لم اتخيل نفسى - فى أى وقت - أفوكاتو مدافع عن الصحافة القومية والاعلام القومى، لاننى - بتواضع كبير - بلغت من التجربة والمعرفة ما يجعلنى اتجاوز حيز الانتماء الى شكل واحد من اشكال الملكية لوسائل الاعلام، او نوع واحد لها.. كما اننى نظرت دوما الى النوعين على انهما: (اعلام مصر) و(صحافة مصر) لا بل وكتبت فى مجلة «الاذاعة والتليفزيون» زمن رئاسة الاستاذ ياسر رزق لتحريرها، رافضا تعبير (التليفزيون المصرى) الذى كان يُطلق على التليفزيون الرسمى قائلا ان (المصرية) ليست صفة مقصورة عليه.. ولكننى لم اتصور حدوث ذلك الاستقطاب بين اعلام الدولة والصحافة القومية من جهة، واعلام وصحافة رجال الاعمال من جهة اخرى، على نحو يفرض اشتباكى دفاعا عما انتمى اليه من صحف وشاشات، بل ودفاعا عن تاريخى وتجربتى ووجودى المهنى والوطنى.. اذ لم يكتف بعض رجال الاعمال بالهجوم المتواصل على صحافة الدولة واعلام الدولة ووسمهما بالتخلف والنفاق وغياب المشروع السياسى وعدم المصداقية وفساد الادارة حتى اسقطوهما او كادوا على المستويين الاقتصادى والجماهيرى.. ولكنهم - ايضا - سعوا الى تنميطهما فى الذهن العام على ان كل مهمتيهما هما الطبل والزمر للنظام، ولم يذكر احد طبيعة مهمة الصحافة التجارية والاعلام التجارى وقيامهما بالطبل والزمر والغناء والطرب، وربما التهتك والابتذال لرجال الاعمال الذين يملكوهما، والعمل على تسييد مصالحهم ورغباتهم ونزواتهم ورؤيتهم للاخبار والوقائع. الصحافة القومية والاعلام القومى على وشك الافلاس وبعض الدور الصحفية انتهت.. فماذا سنفعل فيها؟ هل سنغلقها او نبيعها كما يريد رجال الاعمال، ونذهب اليهم مسترحمين طالبين ان يشغلونا ويوظفونا فى صحفهم وفضائياتهم بحسب رضاءهم عن انتماءاتنا السياسية او تقديرهم ان بعضنا سيسمع الكلام؟! لقد خانت الدولة الاعلام والصحافة القوميين على نحو مروع وارتمت فى احضان الاعلام الخاص والفضائيات التجارية فى انتهازية لا تمد بصرها مترا واحدا الى الامام، ولم تكتشف ان مصالح اصحاب الاعلام والصحافة التجاريين ليست- بالضرورة متوافقة معها.. نحن لن نطلب من السيسى جنيها لانه- كما يردد دائما- لن يدفع جنيها لأحد، ولكننا نريد اسقاط المديونية والا سقط اعلام الدولة وصحافتها ووصلنا الى المشهد المخيف الذى سنتقاطر فيه امام رجال الاعمال نتسول رضاءهم. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع