غلق طريق إسكندرية الصحراوي من البوابات بسبب وجود شبورة مائية تعيق الرؤية    تامر حسني يتألق بأول حفل بعد إجرائه عملية جراحية في ذراعه (فيديو)    عمرو دياب يتألق في أجمل ليالي مهرجان الجونة.. والنجوم يغنون معه    سفن حربية أمريكية تصل إلى ترينيداد وتوباجو لإجراء مناورات عسكرية قرب فنزويلا    خطة أمريكية جديدة لحل مؤسسة غزة الإنسانية المثيرة للجدل واقتراح البديل    الاتصالات: لم نطبق القانون بأثر رجعي بعد غلق 60 ألف هاتف معفى.. وأمهلنا أصحابها 90 يومًا    في أجواء روحانية، طوفان صوفي في الليلة الختامية لمولد أبو عمار بالغربية (فيديو)    الأمين العام لحركة الجهاد: ملتزمون بوقف الحرب.. وأشكر مصر على جهودها    أسماء المرشحين بالنظام الفردي عن دوائر محافظة بني سويف بانتخابات مجلس النواب 2025    نوفمبر الحاسم في الضبعة النووية.. تركيب قلب المفاعل الأول يفتح باب مصر لعصر الطاقة النظيفة    المشهراوي: لا بد من إطلاق إعمار غزة سريعًا لتثبيت صمود الشعب    مهرجان الموسيقى العربية ال33 يحتفي بأساطير الطرب.. ثروت وناجي يعيدان سحر حليم ووردة| صور    تعرف على موعد بدء التوقيت الشتوي وموعد ضبط الساعة رسميًا    زيلينسكي: الاتحاد الأوروبي أكد أن المساعدات المالية لأوكرانيا ستستمر    غضب من لاعب الزمالك بعد استبعاده أمام ديكيداها الصومالي    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 24 أكتوبر 2025    في قبضة العدالة.. حبس 3 عاطلين بتهمة الاتجار بالسموم بالخصوص    فتاة تتناول 40 حبة دواء للتخلص من حياتها بسبب فسخ خطوبتها بالسلام    رسميًا.. أسعار استخراج جواز سفر متسعجل 2025 بعد قرار زيادة الرسوم الأخير (تفاصيل)    النيابة العامة تنظم دورات تدريبية متخصصة لأعضاء نيابات الأسرة    عيار 21 الآن بعد الزيادة الجديدة.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة (تحديث مباشر)    د. زاهي حواس يكتب: الافتتاح العظيم لأعظم متحف في العالم    نانيس أيمن تكتب: الهند لأول مرة بالعراق من خلال «رقصة النسيج» اللوحة الفنية الراقية والفوز المستحق    «مش بيكشفوا أوراقهم بسهولة».. رجال 5 أبراج بيميلوا للغموض والكتمان    وكيل صحة الفيوم تفتتح أول قسم للعلاج الطبيعي بمركز يوسف الصديق    «بالأرز».. حيلة غريبة تخلصك من أي رائحة كريهة في البيت بسهولة    التجربة المغربية الأولى.. زياش إلى الوداد    82.8 % صافي تعاملات المستثمرين المصريين بالبورصة خلال جلسة نهاية الأسبوع    الشناوي يكشف مكافأة لاعبي بيراميدز عن الفوز بدوري الأبطال    قطة: سأتولى رقابة ديمبيلي.. وسأمنح هذا الثنائي أفضل لاعب داخل القارة    طريقة عمل صوابع زينب، تحلية مميزة لأسرتك    نصائح أسرية للتعامل مع الطفل مريض السكر    أوكرانيا تطلب دعمًا دوليًا عبر "الناتو" لتخفيف آثار الحرب الروسية    مصرع وإصابة شخصان إثر حريق سيارة بطريق السويس الصحراوى    فحص فيديو تعدى سائق نقل ذكى على فتاة فى التجمع    طعن طليقته أمام ابنه.. ماذا حدث فى المنوفية؟.. "فيديو"    سيلتا فيجو يفوز على نيس 2-1 فى الدورى الأوروبى    أحمد حسن يكشف خطوات الحصول علي شقة من الإسكان البديل لأصحاب الايجار القديم    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج ل26.6 مليار دولار    انتخاب إدريس الهلالي نائبا لرئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو    مجلس الوزراء اللبناني يقر اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع قبرص    عاجل- مجموعة "كايرو ثري إيّه" تدعم وحدة زراعة الكبد في مستشفى الناس بمبلغ 50 مليون جنيه    بعد المشاركة في مظاهرة بروكسل.. أمن الانقلاب يعتقل شقيقا ثانيا لناشط مصري بالخارج    الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي: وحدة الكنيسة ليست خيارًا بل طاعة لنداء المسيح    «محمد عبدالوهاب كان هيعملي أغاني».. فردوس عبدالحميد تروي بدايتها في الغناء (فيديو)    محمد ثروت عن مشاركته في فيلم «أوسكار.. عودة الماموث»: شعرت بالرهبة من ضخامة المشروع    لماذا لم تتم دعوة الفنان محمد سلام لمهرجان الجونة؟.. نجيب ساويرس يرد    محمد كساب: ستاد المصري الجديد تحفة معمارية تليق ببورسعيد    أظهرا حبهما علنًا.. محكمة تُلزم 2 «تيك توكر» بالزواج بعد نشرهما فيديو «مخالف للآداب»    نجم غزل المحلة السابق يشيد ب علاء عبدالعال: «أضاف قوة مميزة في الدوري»    راقب وزنك ونام كويس.. 7 نصائح لمرضى الغدة الدرقية للحفاظ على صحتهم    النيابة تكشف مفاجأة في قضية مرشح النواب بالفيوم: صدر بحقه حكم نهائي بالحبس 4 سنوات في واقعة مماثلة    إكرامي: سعداء في بيراميدز بما تحقق في 9 أشهر.. ويورشيتش لا يصطنع    ما الدعاء الذي يفكّ الكرب ويُزيل الهم؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم بلغة الإشارة    هل تأخير صلاة الفجر عن وقتها حرام؟| أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندي: الطعن فى السنة النبوية طعن في وحي الله لنبيه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة الحرة أداة الحوار الوطني
نشر في محيط يوم 21 - 10 - 2007


الصحافة الحرة أداة الحوار الوطني
د‏.‏ طه عبدالعليم
لعل أحد أهم أبعاد المأزق الراهن للصحافة المصرية هو إخفاقها في إدارة حوار وطني جاد وشامل لبناء وفاق وطني في القضايا موضع الإجماع وبلورة خيارات بديلة في القضايا محل الخلاف‏.‏ وفي دفاعي عن حرية الصحافة‏,‏ قولا وفعلا‏,‏ كنت وما زلت أومن بأن الدور الحاسم للصحافة في صنع التقدم لا يتحقق بسباقها في مضمار التحريض والهجاء وإنما عبر نهوضها برسالتها في ميدان التنوير وإدارة الحوار المجتمعي‏,‏ للتعريف بجميع الرؤي‏,‏ المتباينة بل والمتعارضة‏,‏ حول القضايا الراهنة الملحة موضع اهتمام الرأي العام‏,‏ وتلك المتصلة بالتفكير في مستقبل الأمة‏.‏
وفي ميدان التنوير يبرز البحث الجاد عن الحقيقة‏,‏ التي لا يحتكرها أحد‏,‏ باعتباره القصد من المشاركة النقدية الموضوعية للصحافة في النقاش العام‏.‏ وأما في مضمار التحريض فيغلب الاندفاع الي تشهير لا يقدم للرأي العام بديلا للسياسات والخيارات محل الاختلاف الطبيعي‏,‏ وبدون أن يسأل المحرضون أنفسهم‏:‏ لماذا لا يسلم الشعب قياده لهم فيثور‏,‏ أو حتي ينتفض؟ وهل يرجع الأمر إلي رفض ما يطرحونه من بدائل ووسائل؟وإنما ينزلق بعضهم الي هجاء الأمة بأسرها‏!‏
ولا جدال أن المشاركة في الحوار الوطني حق من حقوق المواطنة وواجب يمليه الانتماء والولاء للوطن‏.‏ وحتي تحقق الصحافة رسالتها التنويرية‏,‏ عبر مشاركتها في إدارة الحوار الوطني‏,‏ أعتقد أنه ينبغي التسليم بأن قومية الإعلام الرسمي تفترض أن يكون منبرا لكافة التيارات الفكرية‏,‏ مهما تعددت الرؤي وتصادمت الانحيازات والاختيارات‏.‏ ببساطة لأنه في مصر‏-‏ كما في كل مكان‏-‏ قد تتقاطع وقد تتعارض المصالح والمواقف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتباينة لأطراف الحوار المجتمعي‏.‏
لكنه وبنفس القدر يتوجب أن ينطلق أطراف النقاش العام حول المشكلات والتحديات التي تجابه الأمة من التفكير المسئول في المصلحة الوطنية‏,‏ وأن يكون هاجسهم بجانب البحث الدؤوب عن الحقيقة هو الاجتهاد في تقديم بدائل عملية لحل المشكلة ومجابهة التحدي‏,‏ فلا تتبدد مكاسب الأمة من حرية التعبير في تيه التحريض والهجاء والشتيمة‏,‏ الذي تجسده صحافة الإثارة‏,‏ وتلهبه فضائيات التهييج‏,‏ وتغذيه مدونات الغضب‏!‏
وبين خطاب كل شيء علي ما يرام وليس في الإمكان أبدع مما كان‏,‏ وخطاب أن مصر تنفرد دون سائر بلدان الدنيا بالأزمات وإنكار ما تحقق من تقدم مرئي‏,‏ يتوه الرأي العام ويعجز عن فهم أسباب المشكلات ومخاطر التحديات التي تجابه الأمة‏,‏ ومن ثم تصعب قيادة الرأي العام علي طريق التصدي لها وتجاوزها‏.‏ وتضيع الحقيقة بسبب ولولة وصراخ أصحاب صحافة الإثارة‏,‏ وتناولها للأزمات والتهديدات باعتبارها وليدة الحاضر ومنقطعة الجذور عن الماضي وعما يجري في العالم والمنطقة من حولنا‏.‏ وبذات القدر تتبدد الحقيقة نتيجة الزعم بأن المشكلات والتحديات وليدة الماضي وأن الحاضر من خلقها براء‏,‏ أو هي مجرد نتاج المؤامرة الخارجية والعولمة الظالمة والتدخل في شئوننا الداخلية‏!‏
وفي تقديري أن ضعف صحافة أحزاب المعارضة قد يمثل أهم أسباب المأزق الراهن الذي يجابه الصحافة في ميدان إدارة الحوار الوطني‏.‏ أقصد الصحافة التي لا تقدم المعارضة فيها قراءة ذات أحكام مطلقة وأحادية النظرة للأزمات والتهديدات باعتبارها ناجمة عن مجرد‏:‏ قصور التدين أو هدر الحريات أو عدم العدالة أو فساد الحكم أو طفيلية الرأسمالية‏,‏ وتتجاهل عواقب تضاعف عدد السكان وإملاءات إدارة العولمة وضغوط البيئة الإقليمية ومتغيرات الواقع المحلي وتعقد عملية بل ومفهوم التقدم‏!‏ ورغم الهامش الواسع الذي تتمتع به الصحافة من حرية التعبير‏,‏ فإن حمية النزعة التحريضية تحرم القاريء من مواد تحريرية تقدم قراءة موضوعية تسمح له بمعرفة ما تطرحه صحافة معارضة مسئولة‏.‏
وبقصور صحافتها تحرم المعارضة نفسها من كسب قطاعات متنامية من الرأي العام‏,‏ لأنها إما لا تطرح عليه حلولا تقنعه برؤاها البديلة أو تعجز عن حشده مستفيدة من فرص الوصول إليه عبر منابرها الصحفية وخطابها الإعلامي‏.‏ ودون إنكار ما تتعرض له حركتها من قيود تجسد بقايا عقلية عهد ما قبل التعددية الحزبية‏,‏ تبدو التيارات السياسية الديمقراطية عازفة عن بناء أحزاب توحدها‏,‏ فتكتسب الفاعلية المرجوة في المجتمع‏,‏ وعاجزة عن توفير القدرات المالية والمهنية اللازمة لإطلاق صحافة جماهيرية مؤثرة‏.‏
