يخطئ من يظن ان الدقهلية هى المنصورة فقط.. المنصورة، هى جزيرة الورد كما سماها المؤرخون، لأنها تضم اكبر حدائق للورود والرياحين وتحدها مياه النيل من ثلاث جهات. بناها الملك الكامل الايوبى ناصر الدين محمد بن الملك العادل ابن شقيق صلاح الدين الايوبى فى عام 1219 ميلادية كما أنها حملت اسمها تفاؤلا بالنصر الذى حققه شعب مصر على الحملة الصليبية السابعة فى عام 1250 ميلادية وبها تم أسر لويس التاسع ملك فرنسا وتم إيداعه دار القاضى ابن لقمان واصبح عمرها الان 795 عاما تضرب بجذورها فى عمق التاريخ. ولكن هناك مدن وقرى كثيرة بمختلف مراكز الدقهلية، انجبت لمصر والعالم شخصيات ومفكرين وروادا للابداع والفكر والتنوير والعلم والثقافة تستحق ان نقول بانها الارض التى تطرح عطرا اسمه الفن والعبقريه فمن منا يستطيع ان ينسى على مبارك ابو التعليم والشيخ محمد متولى الشعراوى امام الدعاة والشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الازهر والشيخ نصر الدين طوبار والشيخ سيد النقشبندى واستاذ الجيل أحمد لطفى السيد والدكتور محمد حسين هيكل رائد الرواية المصرية ومحمد التابعى رائد الصحافة الحديثة والنحات محمود مختار فنان الصخر وسيدة الغناء العربى ام كلثوم والفنانين عادل امام ويحيى الفخرانى وحسن الامام وفاتن حمامة والموسيقار رياض السنباطى وزكريا الحجاوى رائد الفن الشعبى والشعراء على محمود طه وكامل الشناوى ومأمون الشناوى والكاتب انيس منصور والروائى احمد حسن الزيات وسعد الدين وهبة الكاتب المسرحى ونجيب سرور ونعمان عاشور والمهندس ابراهيم شكرى وكروان الاذاعة محمد فتحى والعلماء فاروق الباز واحمد مستجير وعبداللطيف البغدادى ومحمد البلتاجى رجال ثورة يوليو والدكتورين مفيد شهاب وحمدى السيد وفؤاد سراج الدين وغيرهم كثيرون. أرض الأمجاد يبدوا انها امجاد لم تعد موجودة الا فى الكتب والحكايات والذكريات ، او كما يقولون ان كل شئ عظيم صنعه الاجداد .. اغتالته اليوم ايادى الفوضى والاحفاد ، المنصورة التى كانت يوما عروسا للدلتا ومضربا للامثال فى الجمال والهدوء اصبحت عجوزا شمطاء «مكسورة» سادت الفوضى شوارعها وغمرتها مياه الصرف الصحى وامتلأت الميادين والشوارع بتلال القمامة وسكن قلبها واطرافها مناطق عشوائية عنوانها البؤس والفقر والجهل والمرض صارت عششا للبلطجية والمخدرات والخارجين عن القانون خاصة فى عزب الشحاتين والصفيح والهويس وهى نماذج لاكثر من 100 منطقة عشوائية اخرى تنتشر فى ربوع المحافظة. كما اصبحت المدينة عاصمة للتلوث بعدما ارتفعت معدلات تلوث الماء والهواء بما يتجاوز 13 ضعف المعدلات المسموح بها عالميا بسبب العوادم الصادرة من مصانع الاسمدة والصناعات الكيماوية بطلخا ومصانع الطوب وحركة السيارات التى ملأت شوارعها واعاقت حركة المرور لدرجة انها اصبحت جراجا كبيرا واصبحت شوارعها وميادينها التجارية فى قبضة البلطجية والباعة الجائلين كما اصبحت المدينة فى امس الحاجة إلى حدائق ومساحات خضراء لتكون متنفسا نظيفا ونقيا لابنائها بعد ان اصبحت مدينة مليونية وتقلصت الرقعة الخضراء بها واقتصرت على حديقة «شجر الدر» بعد ان تآكلت مساحتها الى نحو 15 فدانا بعد ان كانت 30 فدانا وتعد المتنفس الوحيد لاكثر من مليون مواطن هم سكان مدينتى المنصورةوطلخا. جراج كبير وتعد مشكلة التكدس المرورى هى المشكلة الرئيسية التى اصبحت تؤرق حياة أهالي مدينة المنصورة التى تحولت