تعليم القاهرة تعلن جاهزية اللجان الانتخابية لمجلس النواب 2025    رئيس حزب المصريين: مشاركة المصريين في الخارج بالإنتخابات لوحة وطنية تؤكد عمق الانتماء وثقة الجاليات في الدولة    انقطاع المياه فى شبراخيت بالبحيرة لأعمال الصيانة غدا.. اعرف المناطق المتضررة    حزب الله ينعى القيادي هيثم علي الطبطبائي بعد هجوم إسرائيلي    سنوات من الاختراق.. تحقيق عسكري إسرائيلي يكشف تفاصيل تجسس حماس على 100 ألف جندي وعتادهم    ضربة قوية| الزمالك يكشف التشخيص المبدئي لإصابة دونجا أمام زيسكو    إخماد حريق محدود داخل مستشفى فى الدقى بسبب ماس كهربى    انتهاء خلاف طارق الشيخ وشقيق زوجته بالتصالح دون التوجه لقسم شرطة    قناة مصر قرآن كريم تذيع غدا 18 تلاوة مجوّدة للشيخ الحصري في ذكرى وفاته    صلاح عبد الكريم.. فنان خارج التصنيفات    خالد اللبان يفتتح مؤتمر الصناعات الثقافية والإبداعية بالعريش.. صور    تخفيض 25% مقابل التصالح حال السداد الفوري لكامل القيمة على المباني بالجيزة    محافظ سوهاج: انتهينا من حصر الأماكن المؤجرة وبدأنا التطبيق    بعد انتشاره في عدة دول.. «الصحة» تحسم الجدل: مصر خالية من فيروس ماربورغ    روسيا: دول غير صديقة قدمت عروضا للتعاون خلال قمة العشرين    وزارة النقل تناشد المواطنين دعم جهود التوعية بمخاطر رشق القطارات بالحجارة    وزير الري الأسبق: إثيوبيا تحتفظ بكميات ضخمة من المياه.. وسد النهضة يهدد دولتي المصب    أحمد شاكر عبد اللطيف: انزل وشارك فى الانتخابات واختر من يمثلك فى مجلس النواب    ثقافة الفيوم تنظم ورشة فنية لذوي الاحتياجات الخاصة    الإفتاء توضح حكم الشرع في الأخ الذي يحرم أخوته من الميراث    ضبط 130 طن أغذية فاسدة.. وتحصين 131 ألف رأس ماشية بالقليوبية    كتب له عمر جديد.. إنقاذ حياة طفل ببنها مصاب بقطع خطير فى الرقبة    واشنطن تستعد ل «عمليات عسكرية» ضد فنزويلا    وزير الرياضة يبحث تعزيز سبل التعاون المشترك مع رابطة الدوري الإسباني    هل يجوز جمع الصلاة مع أخرى بسبب الدروس؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة دمنهور تحصد 12 ميدالية في بارالمبياد الجامعات المصرية بالإسكندرية تحت شعار "أنت الحياة"    هل كان السبت الممتاز..حقًا؟    محافظ بورسعيد: عمليات على مدار الساعة خلال يومي الانتخابات    نائب رئيس حزب المؤتمر: المشاركة المكثفة في انتخابات النواب 2025 واجب وطني ورسالة وعي من الشعب المصري    عودة النصر للسيارات.. انطلاقة صناعية جديدة تقودها الربحية والتطوير الشامل    وزير الصحة يبحث جهود توطين تكنولوجيا الأجهزة الطبية وتطوير الخدمات التشخيصية    الصحة العالمية تكرم الزميلة أمل علام لفوزها بجائزة AMR Media    تأجيل محاكمة 17 متهما بخلية العجوزة    الجونة يتقدم على الاتحاد السكندري بهدف في الشوط الأول    "تصميم وتشييد وتقييم الفاعلية البيولوجية لمشتقات جديدة من البنزايميدازول" رسالة دكتوراه بجامعة بنى سويف    بأمر النائب العام.. متابعة حالة الطفلة حور ضحية التنمر    فيديو.. إكسترا نيوز: تكدس غير مسبوق للشاحنات الإنسانية عند معبر رفح البري    "القاهرة الإخبارية": الغارة الإسرائيلية ببيروت أسفرت عن عدد كبير من الضحايا شهداء ومصابين    إنشاء محطة لتموين قاطرات قناة السويس بالغاز الطبيعي المسال    الإفتاء تكرم المفتين السابقين وأسر الراحلين في احتفالها بمرور 130 عامًا على إنشائها    مركز المناخ بالزراعة يحذر من أمطار تصل لحد السيول يومي الأحد والاثنين    متحدثة الحكومة الإسرائيلية: غزة ستكون منزوعة السلاح.. ولن يكون لحماس مستقبل فيها    تعرف على غيابات الزمالك في مواجهة زيسكو الزامبي بالكونفدرالية الليلة    الشروط والمستندات.. وظائف مشروع الضبعة النووي برواتب تصل ل45 ألف جنيه    أغنية إيطالية عن "توت عنخ آمون" تشعل المنصات وتعيد وهج الحضارة المصرية للعالم    وزير الخارجية يبحث مع رئيس وزراء قطر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    «التموين» تنتهي من صرف مقررات نوفمبر بنسبة 94%    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    كلية التمريض بجامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "السكري والصحة | غدًا    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    نصر: قيمة رعاية الزمالك لا تصل للربع بالنسبة للأهلي    ضبط عاطل قتل جارِه بعد مشاجرة في عزبة عثمان بشبرا    كلودين عون: المرأة اللبنانية ما زالت محرومة من حقوقها.. والنضال هو الطريق الوحيد للتغيير    مواجهات مثيرة.. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    مركز المناخ يتوقع تقلبات جوية قوية يومى الإثنين والثلاثاء.. وسيول محتملة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤيتى ل « القرن الحادى والعشرين» (40) أزمة الفلسفة فى أمريكا
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 09 - 2014

في مفتتح هذا القرن احتفلت الجمعية الفلسفية الأمريكية بمرور مائة عام على تأسيسها، وذلك بتخصيص عدد من مجلة البحث الفلسفي لتكوين رؤية مستقبلية للفلسفة الأمريكية. وكان في مقدمة الأبحاث بحث لفيلسوف أمريكا المرموق جون سيرل (1932) الأستاذ بجامعة كاليفورنيا.
حرر مقالا إثر حادث 11/9 جاء فيه أنه حادث في مسار صراع دائم ضد القوى المناوئة لأمريكا. أما بحثه المخصص للمجلة فعنوانه الفلسفة في قرن جديد. ومغزاه أن ثمة فلسفة جديدة هي في الطريق إلى القرن العشرين. والسؤال اذن: ما هي؟ وإذا أريد لهذا السؤال أن يكون جوابه صياغة لوضع قادم فيلزم من ذلك الوعى بالفلسفة في وضعها القائم. ووضعها القائم، في رأى سيرل، يدور حول أن المعرفة في نمو متواصل، ومع هذا النمو المتواصل يحدث ما يسمى تراكم المعرفة. ومن هنا ثمة سؤال لابد أن يثار: ما هو أصل ذلك التراكم؟ جواب سيرل أنه متجذر في القرن السابع عشر عندما أعلن الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت ولقبه أبو الفلسفة الحديثة التشكك في كل ما ورثه من معرفة من أجل وضع أساس متين لها. والذى دفع ديكارت إلى أن يكون الشك هو نقطة البداية مردود إلى ما حدث من ثورة علمية أفضت بدورها إلى صراع بين الايمان الديني والمكتشفات العلمية، إلى الحد الذى دفع السلطة الدينية إلى محاكمة جاليليو عندما أيد نظرية دوران الأرض حول الشمس التي قال بها كوبرنيكس مخالفا بذلك نظرية بطليموس المدعمة من السلطة الدينية والقائلة إن الشمس هي التي تدور حول الأرض، وإلى حرق جثمان جيوردانو برونو بسبب تأييده أيضا نظرية كوبرنيكس.
وهكذا أصبحت المعرفة هي محور التفلسف لمدة ثلاثة قرون ونصف القرن. وفى هذه المدة شاعت مفارقات الشك التي تكمن في عدم إمكان مواصلة البحث سواء في مجال الفلسفة أو فى مجال العلم، ومع ذلك فالبحث متواصل.
