يبدو أن مخطط هدم الشركة الوطنية *مصر للطيران* وهدم والسيطرة علي صناعة النقل الجوي بتطبيق سياسة السماوات المفتوحة في مطار القاهرة الدولي لحساب بعض الحيتان من أصحاب شركات الطيران الخاص وشركات السياحة قد عادت محاولات تنفيذه بعد فشله مرات عديدة .. لكن تنفيذ المخطط هذه المرة يتم باسلوب فج وعشوائي تحت شعار زيادة أعداد السياح..و بما يتذر بتخريب صناعة النقل الجوي في مصر التي تعد أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد القومي ..فرغم التسهيلات والإعفاءات الكبيرة والكثيرة التي تمنحها وزارة الطيران المدني لشركات الطيران الخاص ولكبريات شركات السياحة بهدف عودة الحركة السياحية إلي معدلاتها .. إلا أن الحيتان مازالوا يجاهدون لهدم الشركة الوطنية والسيطرة علي الطيران المدني لتتضخم ثرواتهم علي حساب الاقتصاد القومي. لكن الغريب في الحرب الشعواء هذه المرة موقف هشام زعزوع وزير السياحة ودعمه للحيتان الكبار لتنفيذ مخططهم .. لدرجة أنه اتهم المهندس عبد العزيز فاضل وزير الطيران المدني خلال الاحتفال بيوم السياحة العالمي في مدينة الأقصر أمام رئيس المنظمة العالمية للسياحة والصحفيين الأجانب ووكلاء السياحة من مختلف دول العالم بأنه *غير أمين* عندما أعلن فاضل أن وزارة الطيران المدني تطبق سياسة السماوات المفتوحة في جميع المطارات المصرية عدا مطار القاهرة .. وهي حقيقة يعلمها القاصي والداني ودليل صدقها جداول تشغيل رحلات الشركات الخاصة ومنخقضة التكاليف وطائراتها كاملة العدد والأرقام لا تكذب ولا تتجمل . نحن لا ندافع عن وزير الطيران فله أن يتخذ موقفا أو يصمت .. لكن فضيحة اتهام وزير السياحة لزميله في الحكومة أمام هذا المحفل الدولي ووسط ذهول الحاضرين يعد اتهاما للحكومة كلها لأنه من المفترض أنها كيان واحد لا يتجزأ . والحقيقة أن الفضيحة التي كان بطلها وزير السياحة في مدينة الأقصر تدعونا لطرح العديد من التساؤلات .. فلمصلحة من يتم تدمير مصر للطيران؟ هل لمصلحة وكلاء شركات الطيران العربية الذين يرتعون خلف هشام زعزوع وزير السياحة صاحب الشو الإعلامي الذي يجيش ويحشد من أموال الدولة ليثبت من أقدامه في الوزارة القادمة؟! تدمير الاقتصاد القومي وزير السياحة الذي نكن له كل احترام يلقي بالتهم دائما علي الوزارات الأخري .. فتارة علي وزارة الداخلية بحجة عدم وجود الأمن .. وتارة أخري علي وزارة الطيران بحجة عدم تطبيق سياسة السموات المفتوحة وفتح مطار القاهرة.. فلماذا لا يقوم وزير السياحة وأتباعه بملء المطارات السياحية المصرية المفتوحة بنسبة 100% أولا ثم يقوم بعدها بالتحجج بمطار القاهرة؟! علما بأن سعة المطارات الإقليمية الآن تبلغ 23 مليون راكب في العام . ومطاري شرم الشيخ والغردقة فقط تبلغ سعتهما الآن 14.5 مليون راكب . وستبلغ سعة هذه مطارات مصر السياحية في مايو القادم 31 مليون راكب . وهو عدد يزيد بكثير من عدد السياح المتوقع بعد عودة الحركة السياحية.. إذن لماذا الاصرار علي فتح مطار القاهرة دون ضوابط ؟ وهل امتلأت المطارات الأخري السياحية بالسياح حتي نفتح مطار القاهرة التي هي أقل المدن جذباً للسياحة في الوقت الراهن؟!..ولكنها اطماع الحيتان والقطط السمان الذين يسعون لتدمير اي شيء حتي ولو كان الاقتصاد القومي في سبيل تضخم ثرواتهم بملايين الدولارات لتدخل جيوبهم بدلا من خزينة الدولة . انظر حولك هل يعي وزير السياحة كيف تحارب وزارة النقل الألمانية لعدم السماح للإمارات بالهبوط في مطار برلين ؟ وهل يعي الخلاف السياسي الحاد بين كندا ودولة الامارات والذي ادي الي اغلاق القاعدة العسكرية الكندية بدبي بعد رفض كندا زيادة عدد رحلات شركات الاتحاد والامارات لعدة مدن كندية ؟ وهل يعلم لماذا لا تطبق انجلترا نظام السماوات المفتوحة علي مطار هيثرو بلندن الا مع الدول التي تستفيد الناقلات البريطانية من فتح الحركة لها مثل سوق امريكا الشمالية ؟ .. وهو ما يحدث بالفعل في مطار القاهرة مع بعض الدول المصدرة للحركة مثل السودان والسعودية ودول غرب افريقيا.. وهل تساءل وزير السياحة لماذا لم تقم شركة طيران خليجية واحدة بتشغيل ولو رحلة اسبوعية واحدة لأي من مدن الجذب السياحي في مصر ؟؟ والأجابة أن هذه الشركات والناقلات الخليجية لا تهتم بتدفق الحركة السياحية لمصر ولا تستثمر من أجل هذا الهدف وانما استثمارها يكون لتنمية مطاراتها عن طريق *شفط* الحركة من مطار القاهرة الي مطاراتها المحورية .. لذلك فهي لا تهتم بفتح جميع المطارات المصرية وتطبيق سياسة السموات المفتوحة فيها .. بل ينصب اهتمامها علي مطار القاهرة للاستحواذ علي حركة الركاب الخارجة من القاهرة وكذلك علي المطارات الإقليمية المصدرة للعمالة مثل الاسكندرية واسيوط وسوهاج ثم هل يعلم وزير السياحة انه مسموح بهبوط الرحلات ال *شارتر* بمطار القاهرة وهي الرحلات التي تجلب سياحا وتعود من القاهرة بنفس المجموعة وهو الشيء الذي لم يحدث خلال الأعوام الماضية بسبب الأوضاع في القاهرة. مذيعة ال "سي ان ان" اذن ما هي مشكلة مطار القاهرة ؟ ولماذا استعان الوزير هشام زعزوع بمذيعة ال *سي ان ان* السابقة التي تربطها عقود مجزية مع وزارة السياحة منذ فترة طويلة لكي تدير الندوة بالأقصر التي شن فيها وزير السياحة هجوما غير مبرر علي وزارة الطيران واتهم وزير الطيران أمام الجميع بأنه *غير أمين* ؟!.. ولماذا لم يطرح الوزير الموضوع علي طاولة المفاوضات رغم أنه يجتمع مع وزير الطيران عدة مرات أسبوعيا ؟! ..ولكنه الشو الاعلامي الذي يعشقه ويجيده وزير السياحة ! تجربة المغرب ياسادة إن صناعة النقل الجوي تعد من أكثر القطاعات المقيدة والمنظمه حفاظاً علي سيادة كل دولة وحقوقها وتخضع لتنظيمات وقوانين سواء اقتصادية او إدارية .. فتحرير الأجواء وسيلة وعملية متكاملة وليس غاية في حد ذاتها.. فالهدف من فتح السماوات هو توفير البيئة المواتية التي يستطيع فيا النقل الجوي ان ينمو ويزدهر بطريقة منتظمة تتسم بالكفاءة والاستدامة دون المساس بمصالح اي من الأطراف المرتبطة به ..و كنت أتمني من وزير السياحة قبل أن يضغط علي وزارة الطيران لتطبيق سياسة السماوات المفتوحة في مطار القاهرة بدون ضابط أورابط لخدمة فئة من الحيتان علي حساب الناتج القومي أن ينظر إلي النتائج السلبية علي بعض الدول المحيطة من جراء التطبيق العشوائي لسياسة السماوات المفتوحة ..ومنها علي سبيل المثال المملكة المغربية التي قامت بتنفيذ سياسة السماوات المفتوحة مع الاتحاد الأوروبي عام 2006 مما ألزم الخطوط الملكية المغربية ضرورة التفكير السريع وانتهاج استراتيجية جديدة لمواجهة الموقف حيث أصبحت في منافسة شديدة مع شركات الطيران منخفضة التكاليف * LCCs " .. واضطرت الحكومة المغربية عام 2011 إلي دعم شركة الطيران الملكية المغربية بمبلغ 193 مليون دولار "حوالي مليارا و400 مليون جنيه" كدفعة أولي لدعم مركزها المالي المتأثر بزيادة المنافسة وارتفاع اسعار الوقود. مع إعادة هيكلتها والتخلي عن 30% من العماله وعرض 30% من اسهمها للبيع كخطوه اوليه لخصخصة الشركة "وهي الأمور التي لم تتم مع مصر للطيران". حتي أمريكا التي اخترعت السماوات المفتوحة وأول من طبقتها تضع نصب عينيها مصلحة شركاتها واقتصادياتها وتصل بذلك إلي درجة الاحتكار. فقرار تطبيق السماوات المفتوحة لا يصدر طبقا للأهواء أو لمصالح عدد قليل جدا من الحيتان الكبار علي حساب مصر وشعب مصر .. بل يتم علي أساس دراسات من خبراء متخصصين وبناء علي معلومات كثيرة من أجهزة الحجز والأسعار في الدول المحيطة بل والعالم .. والكثير والكثير من البيانات ودراستها وتحليلها قبل هدم مصر للطيران وصناعة النقل الجوي. للأسف الكل يردد عبارة السماوات المفتوحة مثل الببغاوات دون أن يدرك آثارها المدمرة علي الشركة الوطنية مصر للطيران وصناعة النقل الجوي وما يتبع ذلك من تأثير سلبي مباشر علي الاقتصاد القومي .. خاصة أن قطاع الطيران يساهم بنسبة 1.2% من إجمالي الناتج القومي.. الكل يردد ويطالب بالسماوات المفتوحة دون أن يدرك أن هذا الحلم يسلب من قوت الشعب لتتضخم ثروات حيتان السياحة والطيران الخاص . وعمار يامصر!