الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
د.حماد عبدالله يكتب: الإهتمام الوطنى بالقيمة المضافة!!
عاجل- السيسي يستقبل الفريق أول عبد الفتاح البرهان لبحث تسوية الأزمة السودانية وتعزيز التعاون الثنائي
السعودية.. تعليق الدراسة حضوريا في الرياض بسبب سوء الطقس وتساقط الثلوج
الطقس اليوم الخميس 18-12-2025.. أجواء شتوية باردة وشبورة كثيفة صباحًا على أغلب الأنحاء
الصحة العالمية: مقتل أكثر من 1600 شخص في هجمات على المراكز الصحية في السودان خلال 2025
زكريا أبوحرام يكتب: جماعة البهتان
أحمد حمدي يكتب: اللعبة الجديدة.. التفكيك قبل التصفية
بوليتيكو: الاتحاد الأوروبي انقسم إلى معسكرين بسبب الخلاف حول مصادرة الأصول الروسية
تراجع أسعار الذهب اليوم 18 ديسمبر في بداية التعاملات بالبورصة العالمية
توقع تثبيت أسعار الفائدة في أخر اجتماعات البنك المركزي الأوروبي للعام الحالي
د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي
أحداث مسلسل FALLOUT ستؤثر في الجزء الخامس من اللعبة
نائب لافروف يزور الدوحة ويبحث مع مسؤولين قطريين تعزيز علاقات التعاون بين البلدين
الداخلية ترد على بيان حزب سياسي حول مزاعم مخالفات انتخابية
الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم
إدارة ترامب تسخر من بايدن بلوحة تذكارية على جدار البيت الأبيض
الشيوخ الأمريكى يقرّ ميزانية دفاعية بقيمة 901 مليار دولار
مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك
البرلمان تحت الاختبار.. بين ضغوط الأسعار وحصن الأمن القومي
تطورات جديدة في انهيار عقار المنيا.....مخالفات جسيمة وراء الانهيار
السيطرة على حريق في أحد المحال بمنطقة ألف مسكن بالقاهرة
شهادة المخالفات الإلكترونية أحدث الخدمات.. «المرور» يسير على طريق التحول الرقمي
لمواجهة تراجع شعبيته، ترامب يلقي خطابا الليلة يكشف أجندته ويستعرض "العصر الذهبي"
أنشطة متنوعة لأهالي عزبة سلطان ضمن برنامج المواطنة والانتماء بالمنيا
خالد أبو بكر يدعو الجماهير والأندية لدعم الزمالك.. جزء من تاريخ مصر
الإعادة تشعل المنافسة.. مجلس النواب 2025 على صفيح ساخن
نيفين مندور، أسرة الفنانة الراحلة تتسلم جثمانها اليوم
يلا شووت.. المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025: صراع تكتيكي على اللقب بين "أسود الأطلس" و"النشامى"
بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم
جمال الزهيري: كأس أمم أفريقيا أهم من المونديال بالنسبة لمنتخب مصر
غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور
سوليما تطرح «بلاش طيبة» بالتعاون مع فريق عمل أغنية «بابا» ل عمرو دياب
مسؤول روسي: هجوم أوكراني يلحق أضراراً بسفينة في ميناء روستوف جنوب البلاد
ماذا حدث في اللحظات الأخيرة قبل وفاة نيفين مندور؟
بالفيديو.. محمد رمضان يعتذر لعائلته وجمهوره وينفي شائعة سجنه ويستعد لحفله بنيويورك
محافظ قنا يعزي أسر ضحايا حادث انقلاب ميكروباص بترعة الجبلاو.. ويوجه بحزمة إجراءات عاجلة
سفير مصر في المغرب: الأوضاع مستقرة وتدابير أمنية مشددة لاستقبال المنتخب
نقابة المهن التمثيلية تتخذ الإجراءات القانونية ضد ملكة جمال مصر إيرينا يسرى
اسأل والجمارك تُجيب| ما نظام التسجيل المسبق للشحنات الجوية «ACI»؟
عالية المهدي تحذر الحكومة: 65% من الإنفاق العام في مصر يخصص لسداد الديون
التهاب مفصل الحوض: الأسباب الشائعة وأبرز أعراض الإصابة
مصرع عامل تحت تروس الماكينات بمصنع أغذية بالعاشر من رمضان
وزير الثقافة يعزز الشراكة مع متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني.. صور
إصابة 11 شخصاً فى حادث تصادم سيارتين ب بدر
كأس الرابطة الإنجليزية - نيوكاسل يواصل حملة الدفاع عن لقبه بفوز قاتل على فولام
أمم إفريقيا - البطل يحصد 7 ملايين دولار.. الكشف عن الجوائز المالية بالبطولة
نوبات غضب وأحدهم يتجول بحفاضة.. هآرتس: اضطرابات نفسية حادة تطارد جنودا إسرائيليين شاركوا في حرب غزة
اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية
وزارة الداخلية: ضبط 40 شخصاً لمحاولتهم دفع الناخبين للتصويت لعدد من المرشحين في 9 محافظات
ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهى عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس
الإسماعيلية تحت قبضة الأمن.. سقوط سيدة بحوزتها بطاقات ناخبين أمام لجنة أبو صوير
الحكومة تستهدف استراتيجية عمل متكامل لبناء الوعى
محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62
أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة
18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا
باريس سان جيرمان وفلامنجو.. نهائي كأس الإنتركونتيننتال 2025 على صفيح ساخن
إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس
متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
الحكى فى تجربة الشاعر منذر مصرى
شريف رزق
نشر في
الأهرام اليومي
يوم 21 - 09 - 2014
تتعدَّدُ آليَّاتُ الفِعْلِ الشِّعريِّ ، في خِطابِ مُنذر مِصْري (1949- )، الشِّعريِّ ، تعدُّدًا لافتًا ، بيْنَ الأدَاءِ الغِنائيِّ ، وَالأدَاءِ السَّرديِّ ،
وبنيَةِ التَّشظِّي وّالتَّشذير ، وبنيَةِ الحِكايَةِ ، وَهيَ تعدُّداتٌ تتَّفقُ في التَّشديدِ على النَّبرَةِ الشَّخصيَّةِ ، وَشَخْصَانيَّةِ التَّجربَةِ ، وَارْتباطِهَا الوثيقِ بحَرَكةِ الذَّاتِ الشَّاعرَةِ في مُحْيطِهَا المَعِيشِ، وأدائِهَا الشِّعريِّ الجَانحِ إلى الالتحَامِ بلغَةِ الحَيَاةِ اليوميَّةِ وَتفاصِيلِهَا الحَياتيَّةِ المَعِيشَةِ الخَاصَّةِ .
أنْجَزَ مُنذر ، في الحِصَارِ المَضْروبِ حولَ تجربتِهِ ؛ ككثيرٍ منْ المُبدعِيْنَ الطَّليعِيِّينَ ، تجاربَهُ الشِّعريَّةَ الخَاصَّةَ ، في طبَعَاتٍ مَحْدُودَةٍ ، كانتْ تُمْنَعُ في الغَالبِ ، وَمَا نُشِرَ منْهَا على نِطَاقٍ وَاسِعٍ قليلٌ ، وَمِنْهَا : (بَشَرٌ وَتَوَاريخُ وَأمْكِنَةٌ) : وزارة الثَّقافةِ ،
دمشق
، 1979، و في دار رِياض الرَّيِّس،
ببيروت
، صَدَرَتْ له ثلاثُة أعمالٍ شِعريَّةٍ ، هِيَ :(مَزْهَريَّةٌ على هيئَةِ قبْضَةِ يد) :1997، و(الشَّاي ليسَ بطيئًا)، و(مِنْ الصَّعبِ أنْ أبتكِرَ صَيْفا) : 2008، ومُخْتَارَات شِعرية ، صَدَرَتْ في مِصْرَ تََحْتَ عنوانِ : (.. لأنِّي لسْتُ شَخْصًا آخَر): 2009 ، وَهِيَ الأعْمَالُ الَّتي كشَفَتْ عنْ أحَدِ أهَمِّ الأصْوَاتِ الشِّعريَّةِ ، في مَشْهَدِ القَصِيْدِ النَّثريِّ العَرَبيِّ منذُ سَبعينيَّاتِ القَرْنِ المَاضِي .
وَعلى تعدُّدِ آليَّاتِ الخِطابِ الشِّعريِّ لدَى مُنذر مِصْري ، تبرُزُ بنيَةُ الحِكايَةِ ، عَبْرَ أداءٍ سَرْديٍّ سَيَّالٍ ، يستثمِرُ شتَّى آليَّاتِ المبنَى الحِكائيِّ ، في إقامَةِ خِطَابِه الشِّعريِّ ، بأدَاءٍ شِفاهِيٍّ تداوليٍّ ، يلتحِمُ فيه مَا هُوَ حِكائيٌّ وَمَا هُوَ شِعْرِيٌّ ، في نُصوصٍ ، هِيَ قَصٌّ منْ حَيْثُ هِيَ شِعرٌ، ويتبدَّى فيها على نَحْوٍ وَاضِحٍ التَّبئيرُ الخَارِجيُّ ، وَشعريَّةٌ الصُّورَةِ السَّرديَّةِ البَصَريَّةِ الكُلِّيَّةِ ، عَبْرَ كَمٍّ وَفيْرٍ مُنْتَخَبٍ بدقَّةٍ منْ سرديَّاتِ الواقعِ المَعِيشِ وَالسِّيَّريِّ ، في نَسِيْجِ الخِطابِ الشِّعريِّ ، ويتبدى الخَارجُ دَائِمًا بوعي الدَّاخِلِ ، وَنَبْضِهِ ، وَنَبْرَتِهِ.
البنيَةُ السَّرديَّةُ لدى مُنذر مُكتمِلةٌ حِكائيًّا ، مُكثَّفةٌ شِعريًّا؛ تتشكَّلُ منْ واقعٍ معيشيٍّ وتفاصِيلَ سِيَريَّةٍ ، كأنَّها - على حدِّ تعبيرِ رياضِ الصَّالحِ الحُسين ، في الدِّراسَةِ الوَحيدَةِ التي كتبَهَا - تُؤرشِفُ حياتَنَا اليوميَّةَ .
يتدفَّقُ الأداءُ الحِكائيُّ لِلخِطابِ الشِّعريِّ ، ببسَاطةٍ ، تُخْفِي وَعْيًا تنظيميًّا دقيقًا يُقيمُ شِعريَّةَ السَّطحِ بعُمْقٍ وَإحِكْامٍ ، وَ" دِقَّةِ صَائغٍ يتظَاهَرُ بأنَّهُ لاعِبُ أكروباتٍ " ، على حدِّ تعبيرِ عبَّاس بيضون . بذكاءٍ شديدٍ يختارُ مُنذرٌ التَّفاصِيلَ الحَياتيَّةَ الدَّالةَ في بناءِ الخِطابِ الشِّعريِّ الحِكائيِّ ، كمَا في هذا النَّصِّ :
" في
بيروتَ
سَبَحَ كالإنكليزِ
وَلمْ يَخْجَلْ
يقرُصُ الفتاةَ منْ ظَهْرِهَا
وَيغْطَسُ
فترَاهُ وَتَصِيْحُ :
(سَرْطَعُون سَرْطَعُون!)
عَمِلَ سَاقيًا فترَةً غيْرَ مُحَدَّدةٍ
لأمريكيَّةٍ
وَضَعَتْ يَدَهَا على ...
وَلمْ تطلُبْ سِوَى كُوكاكولا
وَالفَرَنْسِيَّةُ القَصِيرَةُ
فَتَحَتْ له البَابَ
وَهِيَ عَاريَةٌ ! .
أدْهَشَ الجَميْعَ
وَسَألَ الإيطاليَّ ذَا اللحيَةِ
بلغَةٍ إيطاليَّةٍ سَليمَةٍ مِئْةً بالمِئَةِ
تعلَّمَهَا عِنْدَمَا عَمِلَ مُسَاعِدَ طبَّاخٍ إيطاليٍّ
في إحْدَى السُّفنِ اليونانيَّةِ :
(مَاذَا تُفضِّلُ على العَشَاءِ يَا سِنيور؟)
وَرَفَضَ البقشِيشَ بالطَّبعِ
لأنَّهُ أيُّهَا الصَّديقُ
يعتبرُ نفسَهُ
سَائحًا أيضًا .
عَادَ أخيرًا
بلهجَةٍ ممطوطَةٍ
وَبنْطَالٍ ضَيِّقٍ بلا جيوبٍ
لكنَّهُ تعلَّمَ كثيرًا
يقولُ وَدَاعًا بسهولَةٍ
هَكَذا الحَيَاةُ في
بيروتَ
."
على هذا النَّحوِ منْ الأدَاءِ الشِّعريِّ ، يجنَحُ الخِطَابُ الشِّعريُّ إلى إنجَازِ الأداءِ الحِكائيِّ المَعِيشِ ، بلُغةِ الحَيَاةِ المَعِيشَةِ ، مُلتَحِمًا بشفاهيَّةِ الأداءِ اللغويِّ وتداوليَّتِهِ وَنَبَرَاتِهِ ، كَمَا في قوْلِهِ :
" لسْتُ مِمَّنْ يجلِسُونَ وينتظرونَ
بفارغِ الصَّبرِ
يَوْمًا كَهَذا
وَلسْتُ مِمَّنْ يَرْمُونَ مَا بأيديهِمْ
على عَجَلٍ
وَيَخْرُجونَ لملاقاتِهِ
غَيْرَ أنِّي أعْلَمُ
لو قَضَيْتُ حَيَاتي
وَأنَا أرْكُضُ بسُرْعَتِي القُصْوَى
في الاتِّجَاهِ (ب)
وَانْطَلقَ هُوَ مُنْذُ لحْظَةِ ولادَتِي
في الاتِّجَاهِ المُعاكِسِ
أنَّهُ ... في الدَّقيقَةِ (س)
عِنْدَ النُّقطَةِ (ع)
سَنَلْتقِي ."
وقد جَنحَتْ تجربَةُ مُنذر مِصْري ، بشكلٍ وَاضحٍ ، منذُ البدايَةِ ، إلى شِعريَّةِ الحَيَاةِ اليوميَّةِ المَعِيشَةِ ، بسرديَّاتِهَا المَشْهديَّةِ الدَّالةِ ، وَمَجازِهَا البَصَريِّ ، وشِعريَّةِ المَوقفِ السَّرديِّ المُحْكَمِ ، وَجَمَاليَّاتِ الصُّورَةِ السَّرديَّةِ وَالصُّورَةِ البَصَريَّةِ ؛ المُتشكِّلةِ منْ تفاصِيلِ الوَاقِعِ الشَّخصيِّ المَعِيشِ ، والسرد الشعري الشفاهي ، في أداء مقتصد ورهيف ؛ فَالمَنْطِقَةُ الأثيرَةُ لاكتشافِ الشِّعرِ لديْهِ هِيَ تَفَاصِيلُ الوَاقعِ المَعيشِ ، بَلْ إنَّ بعضَ نُصُوصِهِ هِيَ قَصٌّ خَالصٌ ، أتَى في أدَاءٍ شِعريٍّ ، كَمَا في هَذا النَّصِّ المُعَنونِ بِ"ضَجَّةِ الضَّوءِ " :
" لا خَبْطَة البَابِ مَرَّتينِ ، كي يُغْلَقَ
وَلا قَرْقَعَة الضَّحِكاتِ
الَّتي لا يُمْكنُ الإمسَاكُ بِهَا
وَلا صَرير السَّريرِ
وَلا حَتَّى الحَشْرَجَات
بَلْ الضَّوءُ
ضَجَّةُ الضَّوءِ
هِيَ مَا أيقظَ آندِي .
( مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الغَريْبُ يَا أمِّي ؟)
( إنَّه ليسَ غَريبًا يَاآندِي
إنَّه عمُّكَ الَّذي حَدَّثتُكَ عَنْهُ
قُلْ لَهُ : هَالو يَا آندِي )
(هَالو يَاعَمُ
وَلكنْ مُنْذُ مَتَى يَا مَامَا
تَنَامِيْنَ مَعَ الأعْمَامِ ؟) "
ثمَّةَ تركيزٌ وَاضِحٌ على الفِعْلِ السَّرديِّ ، عَبْرَ سَاردٍ عَليمٍ بتفاصِيلِ المَشْهَدِ السَّرديِّ الخَارجِيِّ وَبدَاخِلِ الشَّخصيَّةِ ، وَلا يَكْتَفِي السَّردُ الشِّعريُّ ، هُنَا ، بِإقامَةِ المَوقِفِ السَّرديِّ ، وَإحْكامِ بِنائِهِ ، وَإنَّمَا يُضَمِّنُهُ الحِوَارَ ؛ إمْعَانًا في مُعَايشَةِ الحِكايَةِ ، وَالتحامًا بشِفَاهيِّتِهَا ، في أدَاءٍ لغَويٍّ دَقيْقٍ ، وَمُتَخَفِّفٍ مِنْ آليَّاتِ المَجَازِ الجُزْئيِّ البَلاغِيِّ ، وَمَبْنَى حِكائيٍّ مُحْكَمٍ ، تَأتِي خَاتمَةُ النَّصِّ فيْهِ ، عَبْرَ بنيَةِ المُفَارَقةِ ؛ لِتُفَجِّرَ المَوْقف شِعريًّا ، بِشَكلٍ كَامِلٍ .
وَثمَّةَ حِرْصٌ وَاضِحٌ على التَّبئيرِ الخَارجِيِّ ، عَبْرَ رَصْدِ تفاصِيلِ الحِكايَةِ ، وَعَناصِرِ المَشْهَدِ السَّرديِّ المَعِيشِ .
وَتَتَّضحُ هَذهِ الخَاصِيَّةُ السَّرديَّةُ شِعْريًّا، كَذَلكَ ، في نََصٍّ آخَرٍ ، بِعُنوانِ :" نَظَرَات مُوْجِعَة "، يَتَعَالَقُ مَعَ هَذَا النَّصِّ ، َويَأتِي مِنْ مَنْظُورِ الأمِّ ، وَعَلى لِسَانِهَا ؛ مُحْتَشِدًا بِالتَّفاصِيْلِ الحَيَاتيَّةِ المَعيشَةِ ، في شَكْلِ منُولُوجٍ دَاخِليٍّ ، وَسَرْدٍ اسْتذْكَارِيٍّ ، جَاءَ عَلى هَذَا النَّحوِ :
" بَعْدَ أنْ اسْتَيْقَظَ آندِي
وَرَآنِي
لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَيءٌ في العَالَمِ
تَقُولُهُ أوْ تَفْعَلُهُ
يَسْتَطيْعُ أنْ يُعِيدَهُ إلى النَّومِ
أوْ يُوقِفَهُ عَنْ الصُّرَاخِ
حِيْنَ تُطْفِىءُ تِريزكا
الضَّوءَ .
لا سَاعَةُ اليَدِ الفُسفُوريَّةُ
وَلا النُّقودُ
وَلا القُبُلاتُ
وَلا الأكَاذِيبُ
اسْتَطَاعَتْ أنْ تُسْبِلَ
النَّظرَاتِ المُوجِعَةَ
الَّتي رَاحَ آندِي يَرْمِينِي بِهَا
وَهُوَ يَشْهَقُ
بِكَامِلِ جَسَدِهِ
وَحِيْنَ غَادَرَتْ تِريزكا الفِرَاشَ
لِتُحْضِرَ لَهُ مِنَ المَطْْبَخِ
كُوْبًا سَاخنًا مِنْ الحَليْبِ
هَبَّ فَجْأةً عَنْ سَريرِهِ
وَرَاحَ يُجَمِّعُ بِيَديْهِ الصَّغيرتَيْنِ
قِطَعَ النُّقودِ المَعْدنيَّةِ
الَّتي رَمَيتُهَا لَهُ
وَهُوَ يَنْظُرُ إليَّ
مُبْتَسِمًا . "
هَكَذَا يُؤسِّسُ مُنْذر مِصْري مَنْظورًا سَرديًّا آخَر ، لِذَاتِ الحِكَايَةِ الشِعريَّة ، بِذَاتِ الأدَاءٍ الشِّعريِّ ؛ الَّذي يَكْشِفُ عَنْ اسْتِيعابِ آليَّاتِ البِنيَةِ السَّرديَّةِ ، وَاسْتِخدَامِهَا شِعريًّا ، كَاشِفًا عَنْ شِعريَّةِ التَّفاصِيْلِ الحَيَاتيَّةِ المَعِيْشَةِ البَاذِخَةِ .
