ارجو ان يأذن لى الرئيس عبدالفتاح السيسى بمناقشة فكرة وردت- عرضا- فى خطابه عند اطلاق مشروع تطوير محور القناة يوم الثلاثاء الفائت.. واعنى حديثه عن ان الزعيم جمال عبد الناصر كان محظوظا باعلامه، واشارته الضمنية الى التعويق الذى يسببه له اعلام وصحافة اليوم، على الرغم من محاولاته المتكررة ادماجهما فى مشروعه الوطنى لاعادة بناء مصر. والحقيقة اننى تعلمت- دوما- الا اقارن إلا بين وحدات متكافئة، ولذلك فإن اعلام وصحافة عبد الناصر فى الستينيات هما- قطعا- غير جرائد اخر الزمان وفضائيات اخر الليل فى اللحظة الراهنة، ومن ثم تنتفى منطقية المقارنة بين الحالين. صحافة عبد الناصر منذ 24 ديسمبر 1960 كانت صحافة قومية يملكها الشعب، وكذلك كان التليفزيون (العربى) الذى ولد عملاقا فى نفس العام. وصحافة واعلام قوميان ليس معناهما قيد على حرية التعبير يفرضه التأميم او سقف واطىء للمعلومات تفرضه الملكية العامة، فلقد شهدت تلك الصحافة (وحتى ما بعد عصر عبد الناصر بفترة وجيزة) معارك كبرى مارست فيها حرية الرأى، بعضها كان ضد انحراف المخابرات عام 1968، والبعض الاخر كان ضد المؤسسة الدينية والاخوان حين عارضوا فكر الاشتراكية الذى ناقشه المؤتمر الوطنى للقوى الشعبية، وبعضها كان ضد القصور الذى افضى الى هزيمة 1967، وبعضها كان نسخا للتعارض بين منصبى وزير العدل والمدعى الاشتراكى، ولكن الحفاظ على المصلحة العامة ومحددات الامن القومى كان التزاما غير مكتوب بين السلطة والاعلام والصحافة يعمقه ويعززه تدريب مهنى وتربية وطنية. اما اليوم فى جرائد اخر الزمان وفضائيات اخر الليل فإن الملكية هى لرجال الاعمال بكل مصالحهم المتشابكة التى- ربما- تتعارض مع رؤية الدولة (ولا اقول النظام) وهى- ربما- تراعى بعض ارتباطاتها الدولية والتى فرضتها طرق نشأتها باكثر من مراعاتها مصالح الدولة والشعب والامن القومى. سيادة الرئيس.. انت تعرف ما اقول جيدا، ومنذ ما قبل يناير 2011 لسنوات طويلة، واذا اردت اصلاحا للاعلام والصحافة ادعم ما هو (قومى)، واجعل منه قدوة ومثالا ولا تترك الصحافة والاعلام القومى يضربان فى تيه الاحساس بانهما منبوذان، وساعتها ستكون محظوظا باعلامك مثل جمال عبدالناصر. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع