توفير 330 فرصة عمل شاغرة بمحافظة القليوبية    بدء محاكمة قاتلي طالب بالمعهد التكنولوجي بالعاشر من رمضان    حماة الوطن: اللقاء التشاورى الثالث للقائمة الوطنية يستهدف وضع خطة الدعاية    وزير الكهرباء يتفقد محطة الشباب المركبة بمنطقة القصاصين في الإسماعيلية    بالتنسيق مع المجلس القومي للمرأة وزارة التنمية المحلية توجه المحافظات بتيسير مشاركة صاحبات الحرف اليدوية فى المنافذ والمعارض الدائمة    تأهيل الشباب المصرى للعمل فى أوروبا    وزير خارجية إيران: تعاوُننا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيتخذ «شكل جديد»    67 طفلا بغزة استشهدوا إثر سوء التغذية.. وأكثر من 650 ألفا في خطر مباشر    شيخ الأزهر ينعى الدكتور رفعت العوضي عضو مجمع البحوث الإسلامية    الأونروا: 800 شخص يتضورون جوعا قتلوا بغزة أثناء محاولتهم الحصول على طعام    الزمالك يستقر على مسؤول التعاقدات الجديد بالنادي    أحمد عبدالقادر يقترب من الانتقال للحزم السعودي بعد ترحيب الأهلي    ميرور: رودريجو على رادار أندية إنجليزية.. واجتماع لحسم مستقبله في الريال    مغربي مقابل كناريا وتوني.. الاتحاد السكندري يكشف عن صفقة تبادلية مع سيراميكا كليوباترا    الأهلي يغلق ملف رحيل وسام أبو علي ويخطر اللاعب بالعودة إلى التدريبات (خاص)    دون إصابات.. الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق شقة بقليوب| بالصور    السياحة تكشف حقيقة نشوب حريق بمتحف ركن فاروق بحلوان    منة القيعي ل«بوابة أخبار اليوم»: «يا بخته» غيّرت مساري.. والدراما حلم مؤجل | حوار    أجنحة ليزا نيلسون.. الفن الذي صرخ فأيقظ العالم    الجيش اللبناني: توقيف 109 سوريين داخل الأراضي اللبنانية لعدم حيازتهم أوراقًا قانونية    وزير الإسكان يتفقد محاور الطرق ومحطة تنقية مياه الشرب الجديدة بمدينة السادات    ضبط 5444 قضية بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    الأرصاد: أجواء شديدة الحرارة والعظمي بالقاهرة الكبرى 35 درجة    خلال ساعات، نتيجة الدبلومات الفنية 2025 بالاسم ورقم الجلوس    رئيس مصلحة الجمارك: تعزيز التكامل الاقتصادي وتسهيل التجارة البينية.. بتوحيد الإجراءات الجمركية وتبادل الخبرات والمعلومات بين الدول العربية    هل تصر عليا الوفد على طرح الثقة في يمامة من رئاسة الحزب؟    المبعوث الأمريكي لسوريا : لبنان أمام تهديد وجودي.. وقد يعود ل«بلاد الشام»    "أثر في طابع".. فعالية فنية تربط بين التراث والبريد في المتحف القومي للحضارة    كريم عبد العزيز يتصدر المركز الثاني في شباك التذاكر بفيلم "المشروع X"    طريقة عمل كفتة الفراخ وجبة سريعة ومغذية وغير مكلفة    حريق هائل بمخازن ورش السكة الحديد بالزقازيق    حبس خفير لاتهامه بقتل زوجته ودفنها بمزرعة في الشرقية    طلب إحاطة لوزير العمل بشأن تفاقم أزمة عمالة الأطفال    "لن يخسروا بسبب يوم واحد".. تيباس يرد على مطالب ريال مدريد بتأجيل مباراة أوساسونا    الصحة: خبير مصري عالمي يجري 6 جراحات دقيقة بمستشفى عيون دمنهور    محافظ أسوان يتابع إزالة التعديات على أراضى الدولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجه ال 26    آمال رمزي: ميمي شكيب بنت بشوات واتظلمت جامد    وزير قطاع الأعمال يترأس الجمعية العامة ل"القابضة الكيماوية" لاعتماد الموازنة    وزير الري يشارك فى الاحتفال بالذكرى الحادية والثلاثين لعيد التحرير الوطني لدولة رواندا    هيئة الرعاية الصحية تعن أبرز انجازاتها في مجال التدريب وتنمية الموارد البشرية    فوائد وأضرار شرب المياه بعد الوجبات مباشرةً    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 التجارة والزراعة والتمريض والصنايع والسياحة فور ظهوره (رابط)    غدا.. «من القلب إلى القلب: الأم حارسة تراث أغاني الأطفال» مائدة مستديرة بالمجلس الأعلى للثقافة    تبدأ من 15 جنيهًا.. أسعار المانجو اليوم السبت 12 يوليو 2025 في سوق العبور    يورجن كلوب: لا أستطيع تجاوز صدمة وفاة جوتا    القبض على لص الدراجات النارية بحي غرب سوهاج    اليوم.. بدء محاكمة المتهمين بقتل طالب «المعهد التكنولوجي» في العاشر من رمضان    صحة الشرقية تعلن تنفيذ حملة للتبرع بالدم    محمد فؤاد يشعل افتتاح المسرح الرومانى بباقة من أجمل أغانيه    دار الإفتاء توضح مسؤولية الوالدين شرعًا تجاه أولادهم فيما يتعلق بالعبادات    رئيس جامعة الأزهر: دعاء "ربنا آتنا في الدنيا حسنة" من كنوز الدعاء النبوي.. وبلاغته تحمل أسرارًا عظيمة    ريال مدريد يهنئ فينيسيوس جونيور بعيد ميلاده ال25    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    الرئيس السيسي يتوجه إلى غينيا الاستوائية للمشاركة في القمة التنسيقية للاتحاد الأفريقي    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    نجيب جبرائيل: الزواج العرفي لا يُعد زواجًا بل «زنا صريح» في المسيحية (فيديو)    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    "مثل كولر".. عضو مجلس إدارة الزمالك يعلق على تولي فيريرا مهمة القيادة الفنية للفريق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العقل التعبوى سيّدَ العقل الغوغائى
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 08 - 2014

يبدو لى أن ثمة ملاحظة مهمة فى تاريخ تطور العقل المصرى وإنتاجه المعرفى الحديث والمعاصر، تتمثل فى أن مرحلة مواجهة «صدمة الحداثة»، وتحدى
التحديث اتسمت بالحيوية فى السعى إلى التكوين التعليمى والمعرفى والفلسفى والكلامى الذى ارتكز عليه تكوين العقل وتشكيلاته وأنماطه الحداثية والأداتية/ التقنية، والإصلاحية التوفيقية، والقانونية / التنظيمية والإدارية، والنقلية. منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى المرحلة شبه الليبرالية 23-1952 أتسم العقل المصرى وأنماطه بالحيوية فى التفكير والانفتاح على مراكز الفكر الأوروبي، وضراوة الأسئلة التى طرحها العقل سعياً وراء إجابات لها. تعود الدينامية العقلية/ اللغوية، فى الإنتاج الفكرى إلى نهاية القرن التاسع عشر، حيث بدأت تتبلور صحوة الأسئلة الكبرى حول سؤال لماذا تقدموا؟ ولماذا تخلفنا؟. كانت الأسئلة تعبيراً عن بدايات حيوية لغوية/ فكرية بدأت ملامحها فى السعى الجدى إلى تعريب بعض المفاهيم والمصطلحات الحديثة التى تم إنتاجها فى إطار عمليات التطور السياسى والقانونى والاجتماعى والثقافى والفلسفى الأوروبي. من هنا برز العقل الإصلاحى الذى رمى إلى استعارات لغوية وفلسفية، ولهندسات دستورية وقانونية حديثة تم نقلها واستمدادها من المرجع الأوروبى المركزى إلى اللغة العربية، وتوطينها ومن ثم إلى الإنتاج الفكرى المصرى حولها. من هنا كانت الاستعارات الثقافية الأوروبية دافعة ورافعة لترجمة لغة القانون والقضاء الحديث ونظرياته، والدساتير، ونظم الإدارة، والطب والتخطيط العمراني، والأنماط والطرز المعمارية من هاوسمان فى عهد إسماعيل باشا، إلى الإيطاليين والمصريين والشوام انطلاقاً من القاهرة الخديوية والإسكندرية إلى غيرهما من بعض المدن المصرية، وإلى تأسيس الجامعات الحديثة. كان العقل المصرى مهجوساً بسؤال التقدم ثم التحديث والحداثة إلى حد ما، ثم سؤال الإصالة الملتبس والغائم.. الخ. من هنا كانت الأسئلة الكبرى وما يتفرع عنها تعبيراً عن توق وتطلع إلى تغيير أنماط الحياة والثقافة والقيم والتعليم والصناعة والزراعة والتجارة فى مصر.. الخ.
من ناحية أخرى كانت ضراوة الاستجابات تعبيراً عن صدمة التحدى الغربى وتراكم التخلف التاريخى للثقافة والمجتمع. من هنا لعب المجتمع شبه المفتوح على عالمه دوراً بارزاً فى تطور مصر، ومن ثم بعض الردود على أسئلة عصره وشكل بيئة جادة للأسئلة والإشكاليات والتحديات التى تطرحها على العقل وأنماط وتشكيلاته. من ثم كانت بعض الاستجابات الفكرية واللغوية تتسم بالجدة وبعضها الآخر كرس الانتقائية والتهجين فى اللغة / الأفكار بين التقليدى والمحدث، وهو ما شكل فى بعض جوانبه مناورة مع الأفكار الحديثة. أدى انهيار النظام شبه الليبرالى 23-1952 إلى استمرارية بعض فوائضه الفكرية إلى أوائل عقد الستينيات من القرن الماضي، وهو ما ساعد على بعض من الحيوية للعقل المصرى امتدت بعض آثاره إلى قلة قليلة من بعض مفكرى جيل السبعينيات الضاري. إن تشكيل التسلطية السياسية ومعها التسلطية الدينية حول نظام يوليو، أدى إلى تسييد «الفكرة الوطنية»، والفكرة القومية العربية الجامعة ومفاهيم التعبئة السلطوية، وفى ذات الوقت طرح ناصر مشروعا اجتماعيا ذا نزعة عدالية، إلا أن الإقصاءات والقيود السياسية والقانونية على حريات الرأى والتعبير والنشاط السياسي، والمبادرات الفردية والجماعية، و هزيمة يونيو 1967 أدت إلى طرح أسئلة التعبئة والحشد وإزالة آثار العدوان، ثم بعد ذلك حدثت حرب أكتوبر 1973، ورغم نتائجها فإن الغوغائية الإيديولوجية والنخبوية شكلت أحد مسارات التغير الفكرى لاسيما فى ظل كثافة التوظيف السلطوى للإسلام فى صراعاته السياسية وبروز بعض من التكفير السياسى والدينى لخصوم الرئيس الأسبق أنور السادات، الذى انتهى صريعاً جراء المزايدات السياسية على الدين وبه فى العمليات السياسية والثقافية بينه وبين بعض القوى الإسلامية الراديكالية. من هنا كانت دولة التعبئة والحشد والتنمية المستقلة، تصوغ البيئة السياسية والأمنية والثقافية. لا شك أن طبيعة التغير فى طبيعة النظام السياسى التسلطية أثرت على التعليم، والتكوين الثقافى والمعرفى التى أسست لتشكيلات العقل المصرى وأنماطه.
إن العقل التعبوى شكل حالة شبه عامة فى اللغة والإنتاج الفكرى المصري، وسعى بعض «الفلاسفة» إلى دعم الخطاب الإيديولوجى للزعامة السياسية، بالكتابة عن «الحياد الفلسفي» يحيى هويدي - لدعم سياسة الحياد الإيجابى وعدم الانحياز. تراجعت الترجمات عن العلوم الاجتماعية وتطوراتها المنهجية، ومصطلحاتها بينما كانت تترى التطورات النظرية واللغوية والسوسيولوجية والفلسفية والألسنية منذ نهاية عقد الأربعينيات من القرن الماضي. من هنا اتجهت الترجمات إلى بعض الكتابات النظرية الماركسية، وبعض النظريات التى سادت تجارب الاقتصادات المخططة فى أوروبا الشرقية. بعض الحيوية كانت فى مجال ترجمة الإبداع المسرحى وبعض الترجمات فى مجال الرواية الغربية هيمنجواى وفوكنر، وشتينباك -.. الخ - والأفريقية. من هنا كانت اللغة الأدبية تتطور نسبياً. والنقد الأدبى بعضه اتسم بالنزعة الانطباعية. كان العقل القانونى يدور فى الأطر الشكلانية، ويستبعد الجوانب الخاصة بسيوسولوجيا وفلسفة القانون نظرياً واصطلاحياً، والأخطر على مستوى التطبيقات البحثية والميدانية إلا قليلاً. كان العقل الايديولوجى التعبوى يدور فى آسار لغته ومقارباته ومن ثم أثر على النظام اللغوي، والميل إلى لغة «الكلاشيهات» Cliche الخشبية، والتى تحمل يقينها الخاص، وكأنها قوانين تفسر كل شيء، ولكن لا تفسر شيئاً. استمرت الحالة التعبوية فى ظل مرحلة السادات إلى ما بعد حرب أكتوبر 1973، وبدأت سياسة دينية ومعها لغة الايديولوجيا الإسلامية - الإخوانية والأزهرية.. الخ - وثنائياتها الضدية حول الحلال والحرام، الصواب والخطأ، والشرعية الدينية ونظرية الثوابت والمرجعية. مذاكَّ ولا تزال الأسئلة القديمة يعاد إنتاجها بذات الصياغات، أو من خلال أقنعة لغوية أخري. إن الصراع السياسى بين النظام التسلطى من عصر السادات إلى عصر مبارك وما بعد أدى إلى إنتاج لغة وأسئلة وأجوبة معلبة وسابقة التجهيز، ولم يفتح الباب واسعاً أمام العقل النقدى إلا فى هامش النظام والحركة السياسية الهشة والضعيفة، ومعها الجماعات الإسلامية السياسية والراديكالية. عاش العقل النقدى فى الهامش بينما السلطة ومعارضتها تتدهور مستويات تفكيرها وظلوا معاً سائرين فى اللغو والثرثرة والشعارات الفارغة، وأوغلوا معاً فى الفكر اليومى والمحلى ضيق الأفق، بينما غادروا زمن العالم، وسكنوا أزمنتهم الخاصة... بينما كان الهامش الفكرى فى الفكر والرواية وقصيدة النثر والقصة، والترجمة لنظريات المسرح المعاصر يشهد حيوية وبعضا من الفعل الثقافى المستقل المواكب لبعض عالمه المتغير. وللحديث بقية.
لمزيد من مقالات نبيل عبدالفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.