بينما يجتمع زعماء العالم كله ضمن أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها التاسعة والستين لمناقشة الخطوات المفترض اتباعها لتدمير تنظيم "داعش" بعد أن أصبح خطرا داهما يهدد ليس فقط دول المنطقة العربية المشتعلة بالحروب والخلافات , لكن أيضا امتد خطره إلى الدول الأوروبية وامريكا , نجد أن تنظيم الدولة الاسلامية فى بلاد العراق والشام ماض فى تأسيس دولة الخلافة فى العراق وبعض المناطق فى سورية بكل حرية وسلاسة . ويدير تنظيم "داعش" كل أمور الحياة فى الرقة السورية ويتجول عناصره الذين يملكون وحدهم حق حمل السلاح فى شوارع المدينة ببنادق الكلاشينكوف أو المسدسات , ويسود لون واحد فقط فى معقل التنظيم هو "الأسود" الطاغى على كل شئ , بدءا من قبعات وكوفيات الرجال مرورا بنقاب النساء وانتهاءا بجوازات السفر , فنجد أن معقل التنظيم فى شمال سورية حيث تنتشر أعلام التنظيم السود فى كل مكان تتشح النسوة بالسواد من رؤوسهن حتى أخمص أقدامهن ولا يمكنهن الخروج من المنزل إلا بصحبة الأب أو الأخ أو الزوج حتى أن جوازات السفر لونها أسود !! "داعش" يمارس حكم الخلافة الاسلامية على طريقته الخاصة فتتولى كتيبة "الخنساء" المؤلفة من نساء ينتمين للتنظيم ويحملن السلاح ولهن الحق بتفتيش أى امرأة تسير فى الشارع , وتتولى كتيبة "الحسبة" نفس المهمة لكن مع الرجال وهى مكلفة أيضا فرض رؤية التنظيم للشريعة الاسلامية , فشكل حكومة تضم وزراء لكل الحقائب التى يمكن تصورها مثل التربية والصحة والموارد المائية والكهرباء والشئون المدنية والدفاع ومن المفارقات أن هذه الوزارات تشغل المبانى التى كانت للحكومة السورية , وللتعليم أهمية خاصة لديهم إذ يستند إلى التفسير الصارم للشريعة الاسلامية , كما يحظر الجهاديون على السكان الإفادة من الأماكن العامة التى يملكون وحدهم حق الوصول إليها , ولا يتردد عناصر التنظيم بتفتيش المنازل والهواتف والحواسيب بحثا عن أى أدلة يعتبرون أنها تشير إلى ممارسات غير أخلاقية !! وبهذه الكيفية يبدو تنظيم "داعش" كحركة استعمارية تمكنت من رقعة من الأرض فى سورية والعراق وبسطت سيطرتها ونفوذها عليها بحكم القوة والسلاح , تماما كما احتلت اسرائيل فلسطين مع المستوطنين , لكن الملفت أكثر للانتباه هو وجود عدد كبيرمن الجهاديين الأجانب والامريكيين أيضا يعيشون مع عائلاتهم حيث كان يعيش سكانها الأصليين الذين هجروها من فرط الذعر والرعب الذين عانوا منهما وعايشوهما على أيدى التنظيم . لذا نجد الولاياتالمتحدةالأمريكية تسعى حثيثا لقيام مجلس الأمن بتبنى قرار يجرم تدفق المقاتلين الأجانب إلى مناطق النزاع ومعاقبة الأشخاص الذين ينضمون للمجموعات الارهابية فى الخارج , إذ يضم التنظيم فى صفوفه عدد كبير من جنسيات مختلفة أوروبية وآسيوية تم تجنيدها عبر الانترنت . "داعش" يتحدى .. ودول العالم تبحث كيفية القضاء عليه , لكن بعد أن استشرى وتمدد وازدادت تهديداته للمنطقة بأسرها .. غير أن السؤال الذى لايبرح تفكيرنا : إلى أى مدى يمكن لهذا التنظيم الصمود ؟ ومن أين أتى بهذه القوة التى أعطته تأشيرة الدخول لتكوين دولة الخلافة رغم أن العالم كله يقف ضده الآن ؟ ولماذا تحاول دول الغرب شن الهجوم عليه فقط بمعزل عن باقى التنظيمات التكفيرية المرتبطة جدلا به ولا تقل خطورة عنه ؟؟ وهل تنجح دول التحالف فى القضاء عليه ؟ أم أنه مجرد تكتيك مرحلى ؟ فالتنظيم ماض فى تكوين دولته السوداء مثل زيه وجواز مروره وعلمه وكل ما يتعلق بحياته غير آبه بما يحاك ضده وكأنه على علم بمداه ؟! لمزيد من مقالات جيهان فوزى