بورسعيد تنفرد بالهلع الأعظم من بين جميع المحافظات والمدن ذات العقارات المهددة بالانهيار! توقعات واحتمالات أزمتها تحمل تنوعا مفزعا للحالات الآيلة للسقوط. وذلك لان التقارير الهندسية تؤكد الإزالة. ومع هذا فالعقارات لم تزل قائمة واتجه سكانها إلي القضاء يشككون في سلامة الفحوص الهندسية ولا يبصرون تصدعاتها وتأكل مبانيها وصدأ أحشائها من الحديد.. والمدهش وما يؤسف أن أحياء ومناطق بالكامل مهددة بزوال معظم عقاراتها.. ومن المتناقضات التي تدعو للحيرة أن أبنية تتمتع بالصلابة يحصل مالكوها علي قرارات سهلة وسريعة بازالتها تفعيلا لقانون يسمح بذلك مادام المالك علي وفاق مع السكان فيستفيد الأول بالأرض وبعد صفقة يمنح السكان بمقتضاها تعويضا مغريا بعد الإخلاء.. والقانون نواياه قد تبدو عملية فهو يستهدف مساعدة المالك علي الاستغلال الأمثل لأرضه في بناء جديد ترتفع فيه طوابقه.. لكن المستفيدين إنما هم السكان الجدد الأثرياء أي القادرين علي شراء وحدات حديثة بأسعار عالية فماذا عن متوسطي الدخل غير القادرين ؟! مقاومة المجهول!! في المجلس المحلي الشعبي إستعرض الأعضاء في جزع حصاد الجولات الميدانية وتقرير مؤلم لمسئولي الإسكان في المحافظة يقررون فيه أن هناك ألفي قرار إزالة في نطاق أحياء بورسعيد لعقارات حكومية وأهالي جميعها حسم فيها المهندسون الرأي بحتمية الإزالة الكلية أو الجزئية فهي اذن عقارات آيلة للسقوط... والكثير من الحالات الصادر لها أيضا قرارات إزالة لم تزل تتداولها مساحات القضاء ولم يبت في مصيرها حتي الآن وإن رجحت التكهنات العلمية بإنهيارها بسكانها!! فمن العسير نجاح مقاومتهم للقدر ومع هذا فأعذارهم وإن كانت مرفوضة وغير مقبولة الا أنها قد تكون مفهومة فهم يبررون موقفهم بإعلاء سؤالهم: إذ أين المسكن البديل ؟! وفي يوم مناقشة المجلس لمقررات هذا الحصاد المر لم يكن متاحا من المساكن البديلة أي الجاهزة لاستقبال سكان العقارات التي تهدمت بالفعل سوي154 وحدة فالموارد المالية في المحافظة محدوده لبناء ما يكفي من وحدات كافية لهذه الحالات أو غيرها رغم أن بورسعيد تتصدر المحافظات في عدد المساكن الحكومية المشيدة في السنوات الماضية. .. والمدهش أن كثير منها يطرح في مزايدات ثمن أين للأسر التي يداهم مساكنها الانهيار ثمن شقة بمئات الألوف من الجنيهات ؟ مشكلة ؟ مزيد من العمارات المهددة ويتناول تقرير لجنة الإسكان نوع آخر من الحالات الحرجة لعمارات تتعجل نفس المصير مثل منطقة السلام الجديد وتتكون من135 عمارة تضم2700 شقة تم بناؤها عام1983 ومع هذا بدأت تتآكل مواسير صرفها وأعمالها الخرسانية مما شكل خطورة وصفتها اللجنة ب الداهمة وهو ما استنفر مخاوف محمد شردي نائب مجلس الشعب فتقدم باستجواب.. ونوهت اللجنة بأن المشكلة تم طرحها منذ سنوات وتداولتها حوارات المجلس المحلي والمحافظ ومديرية الإسكان وانتهت الآراء والتأكيدات الفنية إلي أن هذه العمارات شيدت بغير الطريقة المناسبة لطبيعة تربة بورسعيد ومياهها الجوفية فهي إذن ضحية أخطاء في البناء حتي في المناطق السكنية الجديدة كما في فاطمة الزهراء والسيدة نفيسة(2) فتكونت بحيرات ملوثة تسللت مياهها لتفتك بأساسات عماراتها.. والأحدث وحدات حي مبارك التي لفظت أرضها مخلفات مصانع منطقة الاستثمار المجاورة وخالطت مياه صرفها فساقت عمارات المنطقة إلي دائرة الخطورة مع أن عمرها لا يزيد علي سنوات قليلة والمؤسف أن المحاسبة لم تطل من بنوها ولا من تسلموها من مهندسي الحي!! وننتقل إلي مكتب بورسعيد داخل حي العرب القديم فنكتشف بسهولة أن عقاراتها الخشبية وهي بالآلاف متصدعة وتتساقط فرادي ومن ينجون من سكانها يواجهون مشكلة السكن البديل غير المتاح فلا مفر سوي الانضمام إلي التجمعات العشوائية التي لا يبدو لها حلول عاجلة!! المحافظة تحاول... ولكن!! الاحصائيات كثيرة وغير موحده ولا تتفق الأطراف علي أرقامها الدقيقة لكنها تؤكد صحة العناوين التي بدأناها وتكررها فمخاوف الجميع لها ما يبررها سواء بالتقارير الفنية أو حال العقارات واحتواء الأزمة صعب للغاية لكن أيضا فإن المحافظة لها ما يبرر عجزها أو بطء محاولاتها.. الإحصائيات حقيقة تنذر بأن بورسعيد مدينة علي وشك تداعي وانهيار معظم مبانيها السكنية.. ربما أن التهديد منطقي لأحياء قديمة مثل العرب والمناخ لكن أن يعصف هذا التهديد بعمارات حديثة البناء فهذه هي الخطورة العظمي خاصة أن الدكتور المهندس ممدوح يوسف صالح رئيس لجنة الإسكان بالمجلس الشعبي المحلي يؤكد أن عدد قرارات الإزالة يتجاوز بكثير رقم الألفين(2000) الذي ذكره مسئول تنفيذي والجميع شعبيون وتنفيذيون غير مطمئنين لعدد المساكن الجديدة المتاحة لاستقبال الطوابير المتوقعة لسكان هذه الحالات التي يتعاظم عددها بانضمام آلاف المساكن التي تعوم فوق بحيرات الصرف الصحي. والحقيقة الثانية أن المحافظة حقيقية لا تهمل الأزمة وإنما فقط لا تقدر بمواردها علي احتوائها بالكامل.. وكما يقول المهندس محمد عبد العال مدير شئون الإسكان بالمحافظة فقد خصصت إدارته312 وحدة جديدة جاهزة للأسرة التي تهدمت منازلها وذلك في مشروعات: الرحاب والسيدة نفيسة والأسر الأولي بالرعاية مع حصص أخري من تسعة آلاف مسكن جار إنشاؤها لحالات الإزالة ولبقية الفئات ليبقي السؤال المثير للقلق الشديد: هل تكفي تلك الحصة الضعيفة لمواجهة مشكلة تنبئ بمداهمتنا تباعا وفي اوقات زمنية مجهولة لكنها قادمة ؟!