عند اعدادي هذا المقال حاولت أن امسك القلم أكثر من مرة و لكنني فشلت في كل مرة مدركاً انني أمام جبل لن أحيط بأبعاده أو أدرك ذروته فالفساد وصل إلى كل مؤسسات الدولة التيلم تنجو منه واحدة وأوصل مصر إلى مرتبة متدنية في تقرير مؤشرات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية العالمية حيث سجلت مصر 3.1 بينما الدولة الخالية من الفساد تحصل على 10 درجات أما الدولة التي تحصل على العلامة صفر فهي تكون الأكثر فساداً مما أدى إلى تدني مصر إلى المركز 113 في تقرير التنمية البشرية و الحمد لله على استمرار الهرم و أبوالهول في أماكنهم و لم يتبخروا كما تبخرت ثروات مصر, لكنني أدركت أن بداية الحديث تبدأ بالإنسان صانع الحضارة وهل وصل الفساد إليه بدرجة يستحيل أو يصعب معه إعادة البناء إلا بتغير الجيل و ما تأثير الحكم السابق عليه الذي سقط أخلاقياً قبل أن يسقط سياسياً؟! ذهبت أخلاقهم فذهبوا. ونحن هنا نبحث عن الشخصية المصرية ليس في بطون الكتب بل في سلوك البشر وحياتهم 1. أماكن العبادة امتلأت بالمصلين والشوارع إمتلأت بالخارجين عن القانون. 2. دخل جميع أفراد الأسرة المصرية لا يفي باحتياجتها و أصبحت يد المصري في حافظة نظيره. 3.انكفاء المصري على ذاته وإيثاره للشأن الخاص عن الشأن العام. 4.إستبدال قيم العمل والمثابرة عليه بقيم الفهلوة والذاتية. 5. وجود تسعيرة لكل خدمة في أى مصلحة حكومية. 6. القانون والقيم يتلون حسب الحاجة والضرورة. 7. التعليم قاصر عن تقديم خريج قادر على القيام بمهام عمله. وفي مؤتمر عقد بالقاهرة في 29/5/2011 عن الشخصية المصرية عقده المركز القومي للعلوم الإجتماعية و الجنائية كان أقرب إلى تشريح هذه الشخصية و تحليل واقعها فهي رؤية أقرب للنظر في المرآة عن قرب و كانت النتائج متوافقة مع رصد الواقع حيث ذكرت الدراسات بأن المصريين متدينون متمسكون بالتراث و يتسمون بالخمول والبلادة والكسل وإحترام كبار السن و الاعتقاد في الخرافات و أضافة دراسة أخرى بأنها شخصية فهلوية تتسم بالقدرة على التكيف السريع أو المبالغة في تأكيد الذات و إيثار العمل الفردي على العمل الجماعي و في دراسة ثالثة تخص الأبعاد النفسية و الإجتماعية للشخصية المصرية و علاقاتها بالمشاركة السياسية أن هناك إستعداداً شخصياً لدى المصريين للسلوك السياسي و المشاركة و لكنه كامن وهذا ما ظهر في ثورة 25 يناير. ان رصد الجوانب السلبية في الشخصية المصرية ليس من قبيل التعميم و لكنه التخصيص الذي افرز وجود شخصيتان للمصري أحدهما تحمل جينات الحضارة و قيم الأديان و أسهمت في بناء الحضارة المصرية و قادرة أن تضع مصر في موضعها الذي تستحق أن تتبوأه و أخرى نتاج عقود طويلة من محاصرة الدين و ممارسة الفساد الذي بدأ