تتعرض منطقة الشرق الاوسط لازمات وتهديدات تعد الاخطر فى تاريخها فهناك المخططات الغربية التى تهدف الى تقسيم المنطقة، وتدمير القدرة العسكرية العربية، وادخال الدول فى حروب داخلية وصراعات طائفية واثنية، ودعم الجماعات الارهابية، التى تنفذ الاجندة الغربية، بجانب خيانة بعض الدول العربية ومحاولاتها العمل لتحقيق الرغبة الامريكية فى منطقة الشرق الاوسط، هذه الصراعات اثرت بشكل كبير على الامن القومى العربي. واصبحت المنطقة عرضة لتدخلات خارجية تحت مسمى اعادة الاستقرار وبعدها تقسيم المنطقة الى دويلات صغيرة غير قادرة على حماية حدودها، وتحقق الولاياتالمتحدة اهدافها من السيطرة على ثروات المنطقة وتحقيق الامن لدولة اسرائيل. وتقف كل من مصر والمملكة العربية السعودية فى وجه المخطط الغربى بصفتهما القوتين الفاعلتين فى منطقة الشرق الاوسط والقادرتين على تغيير كل تلك المخططات وحمايتهما للامن القومى العربي، فالقيادتان المصرية والسعودية تدركان تماما الاخطار التى تواجه المنطقة، فمصر تعرضت بعد ثورة يناير للعديد من المؤامرات الخارجية افرزت وصول جماعة ارهابية لحكم البلاد بتحالف مع الولاياتالمتحدةالامريكية، من اجل ضمان تمرير المشروع الغربى فى المنطقة، بل وبدأت تلك الجماعة فى محاولة تقسيم مصر مرة اخرى واعطاء وعود لحركة حماس باعطاء جزء من ارض سيناء واعتباره وطنا بديلا، كما وعد مرسى السودان بالتنازل عن حلايب وشلاتين، كما خطط مع الولاياتالمتحدة بتغيير عقيدة القوات المسلحة المصرية، الا ان الشعب كان على وعى تماما بما يحدث وخرج فى 30 يونيو ليزيح تلك الجماعة ويضرب المخطط الامريكى فى مقتل. ولم تكن المملكة العربية السعودية ببعيدة عن المؤامرة التى تحدث فى مصر فكانت تقف تراقب عن كثب ما يحدث الى ان قامت ثورة يونيو لتكون الدولة الاولى التى ايدت الثورة وتقف امام الولاياتالمتحدة لتقف هى الاخرى امام الارادة الغربية التى كانت ترغب فى فرض عقوبات على مصر، فى محاولة يائسة لاعادة نظام الاخوان، واكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز انه يقف بجانب الارادة الشعبية المصرية. لم يكن الموقف السعودى بغريب فالدولة وقياداتها تؤمن باهمية حماية الامن القومى العربى والذى يبدأ من مصر التى ان تضررت يتضرر معها الوطن العربى بأسره، كما ان مصر والسعودية تدركان ان تكاملهما وتعاونهما قادر بشكل كبير على حماية الامن القومى العربي. ان الرؤيتين المصرية والسعودية متطابقتان تماما لما يحدث من متغيرات فى منطقة الشرق الاوسط وتهدفان بشكل اساسى لحماية الامن القومى العربي، فاذا نظرنا فى البداية الى منطقة الخليج العربي، نجد ان هناك تهديدا من ايران لدول الخليج فايران تسعى الى المد الشيعى من خلال دعم العناصر الشيعية فى دول الخليج لاثارة الازمات وهو ما فعلته فى البحرين فى محاولة لاسقاط الدولة، الا ان المملكة العربية السعودية كانت على يقين بأن ما يحدث هو مؤامرة ايرانية، فقامت بادخال قواتها دولة البحرين بعد طلب ملك فى اطار اتفاقية الدفاع المشترك لدول مجلس التعاون لاعادة الامن والانضباط واحباط المخطط الايراني، ومن بعدها كانت السعودية تسعى إلى تهدئة الاوضاع فى اليمن و تنفيذ انتقال سلمى للسلطة من خلال اتفاق تم بين على عبدالله صالح والمعارضة، ونفذت تلك المبادرة، وكانت رؤية المملكة فى ذلك انها لا ترغب فى دخول اليمن فى حرب اهلية تؤثر بشكل مباشر على دول الجوار وقد تطول دولا اخرى فى الوقت الذى تدعم فيه ايران ايضا جماعة الحوثيين، بجانب ايضا الموقف السعودى الرافض والحاسم فى قضية احتلال ايران للجزر الاماراتية الاستراتيجية( طنب الكبرى وطنب الصغرى و