عرف العالم تبادل الزيارات بين الحكام والملوك ورؤساء الدول منذ مئات السنين، ويحفل التاريخ بالكثير من قصص هذه الزيارات بسبب ماصاحبها احيانا من مظاهر الابهة، أو ماتمخض عنها من نتائج وتحالفات ومصالحات غيرت مسار التاريخ. ولكن، منذ بداية النصف الثانى من القرن العشرين، أصبحت دبلوماسية القمة أكثر انتشارا وشيوعا، بسبب تطور وسائل المواصلات وسهولة انتقال القادة فى ساعات قليلة من بلد لآخر. ورغم أهمية هذه الزيارات الرئاسية .. إلا أن نجاحها يتوقف على أمرين هما : التحضير الجيد للموضوعات التى تتناولها مباحثات القادة ، وذلك من خلال الوزراء والجهات المعنية فى الدولتين، والامر الثانى هو دقة ونجاح الترتيبات البروتوكولية الخاصة بالزيارة، والتى تجعل منها مناسبة لتعزيز العلاقات وإشعار الضيف بأهمية ومكانة شخصه ودولته لدى الدولة المضيفة. لكل ذلك، ترسخت العديد من القواعد والمراسم الخاصة بزيارات القادة والرؤساء. وقبل الحديث عن أبرز هذه القواعد ، يجب الاشارة الى ان الكثير من زيارات العمل بين القادة تتم فى أحيان كثيرة بشكل سريع، وتخضع لمراسم مختصرة، واحيانا تكون الزيارة غير معلن عنها مسبقا، أو زيارة عاجلة لبضع ساعات ، او لحضور مؤتمر أو احتفال أو لواجب عزاء..وفى مثل هذه الزيارات لايتطلب الامر ولايسمح الوقت بالتمسك بكل القواعد الصارمة بشأن مراسم الزيارات. فالزيارة الرئاسية الرسمية تكون مدتها غالبا ثلاثة ايام، وتتم بناء على دعوة من رئيس الدولة المضيفة، وتتولى ادارات المراسم فى رئاسة الدولتين الاتفاق مسبقا على جميع تفاصيل الزيارة وبرنامجها بدقة ، ومواعيد الوصول والمغادرة واسماء المرافقين للرئيس الضيف ووظائفهم ودرجاتهم، وما اذا كانت الزيارة سوف تتضمن تبادل الاوسمة أم سيكتفى بتبادل الهدايا التراثية والرمزية.. وتكاليف الزيارة تكون على نفقة الدولة المضيفة الا اذا اتفق على تحمل الضيوف بعض النفقات الفرعية والاضافات الخاصة بهم. وتزين ساحة المطار والشوارع التى سيمر بها موكب الضيف بأعلام الدولتين، ويقوم الرئيس المضيف باستقبال الضيف فى المطار، و يقيم له مراسم استقبال رسمى . ( فى بعض الدول لايتم الاستقبال الرسمى فى المطار، وفى دول أخرى توجد قواعد تحدد مستوى استقبال القادة الزائرين فى المطار ..ولكن الاساس فى كل الاحوال أن تطبق هذه القواعد بالمساواة بين جميع الرؤساء الزائرين لنفس الدولة.) ولاشك أن مستوى الاستقبال أمر مهم يتعلق بمكانة الدولة ، لذلك يحرص الرؤساء على عدم التهاون فيه، او القبول بأقل مما يتبع مع غيرهم من رؤساء الدول الاخرى الزائرين لنفس الدولة. وتتضمن مراسم الاستقبال الرسمى ( وكذلك الوداع ) وقوف الرئيس المضيف قرب طائرة الضيف التى يصعد إليها رئيس المراسم وسفير دولته لاصطحابه إلى مكان الرئيس المضيف الذى يصافحه ويصطحبه الى منصة الشرف حيث يتم عزف السلام الوطنى لدولة الضيف أولا ثم للدولة المضيفة، ثم يتم استعراض حرس الشرف ومصافحة كبار المستقبلين مثل مسئولى الدولة المضيفة كرئيسى الحكومة والبرلمان والوزراء، وكذلك بعض رؤساء البعثات الدبلوماسية الذين تتم دعوتهم احيانا لحضور حفل الاستقبال، كما يصافح الرئيس الضيف اعضاء سفارته الذين يصطفون فى استقباله..وتتضمن مراسم الاستقبال الرسمى اطلاق المدفعية 21 طلقة تحية للرئيس الضيف. بعد استراحة قصيرة فى قاعة الشرف، ينطلق موكب الرئيسين ويستقلان غالبا سيارة الرئيس المضيف ( أحيانا يوضع علم دولة الضيف على مقدمة السيارة الى اليمين بدلا من علم الدولة المضيفة زيادة فى التكريم)، ويتوجه الموكب الى مقر اقامة الضيف الذى يخصص احد القصور الرئاسية لاقامته، وتتولى بعثة شرف رسمية برئاسة احد الوزراء مرافقة الرئيس الضيف طوال زيارته. ( تلغى مراسم الاستقبال الرسمية – والتوديع – إذا كان وصول الضيف – او مغادرته – خلال الليل ويستعاض عنها باستقبال وتوديع هادئين). يقيم الرئيس الضيف مأدبة عشاء رسمية للرئيس الزائر، وخلالها يقوم الرئيسان باستقبال المدعوين كما يلقى الرئيس المضيف كلمة للترحيب بالضيف الكبير ..واذا اتسع وقت الزيارة فإن الضيف يرد فى اليوم التالى بحفل عشاء مماثل على شرف الرئيس المضيف ويلقى كلمة للرد على كلمة الاول يشيد فيها بالاجواء الايجابية للزيارة. وفى حفل العشاء الذى يقيمه الرئيس المضيف وكذلك الحفل الثانى الذى يقيمه الضيف، يجوز للرئيس الضيف ارتداء الزى الوطنى لبلاده. ومن باب المجاملة يتمتع الرئيس الضيف ومرافقوه بإعفاء مؤقت من القضاء المحلى خلال الزيارة ولايجوز اتخاذ اجراءات جنائية ضدهم، واقصى مايمكن عمله تجاه اى منهم هو طلب المغادرة فورا فى حالة الاتهام بجريمة ، وهو امر نظرى نادر الحدوث طبعا. فى الوداع تقام مراسم شبيهة بمراسم الاستقبال.. ويصدر بيان صحفى عن الزيارة. مدير المراسم بوزارة الخارجية