تدور هذه الأيام مناقشات حول احتمال تأجيل انتخابات مجلس النواب لمدة سنة ,ويبرر الداعون إلى التأجيل مطلبهم بأن الأحزاب ليست مستعدة لإجراء هذة الانتخابات الآن,هذا بالاضافة إلى زعمهم أن الحالة الأمنية لا تحتمل اجراء هذه الانتخابات لأن الانتخابات تثير الخلافات ,ويمكن أن تتطور المنافسات الانتخابية فى العديد من الدوائر إلى صراعات حادة سوف تستثمرها القوى المعادية للتحولات الجارية فى البلاد فى أشعال نار الفتنة ,وقد نسى الداعون إلى تأجيل الانتخابات أن العملية السياسية الجارية حالياً فى مصر بعد 3 يوليو 2013 موضع صراع لاصرار جماعة الأخوان المسلمين وحلفائها على أن ما حدث هو إنقلاب على الشرعية، فى حين ترى قوى سياسية وقطاعات شعبية واسعة أنه تصحيح للمسار وحماية البلاد من جماعة أختطفتها لصالح مشروعها السياسى على حساب المصالح العليا للشعب المصرى,وإن ما حدث هو نتاج لثورة شعبية واسعة شهدها العالم كله ,وإنها تمت فى إطار سلمى,وطرحت خريطة الطريق كإطار يقود البلاد إلى إقامة نظام ديمقراطى يستمد شرعيته من الارادة الشعبية من خلال ثلاث خطوات شعبية:هى تعديل الدستور بما يعزز الطابع الديمقرطى للنظام الجديد ,وانتخاب رئيس جديد,وانتخاب المجلس التشريعى طبقاً للقواعد والأحكام التى أقرها الدستور المعدل .وتم بالفعل السير على طريق تنفيذ خريطة الطريق بتشكيل لجنة تعديل الدستور,وطرحت وثيقة الدستور المعدل للاستفتاء الشعبى حيث وافق عليها الشعب المصرى بأغلبية واضحة,كما أجريت إنتخابات رئاسة الجمهورية من خلال التنافس بين مرشحين أتيحت الفرصة لكل منهما الدعاية لنفسه ومخاطبة الشعب على نطاق واسع من خلال وسائل الاعلام ،وأجريت انتخابات الرئاسة على مرأى ومسمع من العالم كله، وأكتسب النظام الوليد قدراً كبيراً من الشرعية باعتراف دول العالم أن ما جرى فى مصر باصدار الدستور وانتخاب رئيس جديد للبلاد تم فى أطار ديمقراطى,وتراجعت كثير من الدول عن مواقفها السابقة من أعتبار ما جرى فى 3 يوليو 2013 هو انقلاب على الشرعية,وكان أكبر مثال على هذا التحول فى الموقف من التطورات فى مصر تراجع الاتحاد الافريقى عن تجميد عضوية مصر واعترافه بشرعية النظام الجديد واستقبال الرئيس المنتخب فى مؤتمر القمة الأفريقية بحفاوة بالغة. ويتوقع الجميع إجراء انتخابات مجلس النواب فى موعدها لتكتمل خريطة الطريق ويتأكد الجميع أن ما جرى فى مصر منذ منتصف عام 2013 كان تطوراً ديمقراطياً حقيقياً وليس إنقلاباً على الشرعية كما يزعم البعض وبهذا سوف تستأنف العديد من دول العالم علاقتها مع مصر وتستعيد تعاونها الاقتصادى . ان إجراء الانتخابات لمجلس النواب فى موعدها أمر لا يهم العالم الخارجى فقط ,بل انه فى صميم اهتمامات الشعب المصرى ومصالحه بالدرجة الأولى,ذلك أن اجراء هذه الانتخابات فى موعدها واختيار الشعب نوابه بحرية سوف ينهى الصراع حول تقييم ما جرى,وسوف يستكمل أركان البنيان الديمقراطى للنظام السياسى الجديد.. والأهم من هذا كله أن انتخاب مجلس النواب سوف ينهى مرحلة يجب الا تطول وهى مرحلة جمع رئيس الجمهورية المنتخب بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وانفراده باصدار القوانين فى وقت نحن أحوج ما نكون إلى سلطة تشريعية منتخبة تقوم بهذه العملية وتمارس أختصاصها المنصوص عليه بالدستور. ان الجمع بين االسلطة التنفيذية والسلطة التشريعية فى يدى رئيس الجمهورية يفتح الباب أمام عودة السلطوية خاصة وأننا نلاحظ أن رابطة صناع الطغاة عادت إلى الساحة تطالب بتعديل الدستور لتوسع صلاحيات رئيس الجمهورية على حساب صلاحيات مجلس الوزراء ومجلس النواب,أنهم يريدون أن نعود مرة أخرى إلى عهد حكم الفرد ويعز عليهم أن يعيش الشعب المصرى فى ظل نظام حكم ديمقراطى تتوازن فيه السلطات بين الرئيس والحكومة والبرلمان. من هنا تأتى أهمية قطع الطريق على هؤلاء فى سعيهم الى استعادة أوضاع ثار عليها الشعب المصرى وقدم مئات الشهداء من أجل إنهائها بثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو .ليس هذا فقط بل هناك أمور أخرى لا تقل أهمية عن ذلك,يأتى على رأسها أن مجلس النواب أمام مهمة شاقة وهى ترجمة مبادئ وأحكام الدستور فى القوانين المصرية,وهناك حاجة ملحة لتعديل عشرات القوانين المكملة للدستور حتى تتلاءم مع التعديلات التى أجريت عليه منها قانون الأحزاب وقانون الانتخابات وقانون الجمعيات وهناك قوانين متعلقة بالهيئات الجديدة التى نص عليها الدستور مثل المجلس الوطنى للاعلام والمجلس القومى للصحافة. وأمام المجلس العديد من القوانين التى يجب الغاؤها أو تعديلها لتتوافق مع أحكام الدستور المعدل هكذا يتأكد أن مصالح الشعب المصرى العليا تحتم إجراء انتخابات مجلس النواب قبل نهاية عام 2014 وقد وعد الرئيس عبد الفتاح السيسى بذلك . أما القول بأن الأحزاب فى حاجة للاستعداد للانتخابات فإنه مردود عليه بأن الأحزاب تقوى بالمشاركة فى الأنتخابات ويعرفها الشعب من خلال الدعاية الأنتخابية ولسنا فى حاجة لتأكيد أن أضعف حجة لدى المطالبين بتأجيل الانتخابات وهى الحالة الأمنية مردود عليها بأن الدولة فى مصر نجحت فى تأمين الأستفتاء على الدستور وفى تأمين أنتخابات رئاسة الجمهورية دون وقوع حادثة واحدة وهى لن تعجز عن تأمين انتخابات مجلس النواب لينعم الشعب بثمار ثورتيه المجيدتين . لمزيد من مقالات عبدالغفار شكر