عاجل- رئيس الوزراء يحاور المواطنين بقرية طحانوب ويطمئن على مستوى الخدمات المقدمة ضمن مشروعات «حياة كريمة»    بورصة الدواجن.. تعرف على أسعار الدواجن اليوم السبت فى سوهاج    الغرفة التجارية بالإسكندرية تناقش ميكنة التصدير وتطبيق التسجيل المسبق للشحنات الجوية بالتعاون مع الجمارك و"MTS"    أردوغان بعد لقاء بوتين: السلام ليس بعيدا    القاهرة الإخبارية: المنخفض الجوي بغزة يتسبب في تدمير 27 ألف خيمة وتضرر ربع مليون نازح    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية بإندونيسيا إلى أكثر من ألف شخص    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    نشوب حريق في أتوبيس ركاب بكفر الشيخ    المتهم بقتل والدته بمدينة نصر: "الشيطان تملك مني وندمان"    قبل انطلاقه.. النعماني يستقبل نجوم لجنة تحكيم "تياترو الجامعة" سامح حسين ولقاء سويدان    مهرجان القاهرة للفيلم القصير يعلن قائمة محكمي مسابقات دورته السابعة    عاجل- رئيس الوزراء يتفقد مشروع مستشفى شبين القناطر المركزي ويؤكد: التعليم والصحة وتحسين الخدمات على رأس أولويات الحكومة    مصرع أم واثنين من أطفالها في انهيار منزل بالأقصر    القبض على المتهمين بإدارة 23 شركة للنصب على راغبي الحج والعمرة    تقرير أممي: التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة المحتلة يبلغ أعلى مستوياته    أمانة المراكز الطبية المتخصصة تكرّم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    «السياحة والآثار» توضح حقيقة تأثر المتحف المصري الكبير بسقوط الأمطار    لخدمة الشباب والنشء.. رئيس الوزراء يؤكد دعم الدولة للمشروعات الثقافية وتنمية الوعي بالمحافظات    الأعلى للثقافة: كشف أثري جديد يعيد فتح ملف عبادة الشمس ويؤكد القيمة العالمية لجبانة منف    القضاء الإداري يؤجل نظر طعن هدير عبد الرازق على نص «القيم الأسرية»    عميد طب القاهرة يدعو إلى تصنيع أول جهاز ECMO مصري بالتعاون بين وحدة الحالات الحرجة والصناعة الوطنية    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى مع اقتراب نوة الفيضة الصغرى    مواعيد مباريات السبت 13 ديسمبر - بيراميدز ضد فلامنجو.. وليفربول يواجه برايتون    قائمة لاعبي السلاح المشاركين في دورة الألعاب الأفريقية للشباب بأنجولا    «أسرتي قوتي».. المجلس القومي لذوي الإعاقة يطلق برامج شاملة لدعم الأسر    استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في جباليا    ترامب يهدد أمريكا اللاتينية بشن ضربات برية «قريبا»    "عربية النواب": اتصال السيسي وماكرون يعكس التوافق حول حتمية حل الدولتين    تربية بني سويف تنفذ تدريبًا للمعلمين على مهارات المعلم الرقمي    نائب وزير الصحة تبحث مع يونيسف مصر اعتماد خطة تدريب لرعاية حديثي الولادة    ارتدوا الشتوي.. الأرصاد للمواطنين: لن يكون هناك ارتفاعات قادمة في درجات الحرارة    وفاة عروس اختناقا بالغاز بعد أسابيع من زفافها بالمنيا    تايلاند تتعهد بمواصلة عملياتها العسكرية ضد كمبوديا حتى إزالة كل «التهديدات»    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    دونجا يكشف سر نجاح بيراميدز    وزيرة التضامن تبحث نتائج المرحلة الرابعة من مبادرة «ازرع» مع رئيس الطائفة الإنجيلية    للشباب.. فرص عمل جديدة في عدد من الشركات الخاصة    الخدمة هنا كويسة؟.. رئيس الوزراء يسأل سيدة عن خدمات مركز طحانوب الطبى    الصادرات الزراعية المصرية تقفز ل8.8 مليون طن.. بزيادة 750 ألف طن    وزارة العمل: تحرير 463 محضرا لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    