مبادرة صندوق تحيا مصر التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى هى مشروع قومى يجب أن نلتف حوله جميعاً للمشاركة فى خروج مصرنا من أزمتها الراهنة، فميزانية الدولة المنهكة لا تستطيع وحدها تصحيح مسار الاقتصاد لكثرة الاعباء والمديونيات وخدمة الدين وغيرها من الضغوط والقيود، أما الصندوق الذى دعا الرئيس الى أن يكون بعيداً عن ميزانية الدولة، فهو يعتمد على تمويل من مشاركة رجال الأعمال والأثرياء والمواطنين كافة حتى نشعر جميعاً بأننا شاركون فى الخروج من الأزمة لأننا " شركاء فى الوطن" .. ولمصر تجربة مسابقة فى الخروج من الازمات هى " قطار الرحمة" الذى دعا أول رئيس للجمهورية -محمد نجيب- الى إطلاقه عام 1953 لمساعدة أبناء غزة، فكان يخرج فى رحلات عبر مدن مصر وقراها وكان يستقله الفنانون المواطنون فتتحول عرباته الى مخازن للتبرعات التى فاض بها نهر الخير بمصر.. إننا فى حاجة الى " صندوق تحيا مصر " فى هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ وطننا الحبيب..وليلبى أبناء مصر نداء الرئيس .. رحب خبراء الاقتصاد والزراعة بمبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لإنشاء صندوق «تحيا مصر» ووصفوها بأنها بداية لتحقيق العدالة الاجتماعية والارتقاء بمستوى معيشة قطاعات عريضة من المواطنين، ودعوا إلى ضرورة وضع إطار مؤسسى لإدارة الصندوق والإعلان عن حجم المبالغ المطلوبة لتمويله، والشفافية فى الكشف عن ما يحصل عليه من تبرعات، وماهى مصارفه والعائد الذى يحققه حتى يشعر المواطن بالثمرة المرجوة وأكدوا ضرورة أن يتبع رئاسة الجمهورية مباشرة لينال أعلى درجات الاهتمام والاستمرارية. فى البداية ترى الدكتورة يمن الحماقى أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس أن المبادرة التى أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى عن فتح صندوق «تحيا مصر» لتلقى التبرعات لدعم الاقتصاد القومى تهدف فى الأساس إلى جمع أكبر كم من الأموال التى يمكن ضخها فى مجال الاستثمار، وذلك لعمل نقلة ضخمة فى هذا المجال الذى يعانى بسبب عدم استغلال مواردنا المتنوعة والمتعددة بالشكل السليم فى العهود السابقة، واهتمام هذه الاستثمارات باستغلال مواردنا يعود بنتائج ايجابية ملموسة على قطاع الشباب بكل أطيافه والقضاء على البطالة فى المقام الأول. كما يجب أن نضع أمام خطة التنمية الخروج من الشريط الضيق واتجاه الاستثمارات نحو استصلاح الأراضى التى يمكن أن يتوفر من خلالها نحو مليون فدان من خلال تعمير الصحارى وإقليم قناة السويس والواحات والوادى الجديد، وفى المقدمة سيناء، وإقامة الظهير الصحراوى والتوسع فيه مما يؤدى إلى نقل مصر نقلة حضارية لكل أقاليم الجمهورية. والفكرة من إقامة الصندوق لابد أن ترتبط بالعمل والجهد المضنى لكى نتمكن أن نقلع بسلام إلى مرحلة ضخ الاستثمارات حيث تعد مرحلة الاقلاع هذه أصعب المراحل التى يمر بها التقدم الاقتصادي، وتغيير شكل مصر يتطلب ضخ مليارات الجنيهات وإنشاء صندوق خاص لتحقيق هذا الهدف يعد هدفا رائعا، ولكنه غير كاف لأن الاستثمارات سواء زراعية أو صناعية أو خاصة بالطاقة الجديدة والمتجددة فإنها تتطلب تنمية البشر الذين ينفذون هذه المشروعات والبشر يحتاجون إلى إعادة هيكلة وتأهيل, ولكن لم تظهر حتى الآن بوضوح كيفية الاتجاه نحو تنمية الموارد البشرية التى لا تقل أهمية عن تطوير العشوائيات المعنية بها الحكومة وفتح مجالات لإيجاد فرص عمل جديدة ولكنها تتكامل معها. إطار مؤسسي ولأن الإطار المؤسسى يعد سببا رئيسيا فى