وَأحْيَانًا يَأخُذُ السَّردُ الشِّعريُّ طَابَعِ السَّرْدِ المُذَكَّراتِيِّ ؛ سَرْدِ السِّيْرذَاتِيِّ ؛ الَّذي يَتمُّ فيْهِ تَدويْن تَفَاصِيلِ المَوَاقِفِ الحَيَاتيَّةِ الشَّخصيَّةِ العَاديَّةِ ، غَيْرَ أنَّ الشَّاعرَ السَّاردَ يَقومُ بِتَفْجيْرِ النَّصِّ دلاليًّا ، في خَاتمَةِ النَّصِّ ، بِمَا يُحَقِّقُ شِعريَّةَ الأدَاءِ السَّرديِّ ، كُلِّيَّةً ، كَمَا في نَصِّ :" سُجُق مَعَ البَيْضِ على الفُطُور" ؛ الَّذي جَاءَ على هَذَا النَّحوِ :
" لَمْ أنَمْ جَيِّدًا وَاسْتَيْقظْتُ في الليْلِ
مَرَّاتٍ كَثيْرَةً
آخِرُهَا في الخَامِسَةِ فَجْرًا
كَمَا لَوْ أنَّنِي
مُزْمِعٌ على سَفَرٍ .
قَلَيْتُ سُجُقًّا مَعَ البَيْضِ
وَازْدَرَدْتُ فُطُورِي
وَأنَا أهُزُّ رَأسِي
أسْتَطيْعُ أنْ أجِدَ حُلولاً لِكُلِّ مَشَاكِلِي
وَلَوْ سَيِّئةً .
مُنْذُ أسْبُوعَيْنِ لَمْ تَصِلْنِي
رسَالةٌ مِنْ أحَدٍ
اليَوْمَ
وَصَلَتْنِي رِسَالةٌ مِنْ مَاهر وَرِسَالَةٌ مِنْ ثَنَاء
وَأخْرَى مِنْ مَرَام
وَرِسَالتَانِ مِنْ مُصْطَفى
خَمْسُ رَسَائلَ تَخْتَلفُ عَنْ بَعْضِهَا
في كُلِّ شَيءٍ
كَاخْتِلافِ أصْحَابِهَا
في كُلِّ شَيءٍ
لَكنَّهَا تَشْتَركُ مَعًا بِشَيءٍ وَاحِدٍ
جَمِيْعُهُمْ مُحْبَطُونَ .."
يَسْتَثْمرُ مُنْذر مِصْري – عَلى هَذَا النَّحوِ – طَاقَاتٍ السِّيرَةِ الذَّاتيَّةِ ، وَتَفَاصِيْلَ التَّاريخِ الشَّخصِيِّ الخَالصِ ، في تَشْكيْلِ بنيَةٍ شِعريَّةٍ دَالَّةٍ ؛ تَسْتَندُ عَلى بَلاغَةِ الوَقَائِعِيِّ الشَّخصِيِّ .
هَكَذَا يُرَاهنُ مُنْذر مِصْري عَلى شِعريَّةِ الحَدَثِ المَعِيشِ ؛ بسَرْديَّاتِهِ الحياتيَّةِ الحَميْمِةِ ، وَعَلى شِعْريَّةِ المَوقِفِ السَّرديِّ ، وَبَلاغيَّةِ الصُّورَةِ السَّرديَّةِ ، وَالأدَاءِ البَصَريِّ ، وَهَذِهِ السِّمَاتُ الأسَاسِيَّةُ جَعَلَتْ مِنْهُ أحَدَ المُشَاركِيْنَ الأسَاسِيِّينَ في تَشْكيْلِ مَعَالمَ المَشْهَدِ الشِّعريِّ الجَديْدِ ، بِخِطَابٍ مُرْهَفِ الإنْسَانيَّةِ ، في فَضَاءِ القَصيْدِ النَّثريِّ العَرَبيِّ .
الهَوامِش :
مُنْذر مِصْري – لأنَّني لسْتُ شَخْصًا غَيْري " مُخْتَارَاتٌ شِعْريَّةٌ " – آفَاقٌ عَرَبيَّةٌ ، العَدد -122- الهيئَة العَامة لِقُصُورِ الثَّقَافَة – 2009 – ص ص : 59 - 60 .
السَّابق - ص ص : 164- 165.
السَّابق - ص ص : 175 - 176 .
السَّابق – ص ص : 177- 178 .
السَّابق – ص ص : 179 – 180 .
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
السرديات والرواية الإماراتية
شريف رزق: «عصابات» تدير المشهد الثقافى فى مصر
كثافةُ الحضورِ الإنسانىِّ فى تجربةِ وديع سَعادة
هيمنة الخيال الحر ملامح الخطاب الشِّعرىِّ فى تجربة صلاح فائق
طارق إمام بعد تسلمه جائزة متحف الكلمة العالمية
»ضريح أبي« نبعت من الثقافة الشعبية
أبلغ عن إشهار غير لائق