وقد ارتأى سيرل أن مفارقات الشك قد انتهت في القرن العشرين مع شيوع اليقين، ومع هذا الشيوع انتهى مشروع ديكارت في الشك، ومع ذلك فإن هذه النهاية لا تعنى تجاهل البحث عن معيار الحقيقة. ولا أدل على ذلك من أن فيلسوفا معاصرا اسمه توماس كُون قد ارتأى أن ثمة عناصر لا عقلانية في النظريات العلمية، ومن ثم فإن المسألة لم تعد التساؤل عن مدى قدرة العقل على اقتناص الحقيقة إنما عن مدى قدرته على تغيير الأنسقة المعرفية لأنها أنسقة متأثرة في تكوينها برؤية الانسان. ومن هنا يحاول سيرل التوفيق بين كون المعرفة موضع شك وبين كونها موضع يقين في الوقت ذاته. فما هو موضع يقين أن تقول مثلاً إن القلب يضخ دماً، وإن الأرض جزء من المجموعة الشمسية. والقول بعكس ذلك يعنى أنك تقف ضد العقل. ومع ذلك فمثل هذا اليقين قابل للتصويب، ولكن ليس معنى ذلك حذف مثل هذا النوع من اليقين، إذ إن اليقين لا يتناقض مع التصويب في حالة بزوغ مكتشفات في مستقبل الأيام. وسبب ذلك مردود إلى أن أى معرفة خاصة بالواقع الخارجي ليست بمعزل عن عقل الانسان وما ينطوي عليه من ميول وانحيازات اجتماعية، ومن هنا تتأثر المعرفة بالرؤيةالاجتماعية. ومع ذلك فإن هذه الرؤية لا تدخل في صراع مع المعرفة اليقينية لأن الحقيقة، في رأى سيرل، ليست مكوناً اجتماعياً، إذ هي مرتبطة بوقائع موضوعة في العالم الخارجي.
ويخلص سيرل من كل ذلك إلى إثارة مسألة مهمة وهى مسألة الحداثة وما بعد الحداثة حيث يقول: إذا كانت الحداثة، تعنى بزوغ العقلانية في عصر النهضة في القرن السادس عشر ووصلت إلى قمتها في عصر التنوير في القرن الثامن عشر فليس معنى ذلك أننا اليوم نعيش في القرن العشرين في عصر ما بعد الحداثة، بل عكس ذلك هو الصحيح وهو أن الحداثة قد بدأت بعد القرن الثامن عشر، والصحيح أيضا هو القول إننا نحيا فيما بعد عصر الشك. وبعد ذلك إذا تصور مفكر بأننا نحيا في عصر ما بعد الحداثة فهو واهم. لماذا؟لأنه يستعين بالإنترنت لشراء تذكرة من شركة طيران تقله إلى حيث يريد. فأين الشك هنا؟ وأين الكذب؟ وهذه هي الفلسفة الجديدة التي يدعو إليها سيرل. إنها لن تبدأ بالشك ولا بالبحث عن الصدق أو الكذب إنما تبدأ بالوقائع التي نلاحظها في العالم الخارجي مثل القول إن المادة مكونة من ذرات وأن الكائنات الحية متطورة.
والرأي عندي أن هذه الفلسفة التي يدعونا جون سيرل إلى تعاطيها ستزيد الأمر تعقيدا في مواجهة أمريكا للإرهاب لأن الارهاب فكرة في العقل قبل أن تكون واقعاً. فاذا طُلب منك أن تقدم تقريراً عن الإرهاب فإنك لن تقدم تقريراً عن الارهاب كفكرة إنما عن الإرهاب كواقعة، الأمر الذى يلزم بعدم كتابة التقرير إلا بعد أن يتحول الارهاب من فكرة إلى واقعة. وفى حالة الإرهاب الانتحاري فإنه لن يسهم في مساعدتك على كتابة التقرير لأنه يكون قد اختفى وتوقف عن أن يكون واقعا. وإذا كان جون سيرل هو فيلسوف أمريكا وإذا كانت هذه هي فلسفته وبالتالي هي فلسفة أمريكا فأزمة هذه الفلسفة تكمن إذن في أنها لن تفهم الإرهاب كفكرة قائمة في العقل على هيئة حقيقة مطلقة تريد أن تفرض ذاتها على الواقع. إذ على أمريكا الانتظار حتى يعلن الإرهابي عن نفسه أنه في الطريق إلى تأسيس دولة الإرهاب. وعندما تصبح هذه الدولة واقعا يبدأ التفلسف ويبدأ التقرير ولكن بعد فوات الأوان.
لمزيد من مقالات مراد وهبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.