاولت مغافلتهم والهرب إلي زوجها المتهم الرئيسي إلا أنهم احتجزوها, وعلي الفور اتصل الأطباء بالشرطة وتم القبض عليها داخل المستشفي. اختلقت فاطمة عاشقة الرجال قصة وهمية كي تبرئ نفسها وزوجها خميس بأنها وضعت إناء مملوءا بالشوربة يغلي علي البوتاجاز وتوجهت لشراء بعض طلبات المنزل وتركت طفلتها نائمة وعندما استيقظت جذبت الإناء, فانسكبت عليها الشوربة واحترقت في كل أنحاء جسدها, ثم سردت رواية أخري أن صغيرتها طفلة شقية وأشعلت النيران في ستارة الغرفة وأمتدت ألسنة اللهب إلي جسدها. وكانت المفاجأة في تقرير الطب الشرعي الذي كشف عن أن جسد رضوي تعرض لضرب مبرح وكي بنصل سكين ملتهب وأعقاب سجائر في جسدها ووجها وقضمات أسنان مغروسة في بطنها وفخذها وآثار ضرب بآلة حادة علي رأسها مما أفقدها الوعي. أمام هذه الدلائل أدلت فاطمة الأم باعترافات تفصيلية أمام رجال مباحث الدرب الأحمر حيث أنها أنجبت المجني عليها من طليقها منذ ست سنوات هي عمر الطفلة وسرعان ماعرفت الخلافات طريقها إلي بيت الزوجية فطلبت الطلاق منه فاستجاب الزوج لها شريطة أن تتولي رعاية صغيرتهما لكثرة سفره بين المحافظات. سيطرت الوحشة علي الزوجة وشعرت بالحنين لضلالها القديم خميس بلطجي الباطنية الذي أحبته في صغرها وعلمت أنه لم يتزوج بعد ومازال يمارس رغباته المحرمة مع فتيات المنطقة فأرسلت له مراسيل الحب والغرام مع أحد الجيران كي يخبره بأن شبق العشق مازال بداخلها لتجد الاستجابة الفورية من خميس الذي أخبرها بأنها لاتزال في مخيلته وانه لم ينسها طوال سنوات زواجها الأولي. وظلت فاطمة تراود وخميس عن نفسه حتي استسلم لها ورضخ لطلبها بالزواج منها والصغيرة في حضانتها ومرت الأيام من زواجهما لم تكن لأحاديثهما غاية ولا لسعادتهما نهاية حتي نهر خميس الصغيرة في أحد المواقف لعدم اكتراثها لطلبة بالكف عن اللعب بالمنزل فتصدت الأم لخميس الذي نهرها وزجرها بشدة ووضعها في موقف المفاضلة بينه وبين الصغيرة فلم تتردد فاطمة واختارت الزوج ليشعر خميس بأنه سيد البيت وكل من فيه تحت أمرته ليبدأ خميس في استبعاد البريئة وجعلها تنفذ له كل أوامره أمام أم اقتلعت بداخلها كل مشاعرها الفطرية وهي تشاهد من يذل طفلتها ويعتاد علي ضربها لو تكاسلت أو تأخرت عن احضار طلباته. ويوم الحادث تعرض العقار الذي يقطنون به لانقطاع المياه لإجراء بعض الاصلاحات بمواسير المياه فجن جنون خميس الذي استيقظ متأخرا عن عمله باحدي الورش بالباطنية فطلب من رضوي والغضب يسيطر علي ملامحه أن تمسك بأحد الجراكن الموجودة بالشقة وتتوجه به إلي المقهي الذي يقع علي أول الحارة وتملؤه بالمياه كي يتمكن من قضاء حاجته وظلت الفتاة تنقل المياه بعناء شديد لثقله علي يديها الصغيرتين التي أنهكت من طلوعها ونزولها المتكرر علي درجات السلم المكسور حتي وفي أثناء حملها للجركن تعثرت قدم الصغيرة في احدي درجات السلم ففقدت توازنها وسقطت علي الأرض ومن ورائها المياه فعادت إلي المقهي من جديد وأتت به مملوءا, وما أن دخلت من باب الشقة لتجد خميس والشر يتقد من نظراته ليمسك بجركن المياه ويسكبه في وجه رضوي التي كانت تنتظر كلمات الشكر والعرفان منه إلا أنه رد الجميل بضربها علي جسدها النحيل غير مكترث بتوسلاتها وصراخها وهي تستنجد بأمها التي تركت حبيبها ينكل بفلذة كبدها ويعذبها بكيها في جميع أنحاء جسدها ويعض بأسنانه لينفث غضبه في بطنها ووجهها لتسأل رضوي نفسها وسكرات الموت تلاحقها بأي ذنب قتلت.