في تجربة فنية ثقافية جمعت بين الماضي والحاضر، وبين التراث المصري العريق وفن الطوابع، احتضن المتحف القومي للحضارة المصرية فعالية بعنوان "أثر في طابع"، على مدار يومين متتاليين، لتؤكد مرة أخرى أن المتاحف لم تعد فقط أماكن لحفظ القطع الأثرية، بل أصبحت منصات مفتوحة للإبداع، والتعليم، والتواصل بين الأجيال. اقرأ أيضًا| «أثر x طابع» بالقومى للحضارة المتحف منصة للإبداع الثقافي تندرج فعالية "أثر في طابع" ضمن سلسلة من الفعاليات التي ينظمها المتحف القومي للحضارة المصرية، سعيًا لتفعيل دوره كمركز للإبداع والمعرفة والتفاعل الثقافي، وبهدف تعزيز الوعي الأثري والحضاري لدى الجمهور من مختلف الأعمار والفئات. جاء تنظيم الفعالية بالتعاون مع الهيئة القومية للبريد المصري، ونادي الرواد المصري لهواة جمع الطوابع، وكلية التربية الفنية بجامعة حلوان، ومتحف الشرق الافتراضي، وبمشاركة نخبة من الفنانين المصريين والمبدعين الشباب. الطابع البريدي... توثيق فني وهوية وطنية أوضح الدكتور الطيب عباس، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف، أن فعالية "أثر في طابع" تعكس رؤية متكاملة لربط الماضي بالحاضر، مشيرًا إلى أن الطوابع البريدية، خصوصًا التذكارية منها، ليست مجرد وسيلة مراسلة، بل تُعد مرآة فنية وثقافية توثق أحداثًا تاريخية وشخصيات وطنية، وتعبر عن الهوية المصرية بأسلوب بصري فني عميق. كما أكد أن الفعالية تسعى لإعادة اكتشاف رموز الثقافة المادية والمعنوية في مصر، عبر عدسة الفن البريدي، مما يسهم في الترويج الثقافي والسياحي باستخدام وسائط غير تقليدية. معارض نادرة وتجارب تفاعلية أشارت الأستاذة نانسي عمار، منظمة الفعالية، إلى أن البرنامج اشتمل على مجموعة متميزة من المعارض والأنشطة، كان من أبرزها: معرض نادر للطوابع التذكارية والبريدية من مجموعات نادي الرواد لهواة جمع الطوابع. عرض خاص من البريد المصري لطوابع تذكارية توثق لحظات خالدة مثل "موكب المومياوات الملكية". معرض فني مبتكر لأعمال ومجسمات مستوحاة من تصميمات الطوابع، نفذها طلاب كلية التربية الفنية. تجربة الواقع المعزز (AR) لطوابع قديمة تجاوز عمرها 100 عام من سبع دول عربية، بمشاركة "متحف الشرق" الافتراضي. ورش فنية تفاعلية وتراثية وفي جانبها التفاعلي، احتضنت الفعالية عددًا من الورش والأنشطة، من أبرزها: عرض حي لبطاقات بريدية نادرة من مقتنيات الدكتورة نجوى بكر. ورشة عن شخصية "البوسطجي" وصندوق بريد قديم. ورشة تعليم الخط الهيروغليفي، وفن البازل المستوحى من الطوابع. ورشة رسم كاريكاتيري داخل إطار طابع بريدي، قدّمتها الفنانة رانيا محمود. عروض موسيقية حية أضفت أجواء فنية راقية، أحيتها أوركسترا "الأنامل الصغيرة" ومجموعة من الفنانين المستقلين. تكريم المشاركين واحتفاء بالإبداع اختُتمت الفعالية في أجواء من البهجة والتقدير، حيث تم توزيع شهادات تقدير لجميع المشاركين، تقديرًا لمساهماتهم المميزة في إنجاح الحدث. وقد عكست الفعالية روح التعاون بين المؤسسات الثقافية والتعليمية والفنية، وسلطت الضوء على قدرة المتاحف على تجديد أدوات التواصل مع الجمهور، والانفتاح على وسائل تعبير جديدة تمزج بين التراث والفن والتقنية. فعالية "أثر في طابع" ليست مجرد حدث عابر، بل تجربة متكاملة تُعيد رسم العلاقة بين المصريين وموروثهم الثقافي من خلال وسيط بسيط لكنه غني بالمعنى: الطابع البريدي. وبين معارض الطوابع القديمة، والورش الفنية، والعروض الموسيقية، قدم المتحف القومي للحضارة نموذجًا ملهمًا لمتحف عصري ينبض بالحياة والإبداع ويعانق ذاكرة الوطن.