كأنه صدق هذه المرة الحنورجي الذي يتغني يوميا بتحذيرته الجهنمية من حروب الجيل الرابع علي تكتية فضائيته الملاكي ، فقد بدأت مع امتحانات الثانوية العامة مستخدمة الأسلحة الإليكترونية والتي أنطلقت من منصات "فيسبوك وتويتر " بديلا عن الأسلحة التقليدية من "البرشام" ورقات يخفيها الطالب بين ملابسه وأدواته والكتابة علي أنحاء جسده ، أو ميكروفونات الغش خارج اللجان لتصدع أركان وزارة التربية والتعليم بالارتباك مرات والتبرير أنه ليس تسريبا للامتحان الأصلي في ليلته و"مفبرك" وغير مؤثرا بعد بدايته بنصف ساعة ، والتهديد بأنه تم تبليغ النائب العام وجهاز مباحث الإنترنت لرصد صفحات العدو الإلكتروني والقضاء عليه رغم إستمراره بوجود ورقة الامتحان مصورة علي المواقع ، متحديا تحت أسماء "غشاشون فدائيون " و"غششني شكرًا" و" بردو هنغش". ومع وجوب مواجهة هذه الظاهرة القديمة من الغش في الامتحانات التي استعانت بالتطور التكنولوجي وإن كانت تؤكد إنهيار منظومة القيم التربوية عند البعض وهي للأسف الشديد مسئولياتنا جميعا وليست وحدها المنظومة التعليمية التي تعاني خللا وتدهورا مما يستدعي التعاون من مؤسسات الدولة من بيت ومدرسة ومساجد وكنائس وإعلام للقضاء علي ظاهرة الغش كأحد الأمراض الاجتماعية التي فشلنا في حلها منذ عقود ، وذلك بتطبيق القانون بلا تهاون علي كل من يثبت عليه المشاركة في عمليات الغش أو الغش الجماعي ، ولست مع تصريحات مسئولي التعليم للتهاوين بأنها مجرد شائعات لها أهداف سياسية بل لابد من المواجهة الحازمة والاستعانة بخبراء التكنولوجيا واستخدام العصا الإلكترونية داخل اللجان رغم التحايل من بعض الطلاب بتغليف التليفونات المحمولة بورق "الفويل" أو دهنها بالزيت لمنع كشفها وبذلك يتم تصوير الامتحان وتسريبه من نفوس ضعيفة تعمل علي فشل الامتحانات وكسر هيبة الدولة والنظام وبث روح الإحباط بين الطلبة الممتحنين. ويجب إلا نتذكر الغش فقط في موسم الامتحانات بل أن الغش توغل بين النفوس في كل قطاعات ومفاصل الدول وأصبحت الفهلوة هي الحاكمة في المعاملات ونسينا تعاليم ديننا الحنيف التي تدعو الي حلال الرزق من حسن العمل وإتقانه ، فكانت النتيجة أجيال تنجح من الغش وتدخل الجامعات المختلفة وتتخرج بالغش فالنتيجة طبيب فاشل ومهندس فاشل ومعلم فاشل وغيره بعد أن ضاع معيار التربية من جانب التعليم فأصبحت المنظومة التعليمية فاشلة وأدواتها ردئية فالمسئولية مشتركة لاتتوقف علي ناظر ومدير مدرسة أو وزير ومستشاريه بل الجميع خاطئون وبعض أولياء الأمور يسعون قبل أبنائهم للغش الجماعي لتدني مستوي أبنائهم ونجاحهم بأي وسيلة وإن كانت غير مشروعة ، فلماذا البكاء علي اللبن المسكوب الآن من الغش في امتحانات الثانوية العامة بعد ضياع المنظومة الإجتماعية والأخلاقية والسياسية فظهرت تشوهات لم تكون معهودة الحدوث فأصبحت ظاهرة. لذا وجب دق ناقوس الخطر ونحن علي أعتاب عهد جديد من الأمل لبناء دولة حديثة ولتكن البداية الصحيحة من إصلاح منظومة التعليم وعلاج أخطاء الماضي من إهدار كرامة المعلم بتحسين ظروفه المعيشية، وإصلاح الكتاب المدرسي الذي يهدر 4,5 مليار جنيه ولا يستخدم من الطلابئ ، واحترام اليوم الدراسي والحصة المدرسية لمنع عذاب أولياء الأمور من إنفاق 50 مليار جنيه ما بين دروس خصوصية وكتب خارجية، فلا إصلاح بدون تعليم ولا تنمية بدون تعليم جيد للقضاء علي جيوش من المتعاطلين عن العمل من خريجي الجامعات لوجود فجوة بين التعليم ومتطلبات سوق العمل المحلي والخارجي ، ففي تقرير دولى العام الحالي حول منظومة التعليم أجرى على 148 دولة أحتلت مصر الترتيب الاخير مما يستوجب إعادة هيكلة التعليم بما يخدم الأمة وتنمية مهارات وفكر الشباب ، ومن المشاكل إصرار واضعي الأسئلة علي أستعراض عضلاتهم بتلغيم الأسئلة بالألغاز أو خارج المنهج أو المحذوف فنري البكاء ولطم الخدود أمام اللجان، وشكوي المدرسين الوافدين من الاستراحات التي توصف بغير الآدمية فالغرف مكدسة بسراير عفنة ونقص دورات المياه الإنسانية وأدوات الأكل ولا بدل نقدي مناسب لهذه المهمة الشاقة ونقص الأمن والحماية مما يجعلهم فريسة لتهديد أولياء الأمور وأبنائهم الغشاشين.. المواجهة ضرورية وسرعتها حتمية ولكن علي أساس الجدية والإتقان علي أساس تحذير حديث رسول الله عليه وسلم" من غشنا فليس منا". [email protected] لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