محافظ أسيوط يفتح بوابة استثمارات هندية جديدة    وزير الرياضة يطلق نصف ماراثون الأهرامات 2025    مواعيد مباريات اليوم السبت 13- 12- 2025 والقنوات الناقلة    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    هشام أصلان في معرض جدة للكتاب: الهوية كائن حي يتطور ولا يذوب    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك بدقه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    الصحة: فاكسيرا توقع بروتوكول تطوير المعامل المركزية للرقابة على الإنتاج وتعزيز جودة الأمصال واللقاحات    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    إفتتاح مؤسسة إيناس الجندي الخيرية بالإسماعيلية    تدريب واقتراب وعطش.. هكذا استعدت منى زكي ل«الست»    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    أحمد حسن: بيراميدز لم يترك حمدي دعما للمنتخبات الوطنية.. وهذا ردي على "الجهابذة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأسماليتنا والديمقراطية ... من الحب ما قتل
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 07 - 2014

منذ أكثر قليلا من العام، وتحديدا في 4 يوليو 2013، كتبت مقالا بالإنجليزية على موقع أهرام أون لاين استعرضت فيه لمحات من التاريخ الفعلي، لا الأسطوري، للديمقراطية الغربية. وكان الغرب وقتها، حكومات وإعلاما، في فورة من الدفاع عن «شرعية الصندوق» في بلادنا.
القصة الأسطورية للديمقراطية الغربية تجعل منها نتاجا خصوصيا متفردا لما يسمى ب»الحضارة الغربية»، وتحققا لخصائص جوهرية لهذه «الحضارة» تعود إلى «طفولتها» في اليونان القديمة، بل وإلى عبارة مقتضبة منسوبة للسيد المسيح بأن «يعطى ما لقيصر لقيصر»، وينسب لها علمانية وعقلانية «الحضارة الغربية» رغم 1500 سنة من الحكم الديني والاضطهاد الديني والحروب الدينية.
ليس مجالنا هنا التوقف طويلا عند خرافة الطفولة اليونانية للغرب، أو عند صياغة العرب كسعاة بريد للتاريخ، جل دورهم هو نقل رسالة اليونان القديمة لأوروبا «عصر النهضة»، ولن نتوقف طويلا بالتالي عند ما أنطوى عليه هذا من إنكار فادح في تزويره للتاريخ الفعلي لدور العرب في نقل وتصدير تقاليد الفكر والفلسفة العقلانية لأوروبا الحديثة.
ما يهمنا من الأسطورة هنا هو ذلك التصور الشائع شيوعا هائلا بأن الديمقراطية الحديثة منتوج رأسمالي صرف، أساسها المادي هو ما يسمى بالطبقة الوسطى، وإنها محض تَحقق للفكرة الليبرالية في كل من الاقتصاد والسياسة، حيث حرية السوق المفترضة، وما يترتب عليها افتراضا من حرية الفرد في الاختيار العاقل بين سلع متعددة معروضة، يقابلها في المجال السياسي حرية الأفراد في الاختيار بين الأفكار والسياسات والأحزاب. فالصندوق الانتخابي وفقا لهذا التصور ليس أكثر من سوبر ماركت سياسي.
عقيدة الاختيار العقلاني الحر في السوق الحر مثلها مثل توأمها السياسي: أسطورة دينية الطابع قوامها الإيمان وليس الاختبار الواقعي، كمثل حرية المواطن الأمريكي على سبيل المثال في الاختيار بين بيبسي وكوكاكولا في السوق، والحزبان الديمقراطي والجمهوري في السياسة، وللكاتب الأمريكي جور فيدال تعليقا طريفا على «حرية» الشعب الأمريكي في الاختيار بين حزبيه الكبيرين، فيصف النسر الأمريكي ك «طائر بجناحين يمينيين».
كما تخفي الأسطورة حقيقة صيرورة الديمقراطية في الغرب كما في غيره من بقاع العالم. في المقال المشار إليه أعلاه ذكرت الرئيس الإمريكي باراك أوباما بأنه لم يكن ليحلم بمكانه في المكتب البيضاوي لو لم يكن لنضال طويل ومرير خاضه الأمريكيون السود، وتضحيات هائلة بذلوها ... في الشارع وليس من خلال الصندوق.
