أدركت أمريكا والغرب أن ما يسمى بالدولة الإسلامية هو عدوها الأول، وأن تكرارا لأحداث سبتمبر 2001 ليس ببعيد. والإرهابى الذى ظهر ملثما فى فيديو ذبح الصحفى الأمريكى جيمس فولى تحدث بلهجة بريطانية، ورجح رئيس الوزراء البريطانى دافيد كاميرون أن يكون بريطانى الجنسية، وهناك أربعمائة بريطانى يقاتلون فى صفوف الدولة الإسلامية، يقتلون ويحتزون الرقاب، ومعهم المئات من سائر دول أوروبا واستراليا والدول العربية، وتتحسب أمريكا وأوروبا ليوم عودة هؤلاء لبلادهم، وأى إرهاب سينشرونه هناك. وقد كشف وزير الدفاع الأمريكى عن فشل محاولة الجيش الأمريكى تحرير الصحفى الذبيح، وأوضح جليا أن خطر الدولة الإسلامية على مصالح أمريكا فى المنطقة، وعلى أمنها القومى داخل حدودها، يتضاءل أمامه خطر القاعدة، وشاءت أمريكا أم أبت، فهى اليوم فى مواجهة مباشرة مع الإرهاب المتأسلم، ليس دفاعا عن حلفائها فى المنطقة فحسب، بل ودفاعا عن نفسها أيضا. وليس أمام أمريكا إلا أن تعيد صياغة موقفها من مصر فى حربها ضد الإرهاب، وعليها أن تدرك أن جماعات الإسلام السياسى ما هى إلا نسيج واحد مختلف ألوانه وأسماؤه، ولو وصلت داعش الى حدود مصر وتصدى لها جيشها، فلن يأمن هذا الجيش أن يعطى ظهره لفصائل ما يسمى بالإسلام السياسى فى مصر، لأن قلوبهم مع داعش، وسيوفهم ستكون كذلك. وعلى أمريكا أن تتوقف عن مناوأة مصر فى حربها ضد الإرهاب المتلفح بالدين، وعليها أن تقصى الأراجيف كتقارير فض رابعة جانبا، فلقد استشاطت أمريكا كلها غضبا لمرأى مواطن واحد أمريكى يذبح، فماذا كانت لتصنع لو رأت مصارع جنودها وذبح رجال شرطتها كما حدث فى رفح وكرداسة والفرافرة.. إن عليها أن تأخذ بالحقائق وتذر الأوهام، وعليها أن تعيد تقدير مواقفها وتقف وراء مصر بكل قوتها فى حربها ضد الإرهاب سواء فى سيناء أو الوادي، فمصر هى خط الدفاع الأخير، ليس عن الشرق فقط، ولكن عن أوروبا وأمريكا، ولن تتحطم موجة إرهاب داعش إلا بمصر، كما تحطمت من قبل عليها موجات المغول، هذه هى الحقيقة، ولن تفر أمريكا وأوروبا من إدراكها. د. يحيى نور الدين طراف