وأما مأزق صحافة المعارضة فأراه في واقع أن الليبراليين غائبون ومشتتون‏,‏ حيث تفرقت السبل بين دعاة الليبرالية اقتصادية في الحزب الوطني ودعاة الليبرالية السياسية في حزب الوفد إضافة إلي دعاة ليبرالية بديلة في حزب الجبهة الديمقراطية‏!‏ وأن صوت الاشتراكيين مازال شاحبا منذ تبدد في ضجيج سقوط المنظومة الاشتراكية علي الصعيد العالمي‏,‏ وعجز عن طرح البديل الاشتراكي الديمقراطي لمواجهة الإخفاقات المحتومة للسوق الحرة‏!‏ وتوزع الناصريون بين حزب معترف به وآخر تحت التأسيس ومستقلين‏,‏ ومازالوا يعانون عزلة جماهيرية باصرارهم علي استدعاء أشباح الماضي‏.‏ وكرس الإخوان ببرنامجهم كل المخاوف المشروعة من مخاطر وضع الأمة تحت وصاية الفقهاء والتوجه عمليا نحو دولة دينية‏!‏
وعلي الجانب الآخر‏,‏ بقي الحزب الوطني الديمقراطي قاصرا في كسب وقيادة الرأي العام عبر خطاب صحفي وإعلامي يكتسب المصداقية‏.‏ فبقي في نظر الرأي العام منبرا حكوميا أكثر منه معبرا عن هموم الرأي العام‏,‏ وبدت بعض رموزه متباينة في مواقفها الفكرية ومصالحها العملية‏.‏ وقد أطلقت دعوة تطوير الحزب موجة توقعات بعد مؤتمره الثامن عن ارتقائه إلي مستوي من البناء والأداء جدير بحزب يعبر عن تيار الوسط في المجتمع‏,‏ ويسرع بعملية الإصلاح من أعلي ليجنب البلاد عواقب الانفجار من أسفل‏.‏ لكن قدرة صحافة وإعلام الحزب علي حشد الرأي العام وراءه عانت من العزوف عن معارضة الحكومة حين تتوجب المعارضة‏,‏ ولم تنجح في طرح أهداف الحزب البرنامجية وغاياته البعيدة بشكل واضح ومستقيم ومنسجم‏!‏
ويتجسد مأزق خطاب صحافة وإعلام الحزب في جمعه بين من يدافعون عن الاقتصاد الحر في أكثر صوره تطرفا‏,‏ ومن يستمسكون بنطاق لتدخل الدولة في الاقتصاد عفي عليه الزمن‏!‏ ولم يتردد بعض رموز الحزب في الدعوة إلي خصخصة الخدمات العامة للتعليم والصحة والمرافق العامة رغم جوهر برنامجه القائم علي الدفاع عن الاقتصاد المختلط‏!‏ وفي جمعه بين من يدافع عن حرية الصحافة ومن يريد وأدها‏,‏ فزايد بعض كتاب الحزب في تأييد أحكام حبس الصحفيين‏,‏ رغم مبادرة رئيس الحزب بوعده الحكيم بإلغاء الحبس في قضايا النشر‏,‏ وبغير نقاش موضوعي لمواد قانونية توجب الحبس في قضايا الرأي فرضها الاحتلال وتعوزها دقة الصياغة الضامنة لسلامة الأحكام‏!‏ ومع اقتراب مؤتمره التاسع‏,‏ لا بديل أمام الحزب‏,‏ في ظل تحدي حرية الصحافة‏,‏ سوي المناقشة الموضوعية النقدية لأسباب قصور خطابه الصحفي والإعلامي في اقناع الرأي العام بمصداقية دفاعه عن قيم التقدم وحقوق المواطنة‏,‏ التي أقر وثيقتيهما منذ المؤتمر الثامن‏!‏
إن مشكلات الوطن قد تبدو مستعصية علي الحل حين يغيب التحديد الدقيق لأبعادها‏,‏ وينزوي التحليل الموضوعي لأسبابها‏,‏ وتضيع روح المبادرة المسئولة بالحوار حول سبل تجاوزها‏.‏ وفي دائرة الحوار‏,‏ البرنامج الذي شرفت بتقديمه طوال أكثر من ثمانية أعوام كان هاجسي كباحث ومحاور ومدير للنقاش‏:‏ تعريف الرأي العام بالمعلومات الموثقة والكاملة ذات الصلة‏,‏ وإتاحة الفرصة لأطراف الحوار في التعبير عن رؤاها بحرية‏,‏ والتقدم من عرض المشكلة بأبعادها وأسبابها إلي تقديم الحلول البديلة‏,‏ دون إقصاء أو تهميش أي من شركاء الوطن‏,‏ المتأثرين بالمشكلات والمعنيين بحلها وحتي المسئولين عنها‏,‏ فيصبح الإعلام جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة‏!‏ ومن ذات المنطلق‏,‏ أعاود مع مقالي التالي التفكير في مستقبل تصنيع مصر‏,‏ وهي قضية ضمن قضايا الحوار الجوهرية الغائبة عن الصحافة والإعلام‏.‏
عن صحيفة الاهرام المصرية
21/10/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.