كما ذكرت بالميلاد الصاخب شديد العنف للديمقراطية الغربية وبالنضالات المتواصلة، في الشارع، وعبر قرنين ونيف من الزمان، لكسر احتكار الرأسماليين للمجال السياسي الرسمي، ولم يكن في البدء أكثر من ناد يقتصر على رجالهم. الاقتراع العام في كل مكان نتاج نضالات الفقراء والكادحين ونقابات العمال في الشارع، حق المرأة في الاقتراع فضلا عن القدرة على ممارسته لم يكن ليكتسب بغير نضالات مستعرة تواصلت من بدايات القرن العشرين حتى قرب نهايته، في الشارع أيضا، وبدورها لم تكن السيدة هيلاري كلينتون لتحلم بالوصول إلى البيت الأبيض لو لم يكن لهذه النضالات «غير المشروعة». بل وثمة مفارقة كبرى ماثلة في حقيقة أن العصر الذهبي للديمقراطية الرأسمالية الغربية في الخمسينيات والستينيات كان صنيعة خالصة للنقابات والأحزاب العمالية، فضلا عن تأثيرات تحدي الفكرة الاشتراكية ونضالات التحرر الوطني في العالم الثالث.
نكرر: في كل مكان، الديمقراطية صناعة الفقراء. ولكن للمسألة أبعادا أخرى، فحين يقتحم الكادحون المجال السياسي مرة تلو الأخرى فهم لا يوسعون نطاقه ويعمقون طابعه الديمقراطي فحسب، ولكنهم يعيدون تربية الطبقة الرأسمالية الحاكمة، يجبرونها على اللعب بقواعد جديدة ويعيدون صياغة وعيها واختياراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما يضمن لها مواصلة الهيمنة على الدولة والمجتمع.
غير أن الحرب خدعة كما يقولون، وهي هكذا في المجال الاجتماعي الداخلي كما في التفاعلات بين الدول. فكل توسيع وتعميق للديمقراطية هو تضييق على «حرية» الرأسماليين في تعظيم نصيبهم من فائض القيمة الاجتماعي، وفي إدارة شئون البلاد والعباد وفقما يشاءون، فلحظة التراجع هي نفسها لحظة الالتفاف من أجل محاصرة المكاسب الديمقراطية وإعادة تقييدها، باقتناص رموزها وشعاراتها وتفريغها من مضمونها في أحيان وبالثورة المضادة والبونابرتية والفاشية في أحيان أخرى.
إشاعة مناخ الخوف والرهبة، باستعمال الصدمات والكوارث الطبيعية والبشرية (الإرهاب)، فضلا عن تغذية مشاعر كراهية آخر ما، محلي أو خارجي، على أسس عرقية أو طائفية أو سياسية، هي بدورها من الأدوات المفضلة للرأسمالية لمحاصرة المكاسب الديمقراطية وردها، وذلك كما بينت الكاتبة والناشطة الكندية ناعومي كلاين في كتابها المهم «عقيدة الصدمة». ولعل النموذج الأبرز لهذا هو «الفرصة السانحة» التي وجدها جورج بوش الابن وبطانته من المحافظين الجدد في صدمة 11 سبتمبر لشن حرب ضارية على الديمقراطية على الصعيدين العالمي والمحلي، بهدف تكريس الهيمنة الاستعمارية الأمريكية على العالم لقرن جديد، وإسكات الشعب الأمريكي نفسه عن مقاومة الفجوة المروعة والمتزايدة طرديا بين الثراء غير المحدود لمجتمع الواحد في المائة وبين فقر وعوز متنام في أغنى بلاد العالم. في هذه الحلقة الأخيرة من مقالات ثلاث عن «رأسماليتنا والديمقراطية» تحدثت عن الرأسمالية والديمقراطية عموما ولم أتطرق لرأسماليتنا المصرية تخصيصا. غير أن القارئ اللبيب بالإشارة يفهم.
لمزيد من مقالات هانى شكرالله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.