مبادرة حضارية أطلقتها محافظة القاهرة أخيرا, ومن خلال دراسات مكثفة وطموحة لتطوير منطقة مثلث ماسبيرو وبولاق أبو العلا التي سميت بهذا الاسم الذي يعني البحيرة الجميلة. والتي أصبحت كئيبة عمليا بعد أن طالها الإهمال, ويتعرض نحو90% من منازلها للتساقط والتهدم, وما يترتب علي ذلك من تهديد لحياة سكانها, حيث توجه المحافظ د. عبدالقوي خليفة للقاء أهل المنطقة عارضا برنامج التطوير, مطمئنا إياهم بأنه يحفظ حق كل منهم في الإقامة بالمنطقة, بعد تحويلها إلي وجه حضاري اقتصادي وسياحي ضمن برنامج الدولة لتحديث العاصمة لتكون علي مستوي عالمي, وتعويض سكان المنطقة سكنيا أو ماديا بسعر السوق. بداية يؤكد المهندس الاستشاري أحمد حلمي أن الخطة التي اعتمدتها المحافظة ووزارة الإسكان لبدء التنفيذ قريبا ستكون لها الأولوية لجعل بولاق أبو العلا منطقة فريدة من حيث البناء والخدمات الفائقة الخاصة بالسياحة, فضلا عن السفارات والبنوك, لتكون المنطقة من أرقي الأحياء بالعاصمة, وكانت كذلك من قبل في أيام الوالي محمد علي الذي أقام بهذه المنطقة صناعات السفن, والمطبعة البولاقية, والصناعات الحيوية لسد احتياجات مصر والجيش, وهي تقع علي نحو72 فدانا ويقطنها الآن نحو3 آلاف و700 أسرة, معظمهم يعيشون حياة غير آدمية, ونصف عددهم يعيشون بمعدل أسرة في مساحة10 أمتار, والنصف الآخر ما بين20 و30 مترا, وحجرة واحدة, حيث ثبت أن نسبة90% من هذه المساكن آيلة للسقوط, مما يهدد حياة هؤلاء السكان, حيث أكد لهم المحافظ أن حقوقهم محفوظة, وأنه لا داعي للتخوف من نيات الدولة في تطوير المنطقة, خاصة أن هذه المباني أصبحت في حالة لا يمكن إصلاحها أو ترميمها بعد إهمالها لسنين طويلة, وهو ما يتطلب بذل الجهد لسرعة تنفيذ برنامج الدولة لإنقاذ المنطقة, ولتكون واجهة مشرفة للعاصمة لوجودها علي نهر النيل. التطوير والتخطيط وأضاف أن مشروع تطوير وإعادة تخطيط منطقة ماسبيرو أصبح حتميا, لأن المنازل تتساقط يوما بعد يوم, وتحدث حالات وفاة كثيرة, وأن معظم السكان لا يملكون الفرصة المادية لشراء مساكن, أو السكن في مناطق أخري, إذ إن نصف هذه المساكن تقريبا بلا دورات مياه, أو بدورة مياه مشتركة لكل الأسر في المنزل الواحد الذي يضم عددا كبيرا من العائلات, بالإضافة إلي وجود أخطار أخري من حالات البلطجة التي يتعرضون لها لوجود نحو15% من السكان من المجرمين والهاربين من الأحكام, والمسجلين خطر بالمنطقة, والهاربين من بلادهم, كما أن معظم السكان يعيشون تحت خط الفقر, فنصفهم يعيشون بالإيجار يما يتراوح بين4 و10 جنيهات شهريا, بينما تتراوح متوسطات الدخول ما بين150 و300 جنيه للأسرة الواحدة, والعمل السائد عامة في الحرف اليدوية أو الفنية, بينما نحو35% من السكان يعملون في القطاع الخاص أو الحكومي أو قطاع الأعمال. وأشار إلي أن الخطط التي سبقت حول تطوير منطقة بولاق أبو العلا والمناطق الشعبية المحيطة, تأخرت كثيرا بسبب عوامل اقتصادية وتنظيمية, علاوة علي مخاوف السكان ورفضهم, اعتقادا منهم أنه سيتم طردهم من المنطقة, في الوقت الذي يعانون فيه انخفاضا في مستوي المعيشة ماديا, ومن النواحي الصحية والتعليمية, ونتيجة لانخفاض هذا المستوي فإن السكان