بلا مقدمات علمية أو تربوية قرر الدكتور محمود أبو النصر إخضاع مناهج اللغات الأجنبية فى مصر للتأليف القومى والاستغناء عن المقررات الأجنبية، فيما يعتبره انجازا فى تاريخ التعليم المصرى، وكلف لجانا لتأليف مناهج الثانوى العام الثلاث فى منتصف فبراير الماضى، على أن تنتهى منها فى مدى أربعة أشهر بحلول آخر يونيو الماضى. ونتيجة هذ المجازفة غير المحسوبة فشلت الفكرة مع تطبيقها على اللغة الألمانية، صمم الوزير على تقرير منهج الفرنسية المؤلف أخيرا،برغم اعتراض لجنة المراجعة،عليه شكلا وموضوعا،ولخروجه على المعايير التربوية والعلمية . بداية تؤكد الدكتورة حنان حافظ أستاذ المناهج وطرق تدريس اللغة الفرنسية بتربية عين شمس وعضو لجنة المراجعة للكتب الفرنسية المقترحة، أن فكرة الوزير بتشكيل لجان لتأليف مناهج الكتب الأجنبية تعتبر مفاجئة لأن المعتاد أن تدرس المناهج بلغة وفكر البلد صاحبة اللغة،وبمايتناسب مع معتقداتنا وفكرنا الوطنى والدينى ،إلا أن الوزير صمم على تأليف هذه المناهج ،وبدأها باللغة الألمانية وفشل هذا المنهج بجدارة فاضطرت الوزارة لسحب كتبه بعد خسارة مالية كبيرة،وأعادت تقرير المنهج الألمانى السابق ،وحاول مع اللغة الانجليزية ،ولكنها فشلت قبل أن تبدأ،وصمم الوزير على خوض التجربة مع اللغتين الفرنسية والأسبانية فى وقت قياسى، وتشكلت اللجنة من سبعة مدرسين فى الفرنسية خبراتهم محدودة فى التأليف وهم :من جامعات حلوان والقاهرة والأزهر وعين شمس ،واسندت المراجعة إلى ستة أساتذه خبراء منهم فرنسيان فى اللغة والتربوى وفى هذه الأثناءتقدمت اللجنة بمقترح إتاحة الوقت والفرصة هذا العام لتأليف المنهج ،ومخاطبة دور النشر الفرنسية لاختيار منهج جديد خصوصا أن التأليف شاق معوقت ضيق لايسمح بالجودة،ولكنه لم يوافق ،وبعد انتهاء المدة المحددة فى آخريونيو تابعت لجنة المراجعة مؤلفى منهج الصف الأول والثانى الثانوى. أخطاء النصوص وأضافت د.حنان حافظ أنه نظرا لكثرة الأخطاء من حيث النصوص والأهداف أعيدت النسخة الخاصة بالصف الأول للتصحيح ثلاث مرات ذلك لأن المنهج لم يكن مكتملا،وعدم وجودكراسة للتدريبات،أو حتى القرص المدمج المصاحب لكتاب الطالب، أو حتى دليل المعلم، فضلا عن التعديلات اللغوية والمنهجية التى لم تلتزم بها لجنة التأليف، كما أن مستوى اللغة غير مناسب للفئة المستهدفة وهم الطلاب ولم يتم تدريب المعلمين على المنهج أوتعريفهم به وحتى الثامن من سبتمبر، فى الوقت الذى صمم فيه الوزير على انهاء المنهج بأى شكل حتى يفى بكلامه أمام القيادة السياسي، حتى لو أدى ذلك إلى حذف أجزاء كاملة تحدث خللا بأهداف المنهج اللغوية والتربوية، فأرسله لمستشارة اللغة الفرنسية لاعتماده ،وليبدأ الطبع فى الأسبوع الأول من العام الدراسى فاضطرت اللجنة لتقديم استقالتها فى الثامن عشر من سبتمبر اخلاء لمسئوليتها المهنية والقومية، فأصدر الوزير قرارا بتشكيل لجنة مراجعة بديلة .لحذف مايمكن حذفه ومتابعة الطبع . اللغة الألمانية وأضافت أستاذ مناهج اللغة الفرنسية وعضو لجنة المراجعة إن التجربة حدثت بالضبط مع منهج اللغة الألمانية وفشلت وعادوا للقديم وفى اللغة الأسبانية لكن أسبانيا طلبت نسخة وعدلتها من خلال خبراء اللغة لديها ووافقت عليها الوزارة المصرية ،أما اللغة الإنجليزية ففشلوا فى تغيير مناهجها،لعدم وجود.كوادر،وحتى اللغة العربية كانت هناك محاولات تعديل جوهرية للمنهج لكن مجمع اللغة العربية رفضها أربع مرات، أما منهج الفرنسية الذى سيبدأ طبعه الآن والمقرر هذا العام، فيعتمد على أنشطة وألوان والشكل دون المضمون، ولكن المنهج صعب بالمقارنة باللغات الأخرى المقررة. وهذا جعل الطلاب يحولون حاليا إلى الإيطالى والأسبانى والألمانى، لأن منهج كل منها فى محتوى ملزمة أواثنتين، بمعنى أن المنهج الفرنسى سيرفضه الطلاب لصعوبته وطوله مع انها المادة الوحيدة التى بلا عجز فى المعلمين المتخصصين لأنهم يدخلون مادة للمجموع وليس حبا فيها، وفى نفس الوقت ڤإن المستشارة فى مشكلة حقيقية التزاما بقرار الوزير خاصة وأنها جديدة فى الموقع . بلد اللغة وترى الدكتورة مى محمود شهاب أستاذ السياسات التربوية للغة الفرنسية بجامعة القاهرة أنه إذا كانت القضية فى التغيير ،كان الأفضل البحث عن منهج فرنسى من بلد اللغة حتى الوزير نفسه قال ذلك المعنى فى مداخلة تليفزيونية،هناك ناس دارسين مناهج اللغة جيدا ،فالسوق مليئة بدور النشر الفرنسية ،ومعها نعدل المنهج الفرنسى بمايتناسب مع حضارة البلدين ولا يخرج عن عاداتنا فالفكرة ليست عبقرية ولا توفير مبالغ ماليةكبيرة كما يشاع،كما أن تأليف الكتاب من غير أهله يأخذ جهدا كبيرا جدا دون داع ويفتقد روح اللغة وتطورها، مع توافر ساحة مليئة بالكتب ودور النشر الفرنسية وهناك كل الكتب المنهجية مثل التفاعلى، ويمكن التفاهم مع دور النشر لتعديلها، وحتى نضمن أن يكون الكتاب متوازنا ليست به أخطاء من أى نوع، فهناك الإطار العام للكتاب المرجعى وفقالإتحاد الأوربى فى تدريس اللغات لإخراج كتاب موزون ونحن ملتزمون به لأنها لغتهم، وحتى لوكان مكلفا ،والنتيجة المحتمة هى تأخر المادة ودراستها فى مصر. شروط التأليف وأضافت د.مى شهاب أنه مع ذ لك التوجه فمن الظلم أن نقول إن الخبراء المصريين لايستطيعون تأليف كتب ومناهج أجنبية، ولكن من الممكن بعدة شروط منها أن يشارك المؤلف المصرى مع بعض دور النشر الفرنسية أوحسب لغة الدولة الأجنبية ،ولابد أن يقضى المؤلفون فترة تدريب فى دار نشر كبرى يعرفون فيها فن التأليف فى لغة الكتاب ، فلابد أن يجمعوا خبرات دولية إضافة للمحلية،فليست القدرة واتقان اللغة ،هى المؤهل الأول لأن التأليف مهنة،وفن وقدرة وخبرة وتدريب ،وليس كل من اتقن اللغة قادر على التأليف وهذا ينطبق حتى على الخبراء الفرنسيين من المركز الفرنسى بالقاهرة صحيح أن لديهم خبرة عالية فى اللغة ويلقون المحاضرات بطلاقة لكن الخبرة ناقصة ،خاصة وأن معانى الكلمات فى اللغة واستخداماتها تتغير من سنة لأخرى ،و وأن تراعى فى مادة المؤلف مستوى الدارس وعمره وخلفياته عن المادة ،وهو الذى شكت منه اللجنة لكبر حجم المنهج وصعوبته. مناهج قديمة وعلى العكس مما ذكره الخبراء ترى الدكتورة نوال محمد شلبى مدير مركز تطوير المناهج حتى منتصف سبتمبر، ،أن فكرة وضع المناهج الأجنبية محليا تعتبر انجازا على كل المستويات ،ذلك لأننا نعتمد على المناهج الحالية ولم تتغير منذ 25 عاما،وتعتبر غير مواكبة لتطويرات اللغة ،لذلك استعنا بخبراء فى اللغة الفرنسية منهم اثنان من فرنسا وهما من فريق المركز الثقافى الفرنسي بالقاهرة واوفدنا خبراء إلى أسبانيا لمراجعة اللغة، وبحصلنا على موافق فرنسا للمنهج، أما دليل المعلم فيرتبط بانتهاء طباعة الكتاب لأنه يتحدد به الصفحات التطبيقية على المنهج، أما المدرس فيمكن تدريبه فى أول شهرين من الدراسة، وراعينا الثقافة القومية فى الدروس وجرت مواءمات بين الدروس والمواقف وهو عمل رائد غير مسبوق فى الشرق الأوسط ، وهو وفق مرجعية أوروبية، وهو فى نفس الوقت يوفر 30 مليون جنيه ثمن النسخ التى نشتريها من فرنسا،وسائر الكتب المكلفة، وأنه حتى إذا كان المنهج المحلى يمثل فى المستوى 85٪ فهو جيد أيضا وهو خطوة للتطوي بعد جهد جبار.