محمد العدل خطيبا.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة نفيسة    التفاح ب70.. أسعار الخضروات والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 21 يونيو 2024    التنظيم والإدارة يعلن الانتهاء من ترقيات موظفين في جهتين بالحكومة    محافظ أسيوط: تنفيذ 9 حالات إزالة لتعديات على الأراضى الزراعية ومخالفات المباني ببعض المراكز والأحياء    تكليفات رئاسية مهمة للحكومة والهيئة الهندسية.. تعرف عليها    ميسي بعد اجتياز عقبة كندا في كوبا أمريكا: الخطوة الأولى    سوزوكي: طوكيو وسيئول تبحثان فرض عقوبات على روسيا وكوريا الشمالية    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة الداخلية بالدوري    عضو اتحاد الكرة: أتوقع مشاركة الزمالك في مباراة القمة    مواصفات أسئلة العربي لطلاب الثانوية العامة قبل موعد الامتحان    كشف ملابسات العثور على جثة شاب بها طلقات نارية في قنا ( تفاصيل)    وزيرة الثقافة تشهد العرض المسرحي "مش روميو وجوليت" على المسرح القومي    سر اختلاف موعد عيد الأب بمصر عن العالم.. إجازة رسمية في دولة عربية    أحمد سعد يعلق على ارتدائه للحلق وقميص شبك والانتقادات التي تعرض لها    الصحة: فحص 454 ألف مولود ضمن مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    «أنا سلطان زماني».. رد ناري من شوبير على عدم انضمامه لقناة «mbc مصر»    وزير المالية: ميكنة منظومة مقاصة مستحقات المستثمرين ومديوناتهم لدى الحكومة    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم الجمعة 21 يونيو    5 شهداء في قصف إسرائيلى قرب ملعب اليرموك وسط مدينة غزة    أمين الفتوى: ظلم المرأة في المواريث إثم كبير (فيديو)    الحرارة تصل ل47 درجة.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة - فيديو    سلوفاكيا تطمع في استغلال محنة أوكرانيا بيورو 2024    عاجل - انهيار جديد لجيش الاحتلال في غزة.. ماذا يحدث الآن؟    أسعار البيض اليوم 21 يونيو 2024    مدير منطقة أثار الكرنك يكشف تفاصيل تعامد الشمس على قدس الأقداس (فيديو)    حسام حبيب: هقدم بلاغ ودي جريمة... تفاصيل    شاهد.. فرقة «أعز الناس» تشعل ستوديو منى الشاذلي بأغنية للعندليب    الجيش الإسرائيلي يقصف مناطق مختلفة في غزة    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    إسقاط التهم عن طلاب بجامعة كولومبيا اعتقلوا في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين    عاجل - "قطار بسرعة الصاروخ".. مواعيد وأسعار قطارات تالجو اليوم    سموحة يدخل معسكر مغلق استعدادًا لطلائع الجيش غداً.. وغيابات مؤثرة تضرب صفوف الفريق    توجيه سعودي عاجل بشأن رصد 40 حالة تسمم في جازان (تفاصيل)    سيولة وانتظام حركة السيارات في القاهرة والجيزة.. النشرة المرورية    صباحك أوروبي.. اعتراف ووكر.. قرار فليك.. ومفاوضات إنتر مع إنزاجي    سول تستدعى سفير روسيا للاحتجاج على معاهدة بيونج يانج وموسكو    هآرتس: الجيش الإسرائيلي يريد مغادرة غزة ونتنياهو يخالفه الرأي    طريقة عمل كيكة الشاي بمكونات بسيطة ومذاق لا يقاوم    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    اليوم.. الأوقاف تفتتح 5 مساجد في المحافظات    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري اليوم    موقف الأهلي من المشاركة في بطولة كأس الأفروآسيوية    الأوقاف تفتتح 5 مساجد.. اليوم الجمعة    منظمة الصحة العالمية تحذر من أدوية مغشوشة لمرض السكري    أميرة بهي الدين: تنبأت بعدم بقاء الإخوان بالسلطة الإ عام واحد فقط    القس دوماديوس.. قصة كاهن أغضب الكنيسة ومنعه البابا من الظهور بالإعلام    بلا مشقة بالغة.. هبة عوف: الاستطاعة الصحية شرط أساسي للحج    تجار البشر.. ضحايا فريضة الحج أنموذجًا    أنت وجنينك في خطر، تحذير شديد اللهجة للحوامل بسبب الموجة الحارة    أسامة قابيل يكشف حقيقة وجود أعمال سحرية على عرفات    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان التشكيل الوزاري الجديد    الحبس وغرامة مليون جنيه عقوبة الغش والتدليس للحصول على بطاقة ائتمان    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    البطريرك يلتقي عميد كلية اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية في ليون    تامر أمين عن وفاة الطفل «يحيى» بعد نشر صورته في الحج: «ربنا يكفينا شر العين» (فيديو)    وحيد أبوه وأمه.. غرق شاب بقارب صيد أثناء عمله في أسيوط    مصرع شخص إثر حادث مرورى بدمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. ومواطن من الفسطاط
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 09 - 2014

بمجرد ذكر منطقة مصر القديمة أو مصر عتيقة كما يطلق عليها القاهريون يقفز إلى الأذهان أهم معالمها على الإطلاق بل أهم معالم القاهرة بأسرها وهو سور مجرى العيون, ذلك السور السميك المهيب الذى يبدأ من فم الخليج بنهاية شارع قصر العينى محاذيا للجانب الأيمن من شارع صلاح سالم وصولا إلى باب القرافة فى السيدة عائشة على بعد عشرات الأمتار فقط من أسوار قلعة صلاح الدين ويقف فى زهو واستعلاء يشهد بعظمة القاهرة وشموخها ورقى فكر أهلها وذلك رغم عدوان الجهل والتخلف الذى يتعرض له بين الحين والآخر ممن يجهلون، قدره فيلقون تحت أقدامه قمامتهم ومخلفات مبانيهم الزائلة.
وعبر التاريخ عرف المصريون سور مجرى العيون باسم قناطر المياه وهى تلك القناطر التى قام بإنشائها السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبى مؤسس الدولة الأيوبية لكى يتم عن طريقها توفير مياه الشرب والرى لسكان القلعة التى تحمل اسمه وكانت مقرا للحكم لعدة قرون ثم جددها السلطان المملوكى العظيم الناصر محمد بن قلاوون تجديدا كاملا بينما أقام لها سلطان مملوكى آخر هو قنصوة الغورى مأخذا للمياه به ست سواق بالقرب من مسجد السيدة عائشة وتحديدا مكان سوق الحمام بمدخل شارع السيدة عائشة ولم يبق من القناطر العتيقة التى أنشأها صلاح الدين شيء غير بقايا قليلة فى بداية المجرى من ناحية القلعة مواجهة لمسجد السيدة عائشة كان قد استغل فيها سور القاهرة الذى عمله وجعل مجرى المياه أعلاه.
ومن خلال مرورى اليومى بجوار سور مجرى العيون فى طريقى لمنزلى فى مدينة الفسطاط الجديدة المبنية على أنقاض أول عاصمة لمصر بعد الفتح الإسلامى وهى مدينة الفسطاط التى بناها عمرو بن العاص يلفت نظرى جهل الكثيرين بعظمة هذا السور الفريد فى العالم لدرجة أن مجموعة من سكان منطقة المدابغ المتاخمة له حاولت فى فترة الانفلات الأمنى التى أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير هدم اجزاء منه بحجة فتح طرق للسيارات كما أنه وبرغم الجهود الحكومية لحمايته وبناء سور حديدى قصير متاخم له مازال البعض يلقى بمخلفاته بجواره .
ويحكى المؤرخون أن السلطان الناصر محمد بن قلاوون أعاد بناء القناطر الحالية كاملة على مرحلتين بعد أن تهدمت القناطر التى بناها الناصر صلاح الدين وقد أنشأ ابن قلاوون أربع سواق على النيل بفم الخليج لرفع الماء من خليج صغير عند حائط الرصد الذى يعرف اليوم باسم «اسطبل عنتر» تجاه مسجد أثر النبى بمنطقة محطة مترو الزهراء حاليا. وفى عصر السلطان قنصوة الغورى أقيم لهذه القناطر مأخذ مياه آخر به ست سواق بالقرب من السيدة نفيسة لتقوية تيار المياه الواصلة منها إلى آبار القلعة .
وكان هدف بناء هذا السور العملاق مد قلعة صلاح الدين بمياه النيل لعدم كفاية مياه الآبار عن طريق رفع مياه النيل بالسواقى إلى مجرى السور بحيث تأخذ هذه السواقى المياه من النيل لتدفعها عبر مجرى مائى فوق مجموعة ضخمة من العقود الحجرية المدببة حتى يتم تخزينها فى مجموعة كبيرة من الآبار لا تزال باقية حتى الآن ثم تجرى المياه إلى أن تصل إلى القلعة .
اّل طباطبا
وعلى بعد عشرات الأمتار من سور مجرى العيون فى منطقة عين الصيرة وتحديدا خلف نادى الأبطال للقوات المسلحة يقف مشهد آل طباطبا الذى يعد المعلم الوحيد المتبقى من الدولة الإخشيدية فى كل مصر ولكنه يعانى عزلة وإهمالا تسببا فى عدم إداراك السواد الأعظم من المصريين لمجرد وجوده وذلك على عكس سور مجرى العيون الذى لايمكن أن تتجاهله العيون من ضخامته وفخامته .
ويضم هذا المشهد الفريد مسجدا ومدفنا أنشئ فى عهد الأمير محمد بن طغج الإخشيد مؤسس الدولة الإخشيدية . وينسب إلى إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الديباج، الذى يعود نسبه إلى على بن أبى طالب، رضى الله عنه، وكان يحظى بمكانة كبيرة بين المصريين، وكذلك لدى أوساط كبيرة من الأمراء حيث فضل الكثير منهم أن يدفنوا فيه بعد وفاتهم .
ورغم أن المشهد يبعد مئات الأمتار فقط عن مقامى الأمام الشافعى والامام الليث بن سعد ( الإمام الليثى ) فإنه لايحظى بما يحظيان به من اهتمام حاليا نظرا لأنه بات محاصرا من قمائن المنتجات الفخارية وبعض البيوت العشوائية, فلا يمكن للمارة أمثالى من سكان منطقة الفسطاط الجديدة ملاحظة وجوده إلا إذا كانوا يعرفون مسبقا أنه موجود فى هذا المكان, علاوة على غرقه فى طوفان المياه الجوفية الذى يغرق بشكل دائم منطقة عين الصيرة لدرجة أن الوصول إلى داخل المشهد الواقع تحت مستوى سطح الأرض بعدة أمتار يحتاج إلى قارب .
ومبنى المشهد مستطيل غير منتظم طوله 30 مترا وعرضه 20 متراً. والمدافن التى يضمها الموقع تشهد على دفن العديد من أبناء الأسرة الإخشيدية، ومنهم أولاد إبراهيم طباطبا نفسه، مثل أحمد بن على بن الحسن بن طباطبا، وكان يوصف بأنه من أبرز شعراء عصره.
كما كان المبنى مدفناً للعديد من العلماء والمشايخ الذين عاشوا فى هذه المنطقة، وكانوا يترددون على مساجدها ودفن بالقرب منهم نساء، على رأسهن السيدة خديجة ابنة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن طباطبا، وكانت توصف بأنها عابدة زاهدة، وهى زوجة عبدالله بن طباطبا .
ومادمنا نتحدث عن مشهد طباطبا فمن الضرورى أن نذكر للقراء أن الإخشيديين الذين جرى بناء المشهد فى عهدهم هم سلالة تركية مستعربة حكمت مصر والشام ومقر حكمهم الفسطاط, وتنحدر هذه الأسرة من أحد القادة العسكريين الذين جاءوا من فرغانة بجمهورية أوزبكستان حاليا .
ورغم ان مشهد اّل طباطبا متفرد فإن الإهمال الذى يحيط به كما اراه كل يوم يجعلنى أتوقع اختفاءه خلال سنوات قليلة سواء بفعل المياه الجوفية والكبريتية التى يغرق فيها أو بيد سكان العشوائيات الذين يحاصرونه ولا يعرفون قيمته ولايهمهم سوى وجود أماكن يخزنون فيها بضاعتهم من منتجات الفخار وبالتالى لم يروا كما كان يرى اجدادنا أن البركة تحل بجوارهم حيث يرقد العديد من الأولياء والعلماء فى هذا المشهد النادر من زمن الإخشيديين..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.