بمناسبة بدء دخول المشروع القومى العملاق لحفر قناة جديدة ترفع كفاءة الحركة بقناة السويس، استَرْجَعتْ ذاكرتى فترة مشابهة، فترة بناء السد العالى بأسوان، والتى شهدت احتشادا وطنيا حكوميا وشعبيا لدعم ذلك المشروع العظيم. تذكرت ما قامت به وزارة الثقافة وقتها تحت لواء المثقف الفنان الراحل ثروت عكاشة، صاحب الخيال الخلاق المبدع، وايفاده لأفواج من المبدعين (مثقفين، وادباء، وفنانين ) لموقع بناء السد العالى ليتعايشوا مع الحدث المبهر ويتابعوه عن قرب، لفترة تزيد على الاسبوعين، كما لا ننسى أنه أوفدهم ايضا الى النوبة قبل أن تغرق مساحات كبيرة منها تحت مياه بحيرة السد، لينطبع فى وجدانهم تأثيرات يجب الحفاظ عليها قبل تغير ملامح تلك المنطقة، وليسجلوا بأدواتهم تلك الانطباعات،ليس فقط لجيل زمانهم بل وللأجيال المتعاقبة بعد ذلك. هكذا يجب أن تكون رؤية وزارة الثقافة ودورها، فلديها من الامكانات ما يساعد على تحفيز المبدعين وتشجيعهم لتعميق التفاعل مع الاحداث الوطنية المهمة، فهم القادرون على ترجمة انطباعاتهم واحاسيسهم فى أعمال ابداعية أدبية وفنية، ليس بالضرورة أن تكون آنية الحدوث، وانما ستظهر تباعا، وباشكال مختلفة،غير مباشرة أطالب بقيام وزارة الثقافة تحت رئاسة الدكتور جابر عصفور، وهو قطب من أقطاب الثقافة فى مصر، اقامة معسكر فى موقع قريب من منطقة حفر القناة الجديدة، يستقبل أفواجا من المبدعين، تتكفل الوزارة بسبل نقلهم واعاشتهم لفترة مناسبة من الوقت لا تقل عن اسبوع، حتى يندمجوا فى مناخ تلك الملحمة الوطنية التى سيمتد أثرها لأمد طويل فى المستقبل. يقينى أن تنظيم مثل تلك الافواج ستتجلى تأثيرتها تباعا، خاصة أنه فى زماننا المعاصر اصبح التعبير فنيا بوسائط الديجيتال امرا متاحا الى جانب الوسائط التقليدية المعروفة، ورجائى الا أسمع اصواتا تقول إن الاعلام قادر وحده على مهمة حشد طاقات المجتمع، وتغفل دور الاعمال الفنية الابداعية التى لها دور مكمل للتعبير عن حركة المجتمع وتفاعله مع حدث تاريخى كتطوير منطقة قناة السويس.
