لا شك أن مصر دولة عظيمة بقادتها، وعلمائها، ورجالها، ونسائها، وشبابها، وفتياتها، وتاريخها, وحضارتها، ودورها الريادي في المنطقة فكريًا, وعلميًا، وثقافيًا، وعسكريًا، وحضاريًا، وإنسانيًا, ولعل أهم ما يميز مصرنا الكبيرة العظيمة هو سعة أفقها, وقدرتها على التجاوز والتسامح ، والترفع عن الدنايا والصغائر ، فهي تتعامل بمنطق من يقول : يقابلني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا يزيد سفاهة فأزيد حلمًا كعود زاده الإحراق طيبا غير أن ثمة فرقًا واضحًا بين الحلم عن قوة، وبين الضعف والخنا، فمصر تحلم ولا تضعف، فهي الأخ الأكبر الذي يريد أن يجمع الشمل, ويحول بكل ما يملك دون أي تمزيق لأسرته أو تهديد لكيانها, ولا يمكن له وقت الشدائد أن يتخلى حتى عمن أساء إليه من إخوته . وإذا كان هذا شأن الأخ الأكبر في أسرته, فمصر الرائدة لم ولن تتخلى عن قضايا أمتها , لكنها في الوقت نفسه لن تنجر إلى صراع يمكن أن تمليه أو تفرضه عليها أطراف لا تحسن تقدير الأمور, ولا تعرف الحنكة ولا الحكمة السياسية المصرية . إن مصر على مدار تاريخها العريق غنية بالقيم والأخلاق, لم يعرف عن أهلها غدر ولا خيانة, ولا اعتداء ولا عدوان على أحد بدون حق, بل وقفت بما وسعها من قوة وإمكانات إلى جانب الأشقاء والأصدقاء, وعرفت طوال تاريخها بحسن الجوار , وبسماحة أهلها, وحسن عشرتهم, وخفة روحهم, لم تعرف التشدد ولا التطرف, وما يحدث من موجات عنف عابرة أو طارئة هنا أو هناك إنما هو ظواهر شاذة يلفظها المجتمع المصري بفطرته وطبيعته النقية, وهي سحابة صيف عما قريب تنقشع. لقد استوعبت الحضارة المصرية كثيرًا من مظاهر الحضارات الأخرى, وأفادت منها النافع المفيد, ولفظت الغث والخبيث, وكان أزهرها بسماحته ووسطيته المعروفة عبر تاريخه الذي أربى على ألف عام أحد أهم ضمانات هذة السماحة والوسطية, ليس في مصر وحدها, ولا في العالم العربي وحده, ولا العالم الإسلامي وحده, بل في العالم كله , وقد أنشأت في ذلك أبياتًا أقول فيها: مصر الكنانة في حفظ وفي كنف قد ضُمن الذكرُ الحكيم أمانَها ولئن كبت يومًا فظل زائل عما قريب ينجلي عن ساحها وتعود للإسلام حصنًا شامخًا ولأمة العرب الكرام صمامها من رامها سلمًا فتلك يد أو رامها حربًا فنحن رجالها لا نعتدي أبدًا ولا نرضى الخنا إن الرجولة عندنا بنيانها إحدى اثنتين ولا معقّب بعده النصرُ نصرٌ أو نُرى شهداءها وليسألوا التاريخ عن أبطالها وليفه موا ذكر النبي أجنادها خير الجنود جنود مصر فاقدروا أرض الكنانة حقها ومقامها والأزهر المعمور أزهرنا الذي حفظ العلوم مدى القرون وصانها ومضى يعلم كل شبر في الدنا أن السماحة ديننا عنوانها صلوا على المختار أحمد إنه خير البرية كلها وإمامها