تعرض مسلسل «صديق العمر» لنقد شديد منذ حلقته الأولي.. كما لم يسلم مسلسل «سرايا عابدين» من النقد. فى هذا التحقيق نسلط الضوء على أهمية الأعمال التاريخية بالنسبة للشعوب وكيف نصل للكتابة والأداء الأمثل لإنتاج مثل هذه الأعمال بقليل من الأخطاء ، وكثير من الإبداع والتوثيق والجاذبية .. قال الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن : «أولا أعتذر عن عدم التعليق على مسلسلى «صديق العمر»، و«سرايا عابدين» فان شرف المهنة يجعلنى أقف على الحياد فهم زملاء ولهم شرف الاجتهاد وخوض التجربة ، ويكون الحكم للجمهور والنقاد وهو أكبر عقاب فى حال فشل العمل. وأضاف : «لابد أن يكون هناك دور للفضائيات فيماتعرضه من أعمال ، ويجب أن تراجع ماتعرضه من أعمال مثلها مثل أى مادة صحفية أو برامجية ، أضف الى ذلك ان مخرج العمل التاريخى يجب أن يكون على دراية كاملة بكل صغيرة وكبيرة عن الشخصية التاريخية ، والحقبة التى تتحدث عنها. وتابع : «أنا ضد تدخل الدولة فى أى عمل فنى ، فضمير الكاتب هو سلاحه ، والشعب يراقب ، وهو صاحب نجاح أو فشل أى عمل فنى ، وأؤكد ان كتابة عمل تاريخى عن الرؤساء أصعب بكثير من كتابة عمل تاريخى عن معركة أو حقبة سياسية. أما الكاتب الكبير يسرى الجندى فقال: «سرايا عابدين» جذب المشاهد من الناحية الشكلية ، والديكورات ، والأزياء ، ولكن على حساب المضمون ، وحاول تقليد «حريم السلطان».وأضاف : « التعامل مع كتابة التاريخ مسموح فيها إضافات بما لايؤثر على الحقائق الثابتة ، ولن أستطيع التعليق على مسلسل «صديق العمر» لأننى صاحب عمل عن نفس الحقبة ، وهو مسلسل «ناصر» ، فالتاريخ ملك للجميع ، ولكن العبرة ان تكتب بشكل صحيح من خلال مصادر موثقة ، ومراجع حقيقية صادقة ، وعلى كاتب الدراما أن يحصل على كل وجهات النظر ، وعليه أن يقيم ويدقق ويحايد ويلتزم بالحقائق ، فليس للرقابة أى دور فى العمل التاريخى ، الرقابة دورها حذف مشهد غير مناسب ، أو الآداب العامة ، وحماية الأديان ، ولكن هناك دور مهم يجب أن يفعل بشكل كبير للجمعية التاريخية التى تراجع الأعمال التاريخية ، وتضم نخبة كبيرة من رموز وشخصيات مشهود لها بالكفاءة فى مراحل التاريخ المختلفة ، فيجب أن يكون الحكم على العمل التاريخى من خلال جهات مختصة تعاقب من يخطئ ، ففى مسلسل ناصر كان من أهم أدوات مراجعة العمل الاستعانة بالدكتور يونان لبيب رزق ، وبعد وفاته استعنت بتلميذه الذى رشحه لى قبل وفاته وهو الدكتور جمال شقرة أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس ، وكان للدكتورة هدى عبد الناصر دور مهم سواء فى إمدادى بالمعلومات والوثائق أو بالحياة الشخصية للزعيم عبد الناصر ، وأنا ضد تدخل الدولة فى أى عمل فنى ، ولكن الأعمال التاريخية بالذات تحتاج الى مجهود جبار ، وتدقيق كبير ، واختيار كل عناصر العمل على أعلى مستوى ، خاصة أن لى الحقائق التاريخية ، وإعطاء دور لشخص على أنه هو كل شيء هذا ليس خطأ بل اقرب الى الخطيئة ، وتضليل لملايين البشر « فالتاريخ يجب ألا يستغل لأهواء شخصية». ومن جهته ، قال الدكتور جاد طه أستاذ التاريخ وعميد كلية آداب عين شمس السابق : « إن كتابة أى عمل تاريخى تحتاج الى أمرين ، الأول خبرة فى عالم الدراما ، والآخر خبرة تاريخية وإلمام وثقافة غير عادية ، ولابد هنا من الاستعانة بالمتخصصين فى التاريخ فى أى عمل درامى تاريخى وأن يكونوا أكثر من واحد حتى يصلوا الى الحقيقة المطلقة ، وأعتقد أن شخصية الزعيم عبد الناصر ، وقوتها ، وصلابتها جعلت منه صاحب القرار ، ولا يملى عليه أحد رأيا كما حدث فى مسلسل «عبد الناصر» ، وكان مستمعا جيدا ، ولكن هو صاحب القرار فى النهاية» . واضاف : « و لابد من اهتمام الدولة بإنتاج الإعمال التاريخية من دون التدخل فى مضمونها ، ولكن عليها إعطاء تسهيلات فى المعلومات ، وأماكن التصوير ، لأن هذه الأعمال دورها تعميق الانتماء ، وحب الوطن ، وتقديم المعلومات الصحيحة عن الأوطان دون تحريف أو تزييف».