ابوموسي) . هناك خطر اكبر يواجه منطقة الخليج وبخاصة ما يحدث فى العراق والصراع الداخلى بها وظهور جماعة داعش الارهابية، والتغلغل الايرانى فى الجنوب العراقى بعد الغزو العراقى عام 2003، وسعى الولاياتالمتحدة الى تقسيم العراق الى 3 دويلات الامر الذى سيخلق دولة جديدة شيعية موالية لايران وسط الدول العربية مما يؤثر بشكل مباشر على الامن القومى الخليجى وبالتبعية العربي. الموقف بالنسبة للمملكة العربية السعودية لا يتوقف عند هذا الحد فقط بل ان السعودية عانت ولا تزال من جماعات الارهاب الاسود، من تنظيم القاعدة فى الجزيرة العربية فى محاولة من ذلك التنظيم لإثارة البلبلة والذعر داخل السعودية الا ان القيادة السعودية كانت حاسمة فى تعاملها مع العناصر الارهابية، واستطاعت ان تقضى على عناصر التنظيم داخل اراضيها الا انها مهدده فى الوقت الحالى نظرا لانتشار الارهاب فى المنطقة ومحاولة تسلل عناصر ارهابية الى اراضيها فى الوقت الحالي. اما بالنسبة لمصر فهى ايضا تعانى من صراعات حادة على حدودها، وخاصة من الغرب بسبب اعمال القتال فى ليبيا، ومحاولات تصدير الارهاب الاسود الى اراضيها وتهريب كميات كبيرة من السلاح لدعم الارهاب كما حدث ابان ثورة يناير، بجانب الحرب التى تخوضها مصر ضد العناصر الارهابية فى سيناء، بجانب الحدود الشمالية الشرقية المشتعلة بسبب الاحداث فى غزة . اذن فمن الواضح ان الحالتين المصرية والسعودية متطابقتان تماما تجاه التهديدات التى تواجههما من ارهاب واشتعال المناطق الحدودية، لذا فادراكهما لكل تلك التهديدات جعلهما متطابقتين فى الفكر الاستراتيجى لمواجهة المخططات الغربية، فى الوقت الذى تسعى امريكا الى تنفيذ مخطط الشرق الاوسط الموسع من خلال حلفاء لها مثل دولة قطر، حيث قامت السعودية بسحب سفيرها من الدوحة اعتراضا على تسهيلها وترويجها ودعمها للمشروع الغربي، واحتضانها لعناصر ارهابية خطرة على اراضيها. ان مصر والمملكة العربية السعودية مواقفهما واضحة تجاه المخططات الغربيةوالامريكية، وترفضان بشدة اى تدخلات فى الشأن الداخلى من الخارج وهو ما لا ترغب فيه الولاياتالمتحدة، فمن قبل عندما اتهمت الولاياتالمتحدة بضلوع سعوديين فى عملية احداث سبتمبر، توترت العلاقات بين البلدين ولم ترضخ السعودية لأى ضغوط بل ان الولاياتالمتحدة هى فى النهاية التى قدمت تنازلات للسعودية من اجل اعادة العلاقات الى طبيعتها مرة اخري، وهو الامر الذى تكرر ايضا مع القيادة المصرية بعد ثورة يونيو ومحاولات امريكا للضغط على مصر لكن الارادة المصرية رفضت اى تدخل خارجى فى شئونها، لم تكن تلك المواقف الوحيدة ولكن هناك العديد من المواقف الوطنية التى ترفض التبعية للغرب، فقد رفضت المملكة العربية السعودية اقامة قواعد عسكرية امريكية على اراضيها بعد حرب الخليج الثانية، او ابقاء القيادة الجوية للقوات الامريكية على اراضيها، ذلك لانها دولة ذات سيادة لا يمكن ان تقام على اراضيها قواعد اجنبية مهما كانت المكاسب التى ستأتى من بعدها، هذا الموقف تكرر من القيادة المصرية من قبل عندما طلبت الولاياتالمتحدةالامريكية اقامة قاعدة عسكرية الا ان القيادة المصرية وقتها رفضت بشدة ذلك الوضع الغريب مما اثر بشكل مباشر على العلاقات بين البلدين، وكانت ترغب الولاياتالمتحدة فى استمرار نظام الاخوان لتحقيق اغراضها. ان مصر والسعودية هما القوتان الفاعلتان الوحيدتان فى المنطقة والقادرتان على مواجهة اى مخططات غربية والتهديدات التى تواجهها الدولتان متطابقة الى حد كبير، بل ان المخططات الغربية التى تهدف لتدمير المنطقة ستتحطم على صخرة التعاون الاستراتيجى بين الدولتين، كما يمكن لملمة جروح المنطقة مرة أخري.