آلمنى أن تجتمع فى مصر خصلتان ذميمتان فى وقت واحد هما تسريب الامتحانات وانتهاك الأعراض فى ميدان التحرير، هاتان النقيصتان نتيجة طبيعية لاهتزاز صورة التكوين الثقافى للمصريين الذى ظل لأزمان طويلة أكثر إنسانية وتوازنا وانسجاما وتسامحا، يفيض بمشاعر الخير وكراهية العنف والترابط الأسرى والتدين الوسطى والتكافل الاجتماعي. الآن يجب الاعتراف بأننا لا نعانى نقصا فى القوانين الرادعة بقدر ما نعانى ضعفا فى الشعور بالمسئولية الأخلاقية فى طول البلاد وعرضها وترديا فى التعليم والثقافة، فالتعليم على طريقة اخطف واجرى من مراكز الدروس الخصوصية والثقافة المحمولة فضائيا أفرزا جيلا أصبح يستهين بقيم المروءة والشهامة وحمل الأمانة. نحن نمر بمرحلة استثنائية خاطفة فى تاريخنا الطويل فلا يمكن لمصر موطن المبادرة الحضارية الأولى فى الكون أن تصير إلى هذا المصير. إن تكوين الأمة المصرية وحضارتها كما يقول الدكتور إسحق عبيد أستاذ التاريخ القديم بآداب عين شمس قصة طويلة فالحيز الزمنى الذى شغله التاريخ المصرى لا يدانيه حيز آخر على وجه الأرض من حيث القدم والعراقة التى هى قرينة الحكمة والأخلاق والتهذيب الجميل للنفس البشرية والتى تعنى كذلك أننا لم نبرح هذه المعانى طوال تاريخنا إلا استثناء ونادرا. سيرمينا رام بأن المصريين لا يعرفون إلا الفعل الماضى والحق أقول إن رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يحدثنا بأن نتخير لنطفنا فإن العرق دساس، إذا نحن مأمورون بالبحث فى الأصول عند الزواج ليرث الأبناء أخلاق آبائهم وأجدادهم وأرى من وحى ذلك أن نرجع كأمة إلى أصولنا وأخلاقنا وتكويننا الحضارى الأول الذى أسس مجتمعا سياسيا منظما أفرز معارف وأخلاقا وقانونا وحكمة. نحتاج أن نعود إلى المصرى ذلك «المخلوق النهرى» كما يقول د. جمال حمدان الذى روَض نيله وهذب أخلاقه فى عملية متزاملة منذ البداية جعلت الشعب يحتفظ بتلك الحضارة الأخلاقية فى وجدانه قبل رعايتها فى قانون الدولة أو سجلات الحكام يردنا إليها الله مردا جميلا إن شاء. لمزيد من مقالات سهيلة نظمى