"القومي للمرأة" ينظم لقاءً بعنوان "قوتي في مشروعي.. لمناهضة العنف"    وزير الزراعة يدلي بصوته في جولة إعادة انتخابات مجلس النواب بدائرة الرمل    تحقيقات عاجلة بعد اعتداء على ممرضة في مستشفى الفيوم العام    ارتفاع سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بداية تعاملات اليوم 4 ديسمبر 2025    مصر تقيم احتفالية كبرى لوزراء البيئة وممثلي 21 دولة من حوض البحر المتوسط    السبت القادم قطع الكهرباء عن قرى مركز تلا فى المنوفية لإجراء أعمال الصيانة    منال عوض: تنفيذ 57 حملة تفتيش ميدانية على 9 محافظات خلال نوفمبر    الصين وفرنسا تتعهدان بدفع جهود السلام.. وشي جين بينج يخصص 100 مليون دولار لإعادة إعمار غزة    إيديكس - 2025 يواصل استمرار فعاليات واستقبال الزائرين    بوتين: محاولات الضغط الاقتصادى على الدول ذات السيادة تسبب مشاكل لأصحابها أنفسهم    وفد من مجلس الأمن يصل سوريا في أول زيارة من نوعها    حماس: الاحتلال يواصل خروقاته وندعو للضغط عليه لتنفيذ تعهداته ومنها فتح معبر رفح في الاتجاهين    يوم كروي ساخن.. مواجهات حاسمة في كأس العرب وختام مثير للجولة 14 بالدوري الإنجليزي    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    فيديو.. الأرصاد تحذر من برودة الطقس الأسبوع المقبل: لا تخففوا الملابس    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا بمحيط لجان انتخابية فى جرجا    محكمة جنح أول الإسماعيلية تؤجل نظر محاكمة والد المتهم بجريمة المنشار    اختفاء يتحوّل إلى مأساة فى أسيوط.. تفاصيل العثور على جثتين من أسرة واحدة    السيطرة على حريق مخزن فى حدائق الأهرام    طرح برومو ملوك أفريقيا استعدادًا لعرضه على الوثائقية الأربعاء المقبل    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    استشهاد 5 فلسطينيين وإصابة 32 آخرين في عدوان الاحتلال على خان يونس    سعر الذهب يتراجع 10جنيهات اليوم الخميس 4 ديسمبر.. وعيار 21 يسجل هذا الرقم    اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    بيراميدز يخسر جهود زلاكة أمام بتروجت    استمرار الغلق الكلي لمحور 3 يوليو.. تعرف على البدائل    «الأعلى للأمناء»: منهج البرمجة والذكاء الاصطناعي يجهز جيل المستقبل    مانشستر يونايتد يستقبل وست هام في مباراة خارج التوقعات بالبريميرليج    فيدرا تدعم منى زكي بعد الانتقادات بسبب فيلم الست: ممثلة تقيلة وموهبتها تكبر مع كل دور    رمضان 2026| سوسن بدر تتعاقد علي «توابع »ل ريهام حجاج    الإدارية العليا تتلقى 159 طعنا على نتائج المرحلة الثانية لانتخابات النواب    أسعار البيض اليوم الخميس 4 ديسمبر2025    حبس شبكة تستغل الأطفال في التسول بالقاهرة    بوتين يعلن معارضته لبعض نقاط الخطة الأمريكية للحرب في أوكرانيا    محافظ الدقهلية ينعى الحاجة سبيلة صاحبة التبرع بثروتها لصندوق تحيا مصر    في أول ظهور له.. رئيس سموحة الجديد يكشف خطته لإعادة هيكلة النادي وحل أزمات الديون والكرة    فيديو.. متحدث الوزراء: عملية تطوير القاهرة التاريخية شاملة ونراعي فيها المعايير العالمية    هل وجود الكلب داخل المنزل يمنع دخول الملائكة؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير العمل يستقبل مدير مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة لبحث تفعيل التعاون في الملفات المشتركة    المنيا.. حين تعود عاصمة الثقافة إلى مسرحها