فشل أو نجاح أى مشروع لذلك لابد أن يكون هناك إطار وجهاز لإدارة صندوق «تحيا مصر» يتبع رئاسة الجمهورية، كما يجب أن نخطط بشكل دقيق وواضح لنوعية الاستثمارات التى تحتاجها البلاد الآن ونعلنها للمواطنين حتى يمكننا تفعيل برنامج التبرع وتحفيز المتبرعين لدعم هذا الصندوق. خطة موازية ويؤكد الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن التبرعات لا تكفى لدعم الاقتصاد، ولكننا نحتاج إلى خطة تنمية موازية للخطة الرسمية المعنية بها وزارة التخطيط وهذه الخطة تتحقق من خلال المشاركات الشعبية والذاتية والتى تبدأ بالتبرع ولو بجنيه مصرى واحد وهذا الصندوق يعد خطوة ايجابية على الطريق الصحيح، ولكنه يحتاج إلى منظومة إدارية تعتمد على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة والمتابعة. وهذه المشاركات المطلوبة يجب أن تتم بلورتها للاستفادة من تبرعات الصندوق فى دفع عجلة التنمية والتقدم والتعجيل بتنفيذها. وهذا الدفع المعنوى الذى نشهده الآن لابد أن يقابله دفع مادى مخطط لكى نجد على أرض الواقع نتائج ملموسة وفعلية حتى لا تحقق هذه المبادرة أهدافها بدلا من تحولها إلى كلام مطلق وغير مجد، كما حدث سابقا فى بعض المبادرات مثل مبادرة سداد ديون مصر التى لم تثبت نجاحها. ويجب علينا ايجاد اقتصاديات المشاركة من خلال صندوق «تحيا مصر» بمعنى أن نعمق معا مفهوم شركاء فى التنمية، وذلك من خلال بلورة التبرعات فى شكل العديد من المشروعات التنموية سواء متوسطة أو كثيفة العمالة وأن تكون فلسفة الصندوق دفع عجلة التنمية بقوة للخروج من هذا الوضع الاقتصادى المتأزم. وعلى الجانب الآخر لابد أن نحدد حجم الأموال التى تحتاج اليها مصر لدعم الاقتصاد ولا نطلق دعوة لجمع التبرعات دون تحديد القيمة المطلوبة بشكل فعلى حتى يشعر المواطن بالقيمة التى يمكن أن يقدمها، ويقوم بدور ايجابى تجاه بلاده، كما يجب أن نقبل تبرعات عينية ونقدية ويتم توجيهها حسب متطلبات مشروعات التنمية أى بمعنى آخر لابد أن تكون هناك منهجية واضحة للتطبيق على أرض الواقع. عدالة اجتماعية ويصف الدكتور محمد محمد عبدالعال أستاذ الاستزراع السمكى بمركز البحوث صندوق «تحيا مصر» بأنه أمر جيد للغاية ويحقق جزءا من العدالة الاجتماعية بين أفراد الشعب الغنى والفقير، مؤكدا أن الصندوق ضرورة فى هذا التوقيت لأنه أيضا سيعود بالنفع على المجتمع من أوجه عدة مثل إقامة مشروعات للشباب واستصلاح الأراضى فى أماكن عدة فى الوادى الجديد وتوشكى من الممكن أن تقدم هذه المشروعات للشباب لتكملها والعمل بها، وذلك فى تنمية مجالات الإنتاج الحيوانى والثروة السمكية وما يقوم عليها من مصانع تحتوى على العديد من الأنشطة والأيدى العاملة، فلا يوجد أدنى شك فى أن هذا الصندوق سيحقق نوعا من العدالة الاجتماعية بالنسبة للفقراء ورفع مستوى المعيشة لهم وتقليل الفجوة المادية بين الغنى والفقير. ويؤكد الدكتور محمد محمد عبدالعال أن فكرة صندوق للتبرعات وقت الأزمات هى فكرة معمول بها فى كل دول العالم، كما أن المؤسسات الكبرى فى هذه الدول تتبرع طوعا فى مجالات عدة فمنها من يشيد جامعة أو مؤسسة خيرية أو لمراكز الأبحاث لدعم الدولة والقيام بدور وطنى تجاه وطنه بصرف النظر عن حاجة الوطن للتبرع. ومن الممكن أن تأخذ التبرعات أشكالا متعددة بخلاف التبرع المادى فمن الممكن أن يكون التبرع فى بناء مدرسة أو مستشفى أو استصلاح عدة أفدنة تملك للشباب غير القادرين على الاستصلاح، ويضيف عبدالعال أن هذا الصندوق يحتاج إلى إدارة خاصةجدا موثوق بها تكون تحت إشراف الرئيس مباشرة.