كانت بواطن الصحراء الشرقية خاصة المساحات الواقعة بنطاق محافظة البحر الأحمر ولاسيما المسافة الواقعة جنوب مدينة سفاجا مرورا بالقصير ومرسي علم والشلاتين وأبو رماد وحلايب وهي حدودنا مع السودان مليئة بالثروات الطبيعية . خاصة المعادن الثمينة وعلي رأسها الذهب الذي كان قد جذب الفراعنة القدماء منذ آلاف السنين, حيث وفدوا إلي هذه المناطق وعزفوا سيمفونية رائعة وحددوا عروق الكوارتز الحاملة لهذا المعدن ووثقوا لنا خرائط تؤكد ثراء هذه المناطق بعشرات المناجم. وقد تلاحظ خلال الفترة الأخيرة وبشكل يدعو للتوقف والبحث عن اجابات لبعض الأسئلة قيام أعداد كبيرة من أبناء منطقة جنوب البحر الأحمر وربما غيرهم بالانتشار بالوديان والجبال خاصة الواقعة بنطاق الشلاتين ومرسي علم وقيامهم بالبحث عن الذهب بحثا عن الثراء السريع مستخدمين أجهزة حديثة سهلة الحمل وميسورة في شرائها. والمؤشرات تؤكد أن هذه الأعمال أصبحت ظاهرة, حيث لم يعد الأمر مقصورا علي أبناء مصر المشار إليهم حيث تتصدي بين الحين والآخر قوات حرس الحدود لمحاولات تسلل عديدة يقوم بها بعض أبناء السودان وغيرهم من الأفارقة لنفس الغرض. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هل تركت هذه الأعمال أثرا سلبيا علي المخزون الاستراتيجي للذهب وما هو الحل لوقف هذه الأعمال أو الاستمرار فيها إن أمكن وبشكل قانوني؟. يقول نور علي حسين أحد أبناء المنطقة بالشلاتين إن عملية البحث عن الذهب من خلال أجهزة حديثة يعمل بها عدد كبير من أبناء المنطقة ويزداد عددهم بشكل تدريجي وأن السبب الرئيسي في ذلك هي البطالة التي يعانيها الكثيرون وعدم وجود مصادر رزق ثابتة خاصة للشباب, وبالفعل يتم العثور علي بعض من الذهب خاصة في الوديان التي بها مخزون سيول, حيث يتم العثور علي جرامات علي هيئة قطع خام أو موجودة في الصخور التي يتم طحنها بعد ذلك بأسلوب يدوي ليتم استخلاص الذهب الموجود بها. ويتساءل هل هذه الأعمال تؤثر سلبيا علي المخزون الاستراتيجي لخامات الذهب بالمنطقة؟ ويجيب عن سؤاله بنفسه حيث يري أن الأجهزة المتاحة لدي القائمين علي هذه الأعمال لها حدود معينة في عمليات البحث فهي يمكن أن تستكشف علي عمق لا يتعدي مترا واحدا فقط ويعترف بأن هذه الأعمال تتم بعشوائية وغير قانونية, ويطالب الأجهزة الحكومية المختصة يتقنين هذه الأعمال ووضع ضوابط قانونية لها من خلال السماح لأبناء قبيلتي العبابدة والبشارية الموجودتين بهذه المناطق بتأسيس شركة مساهمة ذات وضع قانوني وتحت اشراف حكومي للقيام بهذه الأعمال, علي أن تكون الأجهزة المستخدمة مرخص بها ولها أرقام ولا مانع بأن تقوم القوات المسلحة بإنتاج هذه الأجهزة ويكون لكل جهاز رقم معروف لا يسمح باستخدام غيرها من الأجهزة وتقوم وزارة المالية بإنشاء مركز بالمنطقة يتولي شراء أي كمية من الذهب يتم العثور عليها بالأسعار المعروفة وبالتالي يتم توفير فرص عمل بشكل قانوني ويستفيد الاقتصاد القومي المصري. ويؤكد اللواء وجيه محمد المأمون رئيس مدينة الشلاتين أن هناك أعدادا كبيرة من أبناء المنطقة باتت تعمل في البحث عن الذهب بصحراء المنطقة, حيث هناك أجهزة حديثة تستطيع من خلالها التعرف علي الذهب ولكن علي أعماق محددة حيث إن مثل هذه الأجهزة لا تكتشف الذهب الموجود علي عمق أكثر من متر وساعد علي القيام بمثل هذه الأعمال توافر الأجهزة الصينية التي أغرقت السوق وبأسعار تكاد تكون في متناول الكثيرين وبالفعل يعثر هؤلاء علي بعض الذهب, ويقومون بطحنه واستخلاصه من بعض الصخور, ويؤكد أنه بالفعل هناك بعض المحاولات من قبل شباب سودانيين يحاولون بين الحين والآخر الدخول للأراضي المصرية للبحث عن الذهب, ولكن معظم هذه المحاولات باءت بالفشل حيث إن قوات حرس الحدود بالمنطقة علي يقظة تامة وترصد معظم هذه المحاولات ويتم احباطها ولكن هناك دروبا ومدقات وعرة تستلزم توفير الامكانات لهذه القوات لإحكام السيطرة التامة علي مثل هذه المدقات والطرق الموجودة بين حدود مصر والسودان. ويضيف أن هذه المشكلة عرضت بواسطة المسئولين عن القوات المسلحة بالمنطقة علي مجلس الوزراء وهناك اقتراح بأن يقوم شباب المنطقة بتأسيس جمعية أو شركة يكون لها وضع قانوني وتعمل في هذا المجال بشكل شرعي ولكن هذا الموضوع محل دراسة الآن. أما محمد علي سكرتير الوحدة المحلية لمدينة الشلاتين فيؤكد ضرورة تشجيع الاستثمارات بالمنطقة لاستغلال الثروات التعدينية الموجودة بها ومنها خامات الذهب الموجودة بمناطق أم الطيور وحتيت وبيتان وغيرها, ولابد من وضع خريطة تعدينية لهذه المنطقة التي تزخر بثروات تعدينية هائلة.