الذين لا يهتمون بتعليم أبنائهم يشكلون نسبة تصل إلي70% منهم, ولا يقدر معظمهم علي توفير العلاج لأفراد الأسرة أو حتي الملابس الجديدة إلا في المواسم والمناسبات فقط, ويظهر ذلك في إقبالهم علي شراء الملابس المستعملة, أو البالات المعروضة في سوق روض الفرج, كما تعاني المنطقة من الازدحام الشديد, وضيق الشوارع, وانتشار القمامة, فضلا عن أن نحو25% من السكان لا دخل لهم أو عمل, في الوقت الذي يمكن فيه إقامة مشروعات كبري تحقق نهضة شاملة لسكان المنطقة, والقاهرة في الوقت نفسه لتصبح عاصمة مصر عالمية, وحسب الخطط التي طالبت بالعاصمة الجديدة بحلول منتصف القرن. الشكل الحضاري وأكد المهندس الاستشاري أن الخطط الموضوعة حاليا التي ستسندها المحافظة ووزارة الإسكان لشركات مقاولات كبري, يجب أن تركز علي التطوير الشامل في خريطة متكاملة بحيث يجري الهدم والبناء في وقت واحد علي محورين من جانبين بمراعاة للتخطيط, فهناك القطاع المطل علي النيل و الكورنيش يوجد به مبني التليفزيون ووزارة الخارجية, ويمتد حتي البنك الأهلي والهيئة العامة للكتاب وغيرها, بما يراعي الشكل الحضاري المتكامل للكورنيش, بينما تكون التقسيمات متوازنة بين العمارات التي ستبنيها المحافظة لسكان المنطقة, والحدائق والمساحات الفضاء بالشوارع, وإقامة البنوك العالمية والمحلية والفنادق المتميزة, ومقار لشركات السياحة والسفارات الراغبة في هذا الموقع, بحيث يتم تعويض التكاليف الخاصة بهذه الأبنية في إقامة مبان, وتقديم تعويضات لأصحاب المنطقة الأصليين بما يتناسب وسعر السوق وحقوقهم, حيث من المقرر بناء نحو64 عمارة تستوعب نحو ثلثي السكان, بالإضافة لتخصيص شقق أخري بمدينة6 أكتوبر, وجميعها ستكون بمساحة70 مترا للأسرة الواحدة, وأن نستفيد في ذلك من تجربة إعادة تجديد وبناء عاصمة لبنان بيروت, التي تركزت علي عوامل السياحة, ومناطق الشهرة العالمية بالمدينة, وذلك بعد أن انتهت الحرب الأهلية بها لتصبح هذه العاصمة موقع جذب عالميا. وأضاف المهندس الاستشاري جمال حافظ أن الخطة المطروحة من الإسكان والمحافظة أتاحت تطوير المنطقة وسكانها أيضا لتخرجهم من حالات الفقر الشديد, فضلا عن توفير رعاية كاملة لهم باعتبارهم مواطنين لهم حقوق الرعاية, ذلك لأن المنطقة بضيقها الشديد من حيث الشوارع, وتكدس الأسر بالمنزل الواحد, لا تسمح بمتابعة ورعاية سكانها, وفي الوقت نفسه فإن معظمهم يرفضون تركها, وأصبح علي الدولة واجب رعايتهم في جميع الأحوال حتي لا تكون المنطقة مصدرا لتفريخ المجرمين ممن لم يلقوا أي رعاية تعليمية أو دينية أو صحية وغيرها, إذ إن المساكن المزمع إقامتها لأهل المنطقة عبارة عن أبراج كل منها بارتفاع عشرة أدوار كاملة المرافق والخدمات, بما يحفظ كرامة الإنسان الذي عاش لا يجد دورة مياه في منزله, أو حنفية مياه. وهذه الخطوة تمثل تعويضا مبدئيا للمواطن, سواء من الملاك أو المستأجرين حتي سكان الأراضي التابعة للدولة بالمنطقة, بما يسهل نقل المواطن إلي سكنه الجديد حتي قبل هدم المباني التي تعيش فيها هذه الأسر أو أصحاب المحال التجارية والصناعية, التي تبلغ نحو500 محل, وتعمل معظمها في تجارة الملابس القديمة, أو الحديد الخردة, أو