عندما يذكر أسم اسكتلندا ،أو "أرض الهائمين" كما تعنى باللغة "الغيلية" ،تتداعى فى أذهان الكثيرين مجموعة من الصور لتلال خضراء وبحيرات ساشعة وقلاع قديمة ورجال ب"تنورات من قماش الترتان بمربعات أحمر فى أزرق" ينفخون فى ارب تصدر موسيقى شجية.. وربما صورة الممثل الأمريكى ميل جيبسون بشعر طويل وعلى وجهه لونا العلم الاسكتلندى الأزرق والأبيض وهو يجسد شخصية ويليام واليس بطل الاستقلال الاسكتلندى فى فيلم "قلب شجاع"...صور تلخص الطابع الفريد والأسطورى لذلك البلد الذى يشغل الثلث الشمالى من الجزر البريطانية ويمتد على مساحة 78،7 كيلومتر مربع ووضع مصيره ومصير بريطانيا العظمى فى كفة الميزان قبل أيام من خلال استفتاء على الاستقلال هبة الطبيعة تتمتع اسكتلندا بمناظر طبيعية خلابة تجمع بين الجبال والتلال والوديان والغابات والبحيرات والجداول المائية.وتضم 790 جزيرة 130 منها فقط مأهولة بالسكان. وربما كان هذا التنوع الجغرافى و المساحات الشاسعة الممتدة والطقس الضبابى المطير والغموض الذى يكتنف المناطق غير المأهولة سببا وراء انتشار العديد من الأساطير فى اسكتلندا .أساطير تتحدث عن مخلوقات خارقة وقوى سحر شريرة وأبطال ،وأشهرها اسطورة"وحش بحيرة نس" والتى ترجع إلى 1500 عام وتحكى أن وحشا ضخما يسكن البحيرة يطل برأسه بين الحين والآخر ليلتهم أحد المزارعين. وربما كانت تلك المساحات المفتوحة والثروات الطبيعية ما جعل اسكتلندا مطمعا للغزاة بدءا بالايرلنديين ثم الفايكنينجز (غزاة من الدول الاسكندفانية) والرومان وأخيرا الانجليزفى 1296 والذى تلاه عدد من الحروب وحركات الاستقلال انتهت بتوقيع اتفاق الوحدة بين البلدين فى عام 1707 لتكتمل دولة بريطانيا العظمى التى تضم انجلترا واسكتلندا وويلز وايرلندا الشمالية،ورغم ذلك بقى النظام القضائى فى اسكتلندا مستقلا .وقد لعب استمرار استقلال القضاء والتعليم والمؤسسات الدينية فى اسكتلندا عن مثيلاتها فى المملكة المتحدة فى الحفاظ على الهوية القومية والحضارة الاسكتلندية . صورة نمطية عدد سكان اسكتلندا خمسة ملايين يعيش الثلثان منهم فى منطقة الأراضى المنخفضة وتحديدا فى جلاسكو أكبر المدن الاسكتلندية وأدنبرة العاصمة وثانى أكبر مدينة.ويتميز الاسكتلنديون بالحس الوطنى العالى وربما كان هذا هو الدافع وراء رغبتهم العارمة فى الاستقلال.ولكن للأسف الصقت بهم الكثير من الصور النمطية التى كثيرا ما صورت الاسكتلندى على أنه شخص ريفى أصهب عنيد حفيد الفايكينج يعاقر الويسكى ويرتاد الحانات.وربما ساهم فى تثبيت هذه الصورة النمطية فى الأذهان السلوكيات السلبية لبعض مشجعى كرة القدم الاسكتلنديين من مثيرى الشغب. وان كان لا يمكن اغفال أن هناك ارتباطا بين العنف وكرة القدم فى اسكتلندا لدرجة أن كثير من الحانات فى مدينة جلاسكو على سبيل المثال تعلق لافتات تحظر ارتداء ملابس ذات ألوان لها علاقة بفرق كرة القدم تحسبا لاندلاع شجارات عنيفة.ولكن فى الحقيقة تشير الدراسات إلى أن الاسكتلندى عادة مايكون مهذبا ولكنه متحفظ، صريح وجسور، انفعالى ويميل إلى تصديق الخرافات ويقدر الطعام كثيرا خاصة الذى يحتوى على اللحوم والدهون والسكريات. ومن المكونات الرئيسية فى الطعام والشراب الاسكتلندى الشوفان والبطاطس والشعير.ومن أشهر الأطباق "هاجيس" عبارة عن خلطة من قلب وكبد ورئة الخروف يضاف إليها البصل والشوفان والأعشاب وتحشى فى امعاء الخروف ثم تسلق. وتقدم مع اللفت المهروس .كما تعمر المائدة الاسكتلندية بالكثير من اطباق الأسماك والمأكولات البحرية وفى مقدمتها السلمون.هذا بالاضافة إلى الفطيرة الاسكتلندية وكعك الشوفان وحلوى الشورتبريد. مسقط رأس المخترعين ومثلما يعتز الاسكتلنديون كثيرا بوطنهم يفخرون بالمخترعين والمبتكرين الذين ينتمون له ومن أبرزهم جراهام بل مخترع التليفون و جون لوجى بايرد مخترع التلفزيون وفلمينج مخترع البنسلين وجون شيبرد بارون مبتكر نظام ايه تى أم للصرف الآلى .ولا ينسى الاسكتلندى أن يذكرك بأن موطنه هو مهد لعبة الجولف الحديثة التى ابتكرها الاسكتلنديون فى القرن الخامس عشر وانتشرت بشدة لدرجة أن الملك جيمس الثانى أصدر قرارا ملكيا بحظر اللعبة تحت دعوى أنها تلهى الرجال عن التدريبات القتالية استعدادا للحرب.