دعم الطاقة أكثر أنواع الدعم الذى يذهب الى القادرين اقتصاديا، وهو فى الوقت نفسه يمثل نحو 80% من إجمالى الدعم بالميزانية ويساعد على زيادة العجز بها. ومعنى ذلك أنه أول أنواع الدعم الذى يجب التصدى لها ورفعها، ولكن فى الوقت نفسه مع عدم الإضرار بمنخفضى الدخل والفقراء فى المجتمع. فعلى الرغم من أن دعم الطاقة من الكهرباء والمواد البترولية من بنزين وسولار، يذهب أساسا الى الفئات الغنية ومتوسطة الدخل فى المجتمع المصري، الا أن جزءا من هذا الدعم، وهو الجزء الأصغر، يذهب الى منخفضى الدخل والفقراء؛ وهذا يجب عدم المساس به على الإطلاق لأنه يمثل سندا كبيرا لهذه الفئات. وعلينا أن نتدبر أثر رفع أسعار البنزين والسولار على تكلفة النقل، سواء للأفراد، والذى سيؤدى الى زيادة تعريفة المايكروباص التى يستخدمها منخفضو الدخل والفقراء فى تنقلاتهم للعمل وغيره، أو على أسعار نقل السلع الغذائية من خضراوات وخلافه والذى سيؤدى الى رفع أسعارهذه السلع التى يستخدمها منخفضو الدخل. فكيف يمكن أن نزيل دعم الطاقة ونرفع أسعارها دون المساس بتكلفة معيشة منخفضى الدخل والفقراء والتى تتمثل فى ارتفاع تكلفة انتقالاتهم وأسعار السلع الغذائية فى الأسواق؟ إن أحد الحلول الممكنة لذلك والذى أود طرحه هنا، هو إعطاء مهلة عدة شهور لملاك وسائقى المايكروباص وسيارات النقل، كستة أشهر مثلا، لتحويلها من بنزين إلى غاز، مع إعطائهم قروضا ميسرة بسعر فائدة منخفض من البنوك أو من حساب دعم مصر، مع إلزامهم بعدم رفع تعريفة النقل. ومن لا يلتزم بذلك ويرفع تعريفة الركوب أو نقل السلع، تسحب منه الرخصة، ويخرج من العمل فى هذا المجال. وقد يقول البعض إنه ليس هناك وقت لعمل التحويل الى الغاز لسيارات نقل الأفراد والسلع، حيث إن الحكومة تنوى رفع أسعار البنزين والسولار خلال أيام قليلة. ولكن يرد على ذلك أنه حتى لو رفعت الحكومة أسعار المواد البترولية غدا، يمكنها أن تعطى فترة انتقالية لعربات النقل (أفراد وسلع) بالحصول على البنزين والسولار بنفس السعر الحالى خلال الفترة الانتقالية، وذلك بإعطائهم كوبونات خاصة بذلك أو بتفعيل كروت البنزين التى تم استخراجها حديثا، وذلك بالنسبة لهم فقط. أرجو من الحكومة أن تبحث هذا الاقتراح، أو تأتى بأى فكرة أخرى يديلة تحقق الهدف نفسه، وهو حماية منخفضى الدخل والفقراء من أثر رفع أسعار الطاقة على زيادة تكلفة المعيشة بالنسبة لهم. فرفع الدعم عن الكهرباء دون المساس بهذه الفئة التى تستوجب حماية المجتمع لها مسألة سهلة، وذلك عن طريق رفع الدعم عن الشرائح العليا لاستهلاك الكهرباء وإبقائه على الشرائح الدنيا، كما أعلنت الحكومة. فعلى الرغم من ترحيبى الكبير،كاقتصادية مصرية، برفع الدعم عن الطاقة، إلا أن ما أخشاه كثيرا ويجب تجنبه، هو الخروج عن الخط الأحمر الذى وضعه وأعلنه الرئيس السيسي، والذى أؤيده بشدة، وهو عدم المساس بالفقراء فى مصر؛ فيجب أن يكون من المسئوليات الأساسية للحكومة هو تحسين معيشة هذه الفئة وليس الإضرار بها، وهو ما سيحدث إذا ما رفعت الحكومة أسعار المواد البترولية دون اتخاذ الإجراءات المناسبة التى تحمى هذه الفئة من الأثر السلبى لذلك على مستوى معيشتها. لمزيد من مقالات د.كريمة كريم