تبادل الزيارات من أهم وسائل تعزيز العلاقات بين الأفراد والأسر.. وبين الشعوب والدول، وسواء كانت الزيارات اجتماعية أو رسمية فإن لها الكثير من القواعد والمراسم التى يتعين على الضيف و المُضيف احترامها من أجل أن تُحقق الزيارات أهدافها فى توثيق العلاقات، وإحداث أثر نفسى إيجابى فى نفوس الطرفين تكون له انعكاساته وثماره عليهما معاً. إلا أن الأكثر تأثيراً من هذه القواعد والمراسم أثناء الزيارات هو المبالغة فى تجاوزها لما هو أفضل منها، على سبيل المجاملة والاستثناء للإعراب لبعض الضيوف عن مكانتهم المميزة، والحرص على راحتهم وتكريمهم. وتبدأ هذه المجاملات من بطاقة الدعوة نفسها فى الزيارات الاجتماعية، حيث تحمل بطاقات الدعوة رموزاً طريفة تدل على الأناقة ومكانة المدعو، فعند ثنى البطاقة من أعلى طرفها الأيسر فهذا يعنى أن المدعو له مكانة أرفع من سائر المدعوين الذين تم ثنى طرف البطاقة الموجهة إليهم من أسفل اليسار، وفى الزيارات الرسمية والاجتماعية معاً يكون أسلوب توصيل الدعوة له دلالة على مكانة المدعو والرغبة فى تكريمه. الأمر نفسه خلال الزيارة، ففى الزيارات الاجتماعية يتم تبادل الهدايا ذات المغذى الرمزى، والتخفيف بقدر كبير من قواعد الاتيكيت الخاص بالزيارات، والتنقل بين أماكن مريحة بالمنزل أو حديقته، وتعريف الضيف بأفراد أسرة الداعي، وأيضاً التبسط فى الحديث وفى الملابس وفى غير ذلك. وفى الزيارات الرسمية للمسئولين بين الدول توجد الكثير من أوجه المجالات المماثلة التى تعبر عن مكانة الضيف لدى الدولة المضيفة. ومن ذلك على سبيل المثال منح الأوسمة، مثل ما حدث من جانب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتقليد الرئيس عبد الفتاح السيسى أرفع وسام سعودى (قلادة الملك عبد العزيز) خلال أول زيارة له إلى السعودية، رغم أن الزيارة نفسها لم تستغرق سوى ساعات ولم تكن زيارة دولة بالمعنى المتعارف عليه. فى الوقت نفسه، فقد حفلت زيارة الرئيس السيسى إلى روسيا بالعديد من لفتات وملامح التكريم ومحاولة التعبير عن العلاقات الحميمة بين البلدين وعلاقات الود بين زعيمى البلدين. وبدأت لفتات المجاملة من إتمام الزيارة نفسها فى فترة أجازة الرئيس الروسى والتى لا يستقبل خلالها عادة زيارات رسمية لقادة دول أخرى.. وكانت دعوته واستقباله للرئيس السيسى استثناء من قبيل المجاملة والاهتمام، ثم من لحظة دخول الاراضى الروسية حيث اصطحبت طائرة الرئاسة المصرية طائرتان من سلاح الجو الروسى فى مهمة تشريفية للضيف الكبير ..وعند الوصول إلى المطار تم تجاوز البروتوكول الروسى بأن يستقبل ضيوف روسيا فى مطار سوتشى مسئول بدرجة سفير.. حيث قام وزير الخارجية الروسى باستقبال الرئيس السيسى بالمطار.. ثم ظهر هذا الود أيضاً مع الرئيس الروسى فيلاديمير بوتين فى اصطحابه للرئيس السيسى فى جولة بالملابس غير الرسمية فى منتجع سوتشى، وتبادل التحية مع المواطنين الروس.. وظهر التكريم أيضاً فى الجولات الأخرى لإطلاع الضيف المصرى الكبير على أفضل ما لدى روسيا من أسلحة ومعالم وطنية فى هذه المنطقة.. ثم ظهر أيضاً خلال تبادل الهدايا حيث اختار الرئيس الروسى هدية تجسد عظمة مصر وعراقة حضارتها (وليس عظمة بلاده روسيا كما هو معتاد) فأهدى الرئيس السيسى مركباً فرعونياً أثرياً لا يقدر بثمن.. قرر الرئيس بعد عودته إيداعه فى متحف قصر عابدين ليكون ملكاَ للشعب. ولا شك أن لفتات المجاملة والتكريم كان لها أثر فى نجاح أهداف الزيارة وما تضمنه جدول أعمالها من اتفاقات تعاون فى مجالات عديدة.. على نحو ما تأكد فى المؤتمر الصحفى بين الرئيسين.