الى جراج كبير متعدد المحاور مما ادى الى اختناق محاور المدينة الداخلية والخارجية على حد سواء. ويقترح الدكتور مهند فودة المدرس المساعد بهندسة المنصورة افكارا جديدة من شأنها التوصل إلى حل مشكلة المرور بأقل التكاليف وتقليل نسبة التلوث فى الهواء عن طريق تنفيذ مشروع الأتوبيس النهرى لسهولة تنفيذه وقلة تكاليفه وحفاظه على البيئة من التلوث حيث تستخدم هذه الاتوبيسات الغاز الطبيعى وقال إن هذه الفكرة لم تأت من فراغ ولكن جاءت بعد ان قام 8 من طلاب كلية هندسة المنصورة بإعداد دراسة لربط شرق المدينة بغربها ومدينة طلخا على الضفة المقابلة على النيل بطول 7 كيلومترات وقال ان سعة الاتوبيس الواحد تتراوح بين 30 الى 50 راكبا وتستغرق الرحلة من اول لاخر محطة حوالى نصف ساعة وهو ما سوف يسهم بجدية فى حل هذه المشكلة التى باتت بحق تؤرق الناس بالمنصورة . واصبح من المشاهد اليومية الصادمة للابصار صباح مساء مشاهد تلال القمامة وهى تملأ الشوارع والميادين ولافرق «هنا فى المنصورة» بين شوارع رئيسية واخرى خلفية اما عن الباعة الجائلين بالمنصورة فحدث ولا حرج فقد تحولت شوارع المدينة التجارية مثل السكة الجديدة والعباسى وقناة السويس الى اسواق لهم دون ادنى تقدير او اعتبار لحق المواطن فى السير فى تلك الشوارع ومما يزيد الطين بلة قيام اصحاب المحلات بحجز الاماكن الموجودة فى نهر الطريق امام محلاتهم لفرش بضاعتهم فيها تخوفا من احتلال الباعة الجائلين لها ومن ابرز تلك الامثلة شارع العباسى الذى قد يستغرق اكثر من نصف ساعة من المواطن للعبور بسيارته من خلاله. ولا تختلف الصورة كثيرا بمدن وقرى محافظة الدقهلية عنها فى المنصورة عاصمة المحافظة فأهالى الريف يعانون من مشكلات كثيرة تؤرق حياتهم اليومية فلك ان تتخيل ان 105 قرى وعزب تعانى الامرين فى الحصول على نقطة مياه نظيفة وان اكثر من 90% من قراها لا تتمتع بمشروعات صرف صحى رسمية وانما تلقى بمياه الصرف الصحى على الترع والمصارف فيما يطلق عليه «الصرف السلبى» ويحتاج تصحيح هذه الاوضاع الى مليارات. النيل يستغيث ولم يسلم نهر النيل من التعديات الواقعة على جسره الشرقى بالمنصورة والغربى بطلخا حيث لا تزال هذه التعديات مستمرة من جانب مواطنين وجهات حكومية دون مراعاة حرمته وكونه شريان الحياة لكل المصريين حيث شهدت السنوات الاخيرة إقامة أندية وقاعات أفراح خاصة بالعديد من النقابات المهنية والافراد على جسر نهر النيل بمدينتى المنصورةوطلخا كما تجاوز عدد حالات التعدى الواقعة على الاراضى الزراعية حاجز ال80 الف حالة حيث بلغت التعديات 80 ألفا و770 حالة من 25 يناير وحتى الان ولا تزال مستمرة دون قانون يوقفها ويتكرر نفس الوضع بالنسبة للاراضى المملوكة للدولة خاصة بمنطقتى قلابشو وزيان حيث التعدى على 649 فدانا جنوب المصرف المحيط و50 فدانا كانت مخصصة كمدفن صحى للنفايات الطبية ويقول المهندس انور احمد سالم وكيل وزارة الزراعة بالمحافظة ان مواجهة التعديات على الاراضى الزراعية قضية امن قومى ولابد من التعامل معها على هذا الاساس للحفاظ على حقوق الاجيال القادمة وقد قمنا بالتنسيق مع المحليات والجيش والشرطة فى الاسبوع الذى سبق الانتخابات الرئاسية بتنفيذ 1800 قرار ازالة. ورغم الجهود الحكومية المبذولة لوقف التعديات الواقعة على المسطح المائى ببحيرة المنزلة مصدر رزق اكثر من 120 الف صياد الا ان قنال ترعة السلام اصبحت ممتلئة بورد النيل والذى تسبب فى سد القنال تماما من مدينة المطرية شرقا حتى مصب مصرف السرو غربا حيث توجد رسوات المطرية والنسايمة والشبول ولسا الجمالية والسرو الامر الذى اصبح يعوق عمل الصيادين وممارسة الصيد الحر بالاضافة الى تلوث مياه البحيرة مما ادى الى نفوق الاسماك ويستغيث الصيادين هناك بالمهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء لسرعة ارسال الحفارات للقضاء على ورد النيل الذى يتكاثر بسرعة فائقة ويلتهم كميات كبيرة من المياه بالاضافة الى ضرورة تطهير البواغيز بالبحيرة لتصل مياه البحر اليها لتربية الاسماك. وبالرغم من ان مصيف جمصة يعد المصيف الشعبى الوحيد الذى يؤمه الاف الموظفين والعمال والتجار والمزارعين من محافظات الدلتا والقاهرة كل عام الا ان هذا المصيف لا يزال يحتاج الى تطوير البنية الاساسية التحتية بتغيير شبكات المياه والصرف الصحى واعادة رصف الطرق خاصة فى تقسيم 15 مايو الذى يضم 4183 قطعة ارض موزعة على 4 مجاورات حيث يمكن حل مشاكل هذا التقسيم اذا ما وافق المسئولون بالمحافظة على زيادة ارتفاعات بعض هذه المجاورات بواقع طابق واحد فى مقابل تحصيل مبالغ تصل الى 20 الف جنيه عن كل قطعة وهو ما يوفر للمحافظة حصيلة تزيد على 20 مليون جنيه يمكن من خلالها اصلاح ما سلبه الدهر وعوامل التعرية من البنية الاساسية لهذا التقسيم خلال بضع شهور دون انتظار وصول اعتمادات حكومية ورغم بدء موسم الاصطياف الا ان مدينة جمصة القديمة يملؤها الناموس والذباب بسبب تراكم وانتشار القمامة فى كل مكان والامر الغريب استمرار ظهور «قوافل البقر» بالقرب من المصطافين. على مسئولية الشوادفى ويؤكد اللواء عمر الشوادفى محافظ الدقهلية حتمية التصدى لكل اعمال التعدى على بحيرة المنزلة وانقاذ مساحة 27 الف فدان يتم اغتيالها عن طريق اقامة طريق يربط بين المطرية وبورسعيد وحول حل مشكلة القمامة يقول المحافظ اننا ندرس وننسق حاليا مع عدد من الشركات العالمية والمصرية للاستفادة من القمامة فى عمل وقود حيوى لتوليد الكهرباء كما اننا بصدد البدء فى اقامة مزارع لانتاج الطاقة الشمسية بالساحل الشمالى عند جمصة وتحويل اعمدة الكهرباء لتعمل بالخلايا الشمسية فى مقابل حق انتفاع لمدة 3 سنوات. وحول مشكلة الباعة الجائلين يوضح المحافظ انه يجرى اختيار 20 موقعا لتخصيصها كسويقات حضارية بمختلف مدن المحافظة حيث سيتم نقل الباعة الجائلين اليها بعد توفير كافة الخدمات حتى لا يعودوا الى الشوارع مرة اخرىكما تم تركيب شبكة كاميرات مراقبة بالشوارع الرئيسية بالمنصورة تمهيدا لتعميمها بباقى المدنكما ان المنطقة الصناعية بجمصة ستكون اول منطقة صديقة للبيئة على مستوى الجمهورية حيث تقرر عدم منح رخص التشغيل لاى من المصانع الا بعد تنفيذ محطة معالجة صرف صناعى بكل مصنع. ورغم هذه البقع السوداء التى تلوث ثوب المنصورة الابيض الا ان هناك علامات مضيئة علمية وطبية تتمثل فى الصروح الطبية التى نالت شهرة عالمية جابت الافاق بجامعة المنصورة ومراكزها الطبية المتخصصة فى علاج جميع الامراض والصرح الطبى القريب من مدينة شربين والذي يمثل الامل فى القضاء على التهابات الكبد الفيروسية بالمجان دون تكليف الدولة جنيها واحدا ولكن بتبرعات اهل الخير حيث بدا المشروع فعلا باول قرية مصرية بمركز دكرنس وهى قرية ديمشلت باشراف واحد من المخلصين فى هذا البلد وهو الدكتور جمال شيحة مؤسس مستشفى الكبد المصرى بشربين.