لقد أثنى الله تعالى فى كتابه الكريم على المنفقين المخلصين وذم المنفقين المانين والمرائين، فقال سبحانه: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ «قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ» يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِى يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ). أما مجرد أن يحدث المتصدق نفسه بأنه أحسن إلى فلان، أو إحساسه بعلو فى نفسه، أو أنه فعل ذلك ليقال كذا أو نحو ذلك، دون أن يتكلم ، ولا يعمل بمقتضى ما أحس به فى نفسه فلا شيء فيه، فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتى ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. المن بفعل الخير يفسد الثواب ويقول الدكتور حامد ابو طالب عميد كلية الشريعة والقانون السابق، لقد تفشى الكثير من الأمراض النفسية والأدبية لدى الشعب المصرى ومن هذه الأمراض التى تفشت فكرة المن بالخدمات ذلك انه أصبح من المعتاد ان يقدم شخص خدمة لإنسان آخر لقريب او لجار او لصديق او لطالب لديه وبعد ان يؤدى هذه الخدمة لوجه الله اذ به يشيع هذا المعروف ويقوم بنشره بين الناس ممتنا لما فعل ولما قدم لهذا الصديق والواقع ان إفشاء هذه الخدمة تمثل ضررا والما للشخص المخدوم ويذهب بثواب الخدمة ولذلك الاسلام يأمر بعدم اتباع الصدقات بالمن والاذى وذلك لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِى يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) وشبه بمن ينفق ماله ليس فى سبيل الله وانما رياء وكذبا والرياء يفسد الاعمال ومن ثم فهذا الشخص الذى يفشى خدمته لزميله او صديقه او قريبه يذهب حسناته التى سينالها لقضاء هذه الخدمة وقضاء الخدمة له ثواب والمن بهذه الخدمة يذهب بهذا الثواب. وناشد ابو طالب اهل الخير لبلادهم وأقاربهم وجيرانهم الا يمتنوا عليهم ولا يفشوا هذا السر لأنه يمثل اذلالا لهذا الشخص ويكسر نفسه، وكما يجب على العلماء والدعاة ووسائل الإعلام ان تتصدى لمثل هذه الأمراض التى انتشرت فى المجتمع بسهولة وهدوء وتنتقل من شخص لشخص فى هدوء وتعم المجتمع جميعا فعلى العلماء توضيح مثل هذه الامراض وعلى وسائل الإعلام أن تتيح هذه الفرصة لنشر هذه المعلومات. دور علماء الدين فى التوعية وفى سياق متصل. يطالب الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم عميد كلية أصول الدين بأسيوط، علماء المسلمين بالتنبيه على خطورة هذه الكبيرة التى يصنعها بعض الناس دون ان يعتبروا أنفسهم وقعوا فى اثم عظيم وعليهم ان يبينوا للناس عظم هذا الجرم وان من الخطورة بمكان ان يموت الإنسان وهو مرتكب لأى كبيرة من الكبائر وان يشجعوا الناس على الإخلاص لله عز وجل لان من اخلص عمله لله عز وجل فإنه لا يمن على الآخرين بالنعم كما يجب عليهم ان يبينوا للناس ان كل النعم التى عليهم والتى اعطوا منها للآخرين انما هى من الله عز وجل وقال تعالى (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ) ومن هنا فالمؤمن الحق اذا أعطى لأخيه شيئا من المال او ساعده أى مساعدة كانت فإن عليه ان يشكر الله تعالى الذى وفقه لذلك الخير لان النبى صلى الله عليه وسلم يقول : خير الناس أنفعهم للناس .