من ردود فعل الربيع العربي المباشرة علي العالم هو ارتفاع أسعار البترول, وقد تزيد أزمة إيران سعره ارتفاعا. والكثير يري أن لارتفاع سعر البترول رد فعل إيجابي علي البيئة. فمن ناحية يقلل إستهلاكنا له وخاصة في البلدان الصناعية فتقل إنبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون المسبب الرئيسي لظاهرة تغير المناخ. ومن ناحية أخري تتحسن إقتصاديات الطاقات المتجددة بالمقارنة بالطاقات البترولية وتزيد إستخداماتها, فيقلل ذلك أيضا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. والسؤال ماهو موقفنا من ذلك؟ هل نعتبر زيادة سعر البترول نعمة أو نقمة؟ والجواب أن مصر لم تعد بلدا مصدرة للبترول مثل السعودية وليبيا لتعتبر زيادة سعر البترول نعمة, فإنتاجنا يقل عن800000 برميل في اليوم ونحن نستهلك كل حصتنا ثم نشتري من الشركات المنتجة من حصتهم ما نحتاجه من بترولنا بسعر السوق, ثم ندعمه مع مصادر الطاقة الأخري بحوالي100 مليار جنيه في السنة من ميزانية الدولة. فارتفاع سعر البترول بالنسبة لنا نقمة مزدوجة لأننا سوف ندفع في ثمنه أكثر للشركة المنتجة ثم نضطر إلي زيادة الدعم ليصل إلي السعر المحلي. وهذه معادلة مستحيلة اقتصاديا وبيئيا واجتماعيا وقد تنتهي بنا علي أسوأ تقدير إلي الإفلاس, أو علي أحسن تقدير إلي إضطرابات في السوق المحلية للمنتجات البترولية( كالتي تحدث الآن) وذلك لصعوبة تغطية النمو المستمر علي الطلب,. فما هي الحلول المطروحة لحلها؟ ترشيد دعم للطاقة أمر حتمي لن تنجح بدونه أي إستراتيجيات وطنية للطاقة. لقد كان الحديث عن الدعم من المحظورات في النظام السابق ليس من جانب الرأفة بمحدودي الدخل والفقراء كما كان يزعم ولكن خوفا من غضبهم أو قيامهم بثورة, أما وقد قامت الثورة فلابد من أن نعيد النظر في موضوع الدعم الذي يثقل كاهل اقتصادنا ويسبب فيه إعوجاجا خطيرا ويستفيد منه الأغنياء أكثر من الفقراء ويشجعهم علي زيادة الاستهلاك ويقف عائقا أكبر أمام ترشيد استهلاك الطاقة, فماالحافز علي الترشيد إذا كانت الطاقة مدعمة ورخيصة؟ كذلك يقف ترشيد الطاقة عائقا أمام إستخدام الطاقات المتجددة, وخلق فرص عمل في هذا المجال وأخيرا أمام حماية البيئة. كيفية ترشيد أو رفع الدعم يجب أن تتم طبقا لخطة مدروسة وموضوعة بعناية وتشمل الخطوات التالية: الأولي القيام بدراسة لتقدير نسبة مرتب محدودي ومتوسطي الدخل التي يتم إنفاقها علي الطاقة في المواصلات والكهرباء والغاز حاليا, الثانية ترشيد الدعم تدريجيا وذلك بتخفيضه بنسبة ولتكن30% واستخدام ماتم توفيره في رفع مرتبات محدودي ومتوسطي الدخل لتغطية الزيادة في سعر الطاقة. الثالثة تحديد جزء آخر من الدعم الذي تم توفيره لوضع حوافز لمشروعات ترشيد الطاقة واستخدام الطاقات البديلة ولتمويل البحوث الخاصة باستخدام الطاقات البديلة. الرابعة متابعة ترشيد الدعم بدراسات لمعرفة تأثيرة علي محدودي الدخل وتحديد موعد الخطوة التالية ومقدار ترشيد الدعم فيها. بعد القيام بهذه الخطوات يمكنا أن نتحدث عن وضع استراتيجية شاملة متكاملة للطاقة في مصر.