رغم اقتناعى الشديد أنه لاسياحة بدون طيران خاصة فى حالة دولة مثل مصر لا سبيل للوصول إليها لملايين السائحين إلا بالطيران.. لذلك كتبت كثيرا عن ضرورة التعاون الوثيق بين قطاعى السياحة والطيران، وكان آخر مقال تقريبا كتبته فى هذه القضية بعنوان «الطيران.. الطيران» مؤكدا أنه لا سبيل أمامنا للقفز من دائرة 10 ملاين سائح سنويا يزورون مصر إلى أضعاف هذا الرقم إلا بزيادة الطيران؟ لكن السؤال عن أى طيران نتحدث؟ وماهو مدى علاقة الشركة الوطنية «مصر للطيران» بالقضية؟ أسارع بالإجابة قائلا: إن الحركة السياحية التى تنتقل بين دول العالم الكبرى الأساس فيها هو الطيران العارض أو «الشارتر» والطيران منخفض التكاليف.. فهذا الطيران هو الذى ينقل الملايين لدولة مثل مصر خاصة إلى الغردقة وشرم الشيخ.. اما الطيران المنتظم مثل الشركة الوطنية المصرية فهو ينقل جزءا صغيرا جدا من الحركة.. وعلى سبيل المثال كان نصيب شركتنا الوطنية من حجم الحركة السياحية التى زارت مصر فى 2010 وهو عام الذروة لايتعدى 8% من إجمالى 14٫7 مليون سائح.. والباقى كله كان للطيران الخاص والشارتر والمنخفض التكاليف. إذن المقصود عند الحديث عن أهمية الطيران فى زيادة حركة السياحة الدولية ليس الطيران المنتظم أو شركتنا الوطنية.. ان محاولة البعض الزج بالشركة الوطنية مصر للطيران فى هذه القضية وأنها سبب عدم الزيادة هو كلام غير صحيح بل هو «افتراء عليها» لأن من يقول ذلك هو متأكد فى قرارة نفسه أنه لايقول الصدق. أما لماذا يرددون ذلك؟ فهو للأسف نوع من الضغط على الشركة الوطنية لتحقيق مكاسب لشركات الطيران الخاص المصرية أو وكلائها من شركات الطيران الخليجية الكبري!! تلك هى القضية منذ أيام الراحل العظيم محمد فهيم ريان الذى كان يتندر كما سمعته بنفسى ممن يحاولون هدم الشركة لمصالحهم وكان يسميهم شركات «بير السلم» أو شركة «شلاطة تورز» للسياحة أو للطيران وهؤلاء هدفهم الطيران المدنى المصرى كله. ان الشركة التى يعمل بها نحو 35 ألف مصرى لاتحتاج منهم سوى نحو 10 آلاف فى حقيقة الأمر وتمتلك 81 طائرة وتحقق للدولة 16 مليار جنيه سنويا وتحمل علم مصر لابد من حمايتها، كما تقوم بذلك كل الدول الكبري.. فالطيران تحميه اتفاقيات دولية ثنائية تحافظ على حجم الحركة بين الدولة وإلا انهارت هذه الصناعة الصعبة التى لايتعدى الربح فيها 1% أو 2% إننا نكتب هذا الكلام اليوم ونحن على بعد أيام من موسم الحج الذى ترتفع فيه نغمة ضرورة تشجيع شركات الطيران الخاص ولاشك أن ذلك سيكون على حساب الشركة الوطنية ومحاولة «نهب» حركة الحج والعمرة المورد «ربما الوحيد» الذى تحقق منه الشركة أرباحا لمصلحة العاملين بها ولمصلحة الدولة. صحيح أن الشركة خسائرها من بعد الثورة وصلت إلى 10 مليارات جنيه لكن ذلك لايمنع من الوقوف إلى جانبها لأن هناك خطوطا كثيرة تعمل لاعتبارات سياسية رغم أنها تحقق خسائر وبالتالى للضغط عليها أو الافتراء عليها أو على قطاع الطيران المدنى كله أنه هو الذى يحارب شركات الطيران الخاص ولايشجع السياحة كلام غير صحيح. فمطارات مصر كلها 23 مطارا مفتوحة أمام مايسمى بالسماوات المفتوحة ماعدا مطار القاهرة بضوابط وليس معنى السماوات المفتوحة ان تكون سماوات مصر «سداح مداح» أمام شركات تريد خطف الحركة التجارية وحركة الركاب العاديين من مطار القاهرة ونكون نحن فى سبيلنا إلى الوصول بالشركة إلى حالة من الافلاس أو الانهيار. إن الدول الكبير تدعم شركاتها الوطنية حتى تقوى على المنافسة وتضع ضوابط للهبوط فى مطاراتها الرئيسية فى العواصم العالمية.. أما من يريد زيادة السياحة فعليه بالشارتر ومنخفض التكاليف فى المطارات الإقليمية والتى تطبق فيها مصر حوافز لامثيل لها من تخفيض رسوم الاقلاع والهبوط والايواء وغيرها، وحتى مطار القاهرة نفسه فهو مفتوح أمام الشارتر ولكن بشرط نقل حركة سياحية وليس نقل ركاب عاديين أو البيع لأفراد. إن وزارة الطيران المدنى وحتى سلطة الطيران المدنى التابعة لها لم تمنع يوما أى شركة خاصة من العمل على الخطوط الدا خلية أو الإقليمية الدولية.. ولكن للأسف هذه الشركات محدودة الإمكانات وكل منها يمتلك طائرة أو اثنتين يريد ان يعمل على نفس خطوط الطيران وبجداول غير منتظمة وأن «يلهف» حركة الحج والعمرة أى يكسب على الجاهز وعكس ذلك فالدولة تمنعه. إننى أتعجب أننا على الورق نمتلك أكثر من 15 شركة طيران خاص ولاتعمل منها سوى شركتين أو ثلاث والباقى ينتظر الاعتداء على حقوق الشركة الوطنية. ولهذا نقول لابد أن نستفيد من تجارب دول مثل: ألمانيا وإنجلترا وفرنسا وكندا التى تحارب من اجل شركاتها.. ولابد أن نتعلم من تجربة المغرب عندما فتحت سماواتها فلم تجد سوى دفع مايقرب من 200 مليون دولار لشركتها حتى تقدر على المنافسة.. فمن سيدفع لشركتنا الوطنية فى ظل ظروف مصر الحالية. وإننا نتعجب لماذا لايقبل القطاع الخاص على الاستثمار الحقيقى فى مجال الطيران؟ الإجابة واضحة وضوح الشمس.. لأنه يريد ان يكسب على حساب الشركة الوطنية.. ولأن هذه الصناعة الانفاق فيها مرتفع جدا والأرباح ضعيفة جدا والمخاطر عالية جدا. إننا ندعو الجميع للاستثمار فى هذا القطاع الصعب وليكن فى مجال الشارتر ومنخفض التكاليف.. بدلا من الافتراء على شركتنا الوطنية. فهيا لزيادة الحركة السياحية إلى مصر.. لاضرب منظومة الطيران المدنى المصرى كله من أجل مصالح خاصة. لمزيد من مقالات مصطفى النجار