يؤكد هجوم الفرافرة الإرهابى والهجوم الإرهابى الذى سبقه بأيام فى جبل الشعانبى بتونس مرة أخرى المخاوف من أن تصبح ليبيا بؤرة لتصدير الإرهاب الى جيرانها و ضرورة الاسراع بتنفيذ الشق الأمنى من اتفاق وزراء خارجية دول الجوار فى تونس، لأن نجاح المساعى السياسية التى اتفقوا على بذلها لتعزيز مؤسسات الدولة الليبية، وإجراء حوار وطنى لتحقيق الاستقرار مشكوك فيه لتعدد أطراف الأزمة واختلاف توجهاتهم وعمق الخلافات بينهم. ففى 16 يوليو شنت مجموعة إرهابية من 40 فردا هجوما على موقع عسكرى تونسى أودى بحياة 15 جنديا وأصاب 25 آخرين فى أسوأ حادث من نوعه شهدته البلاد بعد الثورة وهربوا، مما أصاب التونسيين بالذهول حول كيفية دخولهم منطقة عسكرية محظورة تخضع منذ أشهر لحصار قوات الجيش والأمن، وبعدها بأيام قليلة شنت مجموعة إرهابية من 20 فردا تدربوا فى ليبيا هجوما مباغتا على نقطة حراسة على طريق الفرافرة بمصر، مستخدمين أسلحة ثقيلة متطورة وحاملين راية تنظيم القاعدة السوداء راح ضحيته 22 جنديا، وبذلك أصبح حرس الحدود فى دول الجوار فى معركة مفتوحة مع الإرهابيين الذين تمركزوا فى الصحراء الليبية الشاسعة مستغلين حالة الفوضى وانهيار الجيش وقوات الأمن الليبية، وتصارع الميليشيات المسلحة على السلطة والثروة مما ترك لهم الحبل على الغارب. يتطلب هذا الوضع المقلق من دول الجوار التى ترتبط مع ليبيا بحدود طولها 4383 كم،وفى مقدمتها مصر،ليس فقط التنسيق فيما بينها لإحكام الرقابة على الحدود حتى تنتهى حالة الفوضى وانما أيضا التنسيق مع قيادة عملية «الهلال الرملي» التى أطلقتها فرنسا مع خمس من دول الساحل الصحراوى لمكافحة الجماعات الارهابية والمتطرفة هى تشاد والنيجر وموريتانيا وبوركينا فاسو ومالي.هذه العملية التى أطلقها الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند قبل أيام من مقر قيادتها فى تشاد ينفذها ثلاثة آلاف جندى فرنسى بالتعاون مع جيوش تلك الدول مستعينين ب 200 مدرعة و20 هليوكبتر و10 طائرات نقل وتموين و6 طائرات مقاتلة و3 طائرات بدون طيار، بهدف منع تلك الجماعات من اعادة بناء نفسها فى المنطقة، ولتدريب جيوش الدول الخمس على أساليب مكافحة الإرهاب، ولأن فرنسا جادة فى تنفيذها، حفاظا على مصالحها الاقتصادية الحيوية فى المنطقة، فمن المتوقع أن تنجح العملية فى تقليم أظافر تلك الجماعات بعد أن قصمت القوات الفرنسية ظهرها فى شمال مالي.لكن الخوف أن يهرب أفرادها الى الجنوب الليبى اذا لم يحدث تنسيق وتعاون بين قادة العملية ونظرائهم فى دول جوار ليبيا العربية ويتخذوا من الصحراء الليبية نقطة انطلاق لشن عمليات ارهابية داخل مصر وتونسوالجزائر والسودان وتهريب السلاح والأفراد والأموال لنظرائهم داخلها. عملية «الهلال الرملي» فرصة جيدة جاءت فى وقتها ويتعين أن تقتنصها دول الجوار العربية لتعزيز أمن حدودها إذا تم تبادل المعلومات الاستخباراتية، والاستفادة بالتكنولوجيا الفرنسية المتقدمة فى المراقبة والملاحقة بالأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار وطائرات الاستطلاع لكشف وتدمير تجمعات ومخابئ أولئك الارهابيين، فتلك القوات ربما تكون الأقرب والأسرع فى التعامل معهم من الجيوش الوطنية التى غالبا ستعوقها مسألة السيادة الليبية من القيام بذلك حتى يمكن اجهاض المخططات الإرهابية قبل تنفيذها. وقد لا يفيد كثيرا الاتفاق الثنائى الأمنى والعسكرى الأخير بين الجزائروتونس للتنسيق وتعزيز التعاون فى مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب الأسلحة إذا ظل ثنائيا، وربما لا يكفى أيضا وضع الجزائر 40 ألف جندى فى حالة تأهب على الحدود مع ليبيا، ولا قرار قيادة قوات الدفاع الجوى الجزائرية غلق عدد من الممرات الجوية التى كانت تستخدمها طائرات نقل مدنى ليبية بسبب عدم وضوح الرؤية حول وضعية مطار العاصمة الليبية طرابلس الذى يشهد اشتباكات بين فصائل مسلحة وسط غياب كلى للقوات الوطنية، خوفا من استخدام عناصر ارهابية ومتطرفة طائرات مدنية فى عمليات إرهابية داخل الجزائر إذا لم يعززها التنسيق مع دول الجوار الأخرى ومع قيادة عملية «الهلال الرملي» والاستفادة بخبرة وقوة فرنسا. وقد أعلنت بلجيكا منذ أيام أن كثيرًا من المقاتلين و«الجهاديين» الأوروبيين يتلقون تدريبات عسكرية فى ليبيا حاليًّا وطالبت الدول الأوروبية ودول حلف الأطلنطى بالإسراع بتنسيق مواقفها، بينما قال دبلوماسى أوروبى انه يصعب على الاتحاد الأوروبى اتخاذ مبادرة محددة حاليا لرفض المجموعات الليبية المتناحرة الحوار واستمرارها فى التعبئة المسلحة وتوسيع رقعة الاقتتال وغرق الدبلوماسية الأوروبية والأمريكية فى مشاكل الشرق الأوسط وأوكرانيا.كما كشف وزير داخلية المغرب قبل أيام قليلة عن سفر 1122 من المغاربة للقتال مع تنظيم «داعش» فى سوريا والعراق، وانضم إليهم ما يتراوح بين 1500 و2000 مغربى مقيمين فى أوروبا.ونظرا لصعوبة عودتهم الى بلادهم فمن المتوقع بعد انتهاء مهمتهم هناك أن يتوجهوا الى ليبيا ليقيموا مع المتطرفين الموجودين فيها امارة اسلامية مماثلة للتى أقامها «داعش» على ثلث أراضى سوريا والعراق إذا استمرت الفوضى الأمنية والسياسية فى ليبيا البالغ مساحتها مليونا و750 ألف كم2 توفر ملاذا آمنا للإرهابيين بمن فيهم مصريون. لمزيد من مقالات عطيه عيسوى