الأول    كتيب عن المتحف المصرى الكبير.. طالب يلخص الحكاية فى 12 صفحة.. صور    تعليم البحيرة تصدر تعليمات مشددة للتعامل مع الحالات المرضية المشتبه بها داخل المدارس    عبد الحميد معالي يهدد بفسخ تعاقده مع الزمالك    بعد إلغائه لغياب تقنية الVAR.. البدري ومصطفي في مواجهة حاسمة الليلة بنهائي كأس ليبيا على ستاد القاهرة    لو عندى نزلة برد أعمل إيه؟.. الصحة توضح خطوات التعامل والوقاية    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    نائب وزير المالية: تمويل 100 ألف مشروع جديد للانضمام للمنظومة الضريبية| فيديو    أحمد حمدي يكتب: هيبة المعلم    حلمي عبد الباقي يكشف إصابة ناصر صقر بمرض السرطان    جمال شعبان يُحذر: ارتفاع ضغط الدم السبب الرئيسي للفشل الكلوي في مصر!| فيديو    محمد رجاء: لم يعد الورد يعني بالضرورة الحب.. ولا الأبيض يدل على الحياة الجميلة    موعد صلاة الفجر.....مواقيت الصلاه اليوم الخميس4 ديسمبر 2025 فى المنيا    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية، راحة سريعة بطرق آمنة    الحكومة: تخصيص 2.8 مليار جنيه لتأمين احتياجات الدواء    هل يجوز لذوي الإعاقة الجمع بين أكثر من معاش؟ القانون يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائرة الضوء
الأربعاء الحزين ضحاياه كل شباب مصر وليس ال‏73‏ شهيدا
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 02 - 2012

أتحدي أي مراقب أو محلل أو خبير أن يفهم شيئا واحدا مما يحدث في مصر‏...‏ المواقف تتغير كل لحظة‏...‏ الناس يتكلمون وقت الصمت ويصمتون عندما يجب أن يتكلموا‏...‏ عندنا وحدنا دون غيرنا ردود أفعال من غير أن يكون لها أفعال‏...‏ الأفعال باتت غير متوقعة وردود الأفعال خارج نطاق التوقع...
التحالفات ظاهرها شيء وباطنها أشياء...
الإعلام لا مثيل له في أي مكان علي خريطة العالم...
الشعب يري كل ألوان الطيف في أي لحظة...
العلاقة انعدمت بين كلام الناس وأفعالهم...
الناس في كفور ونجوع وقري ومدن مصر لم يعودوا يعرفون أو حتي يتوقعون ماذا سيحدث بعد لحظة واحدة...
كل شيء وارد وأي شيء جائز...
السطور السابقة جانب من ملاحظات وجدتها وأنا أحاول رصد أحداث.. ليس بالضرورة أن نراها جميعا بنفس الوضوح أو نتعرف عليها بنفس القدر...
... والنقاط التالية لا رابط بينها.. إلا أنها مجرد محاولة لفهم أي شيء علي أمل أن نخرج منها بشيء...
.........................................
.........................................
1 الفرجة هي الأصل والمشاركة مجرد استثناء...
أتكلم عن نتاج سنين طويلة تعدت نصف القرن من الزمان فيها انتقلت أغلبية الشعب إلي موقع المتفرجين وكل ما يملكونه حق الفرجة في صمت لما يدور في الملعب ولا شيء أكثر من ذلك متاح أمامهم أو مسموح به لهم...
ثلاث مرات فقط خلال سنة واحدة هي التي نزلت فيها ملايين الشعب من المدرجات إلي الملعب!. الأولي عندما نزل الملايين إلي الميادين والتفوا حول الشباب إلي أن أسقطوا النظام.. والثانية إقبال الملايين علي الاستفتاء والثالثة عندما ضرب الشعب الرقم القياسي علي مدي تاريخ مصر في الإقبال علي الانتخابات...
ثلاث مرات فقط تحرك فيها الشعب قوة كاسحة فاعلة وبعدها عادت ملايين الشعب إلي مكانها المختار..
من لاعب أساسي بالغ التأثير في الملعب إلي متفرج في مدرج يكتفي بالفرجة علي ما يحدث أمامه وكأن ما يدور بالملعب لا يؤثر فيه وعليه في المدرجات...
عودة الشعب للمدرجات هي بحكم العادة أم قرف مما يحدث في الشارع أم فقدان ثقة في كل ما يدور أم ترقب وانتظار للحظة معينة تقوده فطرته لها وفيها ينتفض ويتحرك وينزل ويحسم كل ما هو قائم من جدل وخلافات واتهامات وفوضي وعبث واستهتار؟.
2 الناس يستيقظون كل صباح وأيديهم علي قلوبهم من خبر الكارثة الجديدة...
الناس تعودوا علي مدي شهور أن رحيل أزمة وانطفاء نار فتنة ما هو إلا مقدمة وتمهيد لكارثة جديدة وفتنة أخري مختلفة وإصرار بالغ علي أن تبقي النيران مشتعلة حتي لو قضت علي كل مصر..
ما إن هدأت الأزمة المفتعلة لإرهاب مجلس الشعب الجديد وإن شئنا الدقة إرهاب الأغلبية فيه بحملة إعلامية رهيبة مفادها أنه لا شرعية للمجلس الذي اختاره الشعب وأن الشرعية للميدان.. والمعني أنه لا قيمة للمجلس التشريعي ولا احترام لأي قرارات سيصدرها...
المضحك وشر البلية ما يضحك أن المجلس وأغلبيته الكاسحة تراجعوا بعد أن وضعتهم الحملة الإعلامية في موقف الدفاع وأجبرتهم علي نفاق شرعية فجرت الثورة وصنعتها ثم اختلفت وتناحرت وكرهت وفقدت شرعيتها أمام الشعب الذي لا تعلوه في الوطن شرعية.. وعندما يختار الشعب مجلسا للشعب فهذا المجلس هو الشرعية الوحيدة...
من قبل أن يجتمع المجلس والكلام عن شرعية الميدان وما إن جاءت أول جلسة للمجلس ذبحوا له فيلا وليس قطة...
مظاهرات تحاصر مجلس الشعب لتفرض رأيها علي نواب الشعب واتهامات واضحة صريحة مباشرة للأغلبية بأنها صورة بالكربون من أغلبية الحزب الوطني وانشغلت الأغلبية في إبعاد التهمة والدفاع عن نفسها.. بدلا من أن تمارس دورها وحقها كأغلبية في تحمل مسئوليتها تجاه وطن في وقت شديد الخطورة وظروف بالغة التعقيد...
الغريب أن الأغلبية تراجعت أمام ديكتاتورية الأقلية وفشلت في إصدار قرار تجريم لأعمال الحرق والنهب في الشارع.. وفشلت في إصدار قرار يؤكد وقوف مجلس الشعب القوة الشرعية الوحيدة مع الشرطة لأجل تنفيذ القانون ولأجل حماية المواطنين القاطنين في محيط وزارة الداخلية التي رأت شرعية الميدان أن ضربها وحرقها وإسقاطها حلال ووقف مجلس الشعب عاجزا عن قول الحق ومساندة الداخلية في تطبيق القانون...
خلاصة القول إن شرعية الشعب معطلة والأغلبية من يوم انتخابها استدرجت لخندق الدفاع عن نفسها وأصبحت رد فعل ونسيت أنها الفعل ذات نفسه ولا حول ولا قوة إلا بالله...
3 الناس تنفسوا في ارتياح من أن فتنة الشرعية للمجلس أم الميدان لم تسفر عن شهداء أو مصابين.. الناس لم يتوقفوا أمام رضوخ الأغلبية وقبولها بما هو غير قانوني وغير منطقي وغير شرعي.. لم يتوقفوا لأنه لا فائدة من الوقوف والحديث في قضية انتهت قبل أن تبدأ.. الناس حمدوا ربهم علي مرور فتنة بدون ضحايا من المصريين.. صحيح أن الشرعية راحت ضحية هذه الفتنة وأن شرعية الشعب كأنها لم تحدث وكأن الانتخابات لم تجر ومليارات الجنيهات لم تنفق و30 مليون مصري لم يصوتوا...
الناس بدأوا يضعون أيديهم علي قلوبهم من عودة الهدوء للشارع لمعرفتهم أنها مجرد لحظات بعدها تأتي الصدمة.. وبالفعل جاءت!.
4 مباراة كرة قدم مثلها يقام الآلاف يوميا حول العالم إلا أنها اختلفت تماما عن كل ما يجري من مباريات في العالم.. بل اختلفت تماما عن كل المباريات السابقة بين نفس الطرفين علي نفس الملعب...
معروف للجميع من زمن بعيد حالة الحساسية الناجمة عن تعصب خاص متفرد يحكم مباريات المصري والأهلي التي تقام في بورسعيد.. وأيضا يعرف الجميع أن المسألة بقيت في حدود كرة القدم وأن الأفعال وردودها لم تتخط دور التعصب الكروي الذي أقصي ما يشهده من انفلات.. كثير من الكلام.. شتائم كانت أو سبابا وقليل من الأفعال أقصاها ضرب طوب...
طبعا الأمور تغيرت في السنوات الأخيرة التي شهدت عصر الألتراس وتكنولوجيا الاتصالات وحروب الإنترنت.. والمؤكد أن نوعية التعصب الكروي طرأ عليها اختلافات جذرية بسبب طبيعة النظام الجديد في التشجيع الذي دخل مصر بعد سنة2005 وأظن أن الفكرة أكبر بكثير من حدوتة الكورة والتشجيع وهذا ما تؤكده طبيعة تكوين الألتراس وتعليماته ونظامه والتزام أعضائه بمبادئه والسرية التي تحكم نظام عمله...
الأمور اختلفت أكثر وأكثر وتعقدت أكثر وأكثر بخروج الألتراس من نطاق الكرة والتشجيع والتعصب الكروي ونزوله إلي معترك الخلافات السياسية الحادة في الشارع المصري بما أدخل الرياضة عموما والكرة تحديدا بكل شعبيتها الطاغية في حالة اللاحوار واللااتفاق التي عليها الشارع الذي لم يعد يعرف إلا الاتهامات والتخوين والكراهية.. ووسط هذا المناخ المسموم جاءت مباراة المصري والأهلي في بورسعيد...
5 مصيبتنا من زمن بعيد أننا لا نرصد الظواهر حتي نتجنب الكوارث.. فما بالنا في وقت لعله الأصعب علي الإطلاق في تاريخ مصر!.
أحد لم يرصد الحملة الشرسة الرهيبة الموجودة علي الإنترنت بين الجماهير الكروية.. وأحد لم يرصد إمكانية استغلال هذا التعصب في مشروع الفوضي وعدم الاستقرار الذي ضرب البلاد كلها من قطع طرق وقطع سكك حديدية وحوادث مرتبة ذات منهج واضح متسلسل مثل مهاجمة البنوك وشركات الصرافة.. أحد لم يلتفت إلي إمكانية إقحام كرة القدم بكل شعبيتها في لعبة الفوضي.. وأحد لم يحسب أن الكرة بكل ما فيها من تعصب يمكن أن تخلق كارثة غير مسبوقة في العالم كله لا مصر وحدها وما لم يرصده أحد تحقق وصنع فتنة شرخت جسد مصر!.
6 الوطن كله تم استدراجه إلي يوم الأربعاء الحزين الذي خرجت فيه أرواح73 شابا مصريا إلي بارئها دون أن يعرف أحد بأي سبب قتلت...
يتكلمون عن إهمال أمن ويتكلمون عن مسئولية اتحاد الكرة ومسئولية المصري ومسئولية ألتراس المصري ومسئولية استاد بورسعيد ومسئولية إعلام رياضي...
يتكلمون عن إهمال من كل هذه الجهات.. لكن أحدا لم يكلمنا عمن قام بالترتيب والتحريض لحدوث هذه المجزرة بصرف النظر عن ظروف المباراة ونتيجتها...
ترتيب محكم لأجل أن يكون هناك دم بين المصريين.. مثل كل ترتيب سالت فيه دماء ورحلت فيه أرواح وكبرت بعده الكراهية ورغبة الانتقام بين أبناء الشعب الواحد...
لماذا اختاروا بورسعيد ومباراة المصري والأهلي ولم ينتظروا بضعة أيام ومباراة أكبر وجماهيريتها أكثر وأقصد لقاء الأهلي والزمالك؟.
اختاروا بورسعيد لأنها رمز نضال وفداء وتاريخها البطولي وشهداءها الذين قدمتهم للوطن نقطة مضيئة في تاريخ مصر...