الميكانيكا, فضلا عن محال البقالة وغيرها, ومعظمها في منازل آيلة للسقوط أو متهالكة. وهذا يمهد لرفع مستوي معيشة المواطن بهذه المنطقة, ورفع مستواه الاجتماعي والصحي والاقتصادي, مع ضرورة أن تواكب ذلك متابعة من أجهزة الدولة لتنمية هؤلاء الأفراد وإرشادهم بالسلوكيات المتناسبة مع المنطقة الجديدة. وأشار إلي أن هناك اقتراحات متفرقة لتنفيذ الخطة بإزالة الأبنية الجيدة, ومبني الإذاعة والتليفزيون, وطرح تعويضات وأماكن جديدة تمهيدا لتنفيذ برنامج كامل في إقامة منطقة متميزة تجاريا وسياحيا وسكنيا, وعلي مستوي عالمي يليق بعاصمة مصر, لتكون ذات أبنية حيوية ضمن مشروعات كبري, والاعتماد علي عرض خطة البناء بعرض البيع بأسعار عالية تغطي تكاليف المشروع من النواحي الخدمية والبنية الأساسية التي يجب أن تبدأ قبل إقامة أي مشروعات, ومراعاة وجود مساجد أثرية مهمة مثل مسجد أبو العلا, وسلمان باشا, وأقدمها مسجد زين الدين يحيي, وتقطنها أسر قديمة علي مر السنين, بعضها قادم من الأرياف, والآخر من الصعيد, كما أن بها كنيستين و4 مناطق أساسية هي: الفرنساوي, والصحافة, والعدوية, والكنيسة. قنصليات وسفارات وقال: إن الخطة التي وضعت من قبل ولم تنفذ نتيجة تقاعس مجالس الوزراء المتعاقبة, التي تشمل أيضا إعادة تجديد3 متاحف وإقامة جراجين, وخدمات بريدية متميزة, وفتح المجال لإقامة مقار وأبنية خاصة بالقنصليات والسفارات الأجنبية, علاوة علي عن أجمل المواقع للشركات العقارية الكبري المحلية والدولية للتسابق علي شراء قطع بها لإقامة أبراج سكنية, وهذا يستوجب تدخل مجلس الوزراء لانتزاعها بعد طول تسويف يؤثر علي مستقبل القاهرة العالمي بعد أن ظهرت شركات عربية تعرض شراء الغرفة الواحدة بمبلغ15 ألف جنيه, وتمتد المخالفات لبيع بعض الأهالي لمناطق حيوية تؤثر علي إقامة أو تنفيذ المشروعات المستقبلية حسب خطة الدولة المجمدة, ومنها أماكن لإيواء السيارات, وساحة انتظار لحل مشكلة المرور, واستغلال الأراضي الفضاء المهملة, منها حكر أبودومة, ومخزن الغلال لإقامة أبراج كبري علي النيل, وهي أملاك دولة, مع وضع اشتراطات للبناء علي مستوي التخطيط المطروح حتي لا تكون هناك فرصة للعشوائية, وطرح الأراضي الفضاء للشركات العقارية لمتابعة التنفيذ حسب الخطة الموضوعة, وأن هناك اقتراحا ببدء إزالة العقارات المتهالكة أولا الآن وهي عشوائية وتمثل نحو50%, وتمثل خطورة علي سكانها الحاليين, في الوقت الذي يجب فيه إشراك الشركات الأجنبية في الخطة, وهي تستحوذ علي نحو20% من المنطقة, وأغلبها من الكويت والسعودية واليمن وغيرها, وهي استبقت الظروف لشراء هذه المساحة, وهي جزء من نحو3 كيلومترات مربعة في مثلث ماسبيرو. وأشار إلي أن هذه المنطقة ستلقي رواجا يتناسب مع تاريخها, حيث أقيمت في عهد محمد علي باشا, وكان بها ميناء حيوي تجاري للاستيراد والتصدير, فضلا عن المطبعة الرسمية( مطبعة بولاق), وغيرها من الأنشطة الاقتصادية التي ستأخذ طريقها لمعاودة نهضة هذه المنطقة, بعد أن تحولت إلي مجرد سوق للخردة والملابس القديمة التي أصبحت تختنق بها الشوارع, وتتسبب في انتشار الأمراض الصحية والنفسية, مضافا إليها انعدام الخدمات التي تعوق أي رعاية للسكان.