اختاروا الرمز ممثلا في مكان وعلي الجانب الآخر اختاروا الرمز متجسدا في كيان رياضي له تاريخه الوطني المشرف وله أبناؤه الذين شاركوا في المنتخبات الوطنية وله إنجازاته وانتصاراته المحلية والقارية والدولية وله جماهيره الغفيرة علي طول البلاد وعرضها...
اختاروا الصدام المروع بين مكان هو قلعة فداء وكيان هو معقل بطولات...
وحدث ما حدث وما لا نعرفه ستكشف عنه تحقيقات النيابة بعد انتهائها.. لكن ما أعتقده وجود عناصر تحريض لعبت علي التعصب الكروي وتلاعبت به لأجل أن يكون هناك دم بين أبناء الشعب الواحد.. رتبت لوقوع المجزرة بصرف النظر عن أحداث المباراة.. وتم ما أرادوه رغم أن المباراة انتهت بانتصار للمصري لم يحققه في تاريخه علي الأهلي ورغم أنها لم تشهد أحداثا يمكن أن تثير غضب الجماهير.. والمعني واضح بأن ما حدث كان سيحدث وأن نية القتل كانت موجودة ولا تراجع عنها...
الهدف.. مسلسل عنف دموي جديد وسقوط ضحايا جدد وخلق مساحة عداء جديدة وهذه المرة ليست ضد هيئة أو مؤسسة إنما بين محافظة جرت علي أرضها بحور دماء وجماهير ناد كبير موجودة في كل محافظات مصر وأولها بورسعيد نفسها...
الهدف.. ألا يبقي في الوطن رمز.. ومدينة مثل بورسعيد العالم كله من عام1956 يعرف ملحمة فدائها وبطولاتها وبسالة وشهامة وشجاعة رجالها ويعرف العالم طهارة أرضها التي شرفت بدماء شهداء قدموا أرواحهم فداء لوطن...
مدينة بهذا القدر من الفخر وذاك الحجم من الإعزاز.. أرادوا تحويلها إلي أرض متعطشة للسفك والدماء بما يقتل علي أرضها الأبرياء...
تلك هي الحدوتة.. حدوتة استدراج الكورة إلي ملعب السياسة واللعب علي أوتار تعصب الكورة لشرخ جسد الوطن...
الحكاية.. لا علاقة لها بالكرة ولا باتحادها وقانونها ونظامها.. إنما هي استدراج شعبية هائلة في فتنة مخيفة...
7 مذبحة الأربعاء الحزين ضحاياها كل شباب مصر وليس ال73 شهيدا الذين سقطوا.. وتلك أهم حقيقة أشارت إليها تلك الكارثة!.
حقيقة أن المجتمع يعيش في جانب والشباب علي الجانب الآخر البعيد دون أي علاقة من أي نوع يمكن فيها تلاقي المجتمع مع شبابه...
هذا الوضع نتاج طبيعي ومنطقي في ظل إهمال احتياجات الطفل والشاب داخل الأسرة وفي المدرسة وفي الجامعة وفي الورشة وفي المصنع وفي الحقل وفي أي مكان...
التعامل من أول يوم وحتي آخر يوم.. متخلف وجاهل وفاشل...
الطفل مخلوق داخله طاقة هائلة لابد من إتاحة الفرصة أمامها ليخرجها أمامنا وتحت إشرافنا في النشاط الذي يحبه هو وليس ما نحبه نحن...
في مصر لا أحد يعرف شيئا من نصف قرن علي الأقل عن الأنشطة التربوية وأهميتها القصوي في بناء الإنسان.. أهمية تجعلها تسبق العملية التعليمية ذات نفسها...
لا أحد مهتم بحتمية ممارسة الطفل والشاب لهذه الأنشطة التربوية إلي أن يجد نفسه في أحد هذه الأنشطة وتصبح هوايته وربما احترافه.. تصبح الشيء الأهم الذي يجد نفسه فيه ويشبع احتياجاته منه...
الأنشطة التربوية والرياضة أولها وأهمها كانت موجودة في المدرسة والجامعة والساحة والنادي وكل مكان وتمت إبادتها من قبل نصف قرن وقت إبادة الملاعب وأماكن الأنشطة في المدرسة المصرية...
الطاقة الموجودة داخل الطفل والشاب إن لم يخرجها في ممارسة الرياضة أو أي نشاط تربوي تحت إشرافنا وأمام عيوننا.. هذه الطاقة إن بقيت مختزنة أخذت الطفل والشاب إلي أمراض العصر.. الإدمان أو الاكتئاب أو التطرف.. وإن تفجرت وخرجت هذه الطاقة بعيدا عن عيوننا.. فهي قنابل موقوتة لا أحد يعرف زمن ومكان تفجرها...
عندنا في المدرسة أكثر من16 مليون طفل وطفلة وفتاة وشاب.. كم عدد من يمارسون الرياضة والأنشطة الأخري؟.
في اعتقادي أقل من واحد في كل ألف هو من يمارس الأنشطة وال999 لا يمارسون.. لأننا.. حكومة ومجتمعا لا نعرف شيئا عن أهمية الأنشطة التربوية.. ولأننا.. حكومة ومجتمعا.. ننظر للرياضة وبقية الأنشطة نظرة دونية.. والأهم من كل ذلك أنه حتي لو عرفنا أهمية ممارسة كل طفل وكل شاب للرياضة والأنشطة الأخري.. لو عرفنا فلن يمارس لأنه لا توجد أرض ملاعب وغرف أنشطة في المدرسة أو أي مكان آخر...
8 الطاقة بقيت مختزنة وأصبح خروجها مرتبطا بمكان غير موجود وإشراف معدوم فأخذت هذه الطاقة صاحبها إلي ما تريد...
طاقة غضب وعنف.. ممكن. طاقة تدمير وتخريب.. وارد. طاقة عداء للمجتمع.. جائز!
أهملنا احتياجات الطفل والشاب للأنشطة لينفس فيها عن نفسه ويستنفد فيها طاقاته...
وبنفس القدر ونفس المنطق المتخلف أهملنا احتياجات الطفل والشاب لأن يفكر بنفسه لنفسه واحتياجه إلي حرية التفكير وحاجته لأن يكون له رأي خاص له يعبر به عن أفكاره...
المدرسة لا يوجد بها أي نشاط اجتماعي يوفر للطالب فرصة للتدريب لأجل المشاركة والانخراط في الجمعيات الأهلية المعنية بمعاونة المجتمع في الكثير من مشكلاته...
ولا وجود لأي نشاط يتعرف فيه الشباب من مرحلة المدرسة علي العمل السياسي وهو احتياج طبيعي حرمنا شبابنا منه وحرمنا الوطن من قوة دفع هائلة لا مكان لها علي خريطة السياسة ولا وجود لها في الأحزاب السياسية...
احتياجات الطفل والشاب للأنشطة أساس لا رفاهية.. واحتياج الشاب لحرية الفكر وحرية الرأي.. أمر حتمي.. وليس معني أننا أهملنا تماما هذا الاحتياج أنه مات أو تبخر وهذا يفسر ظهور جماعات شبابية منظمة.. مثل كفاية و6 أبريل والألتراس...
الاحتياج الشبابي للنشاط والفكر وحرية الرأي والتعبير عن النفس والتنفيس عن الغضب...
هذا الاحتياج أنكرناه علي الشباب فأخذ يبحث عنه إلي أن وجد من يساعده فكانت هذه الجمعيات والتنظيمات والغريب أن شعارها واحد والأغرب أنه نفس شعار حركة( كاخ) الصهيونية العنيفة المتطرفة شديدة العداء للعرب.. شعار القبضة المقفولة...
غريبة أن تكون القبضة المقفولة شعار حركة كاخ التي أسسها مائير كاهانا الكاره للعرب ومن أعضائها باروخ جولدشتاين الذي فتح النيران علي المسلمين في حرم المسجد الإبراهيمي.. غريبة أن تكون هذه القبضة شعار حركة صربيا وغريبة أن تكون هنا في مصر...
نتفق أو نختلف علي هذه الجمعيات.. لكن علينا أن نعترف بأنها الحقيقة...
الحقيقة المعبرة عن أزمة الشباب المستحكمة في مصر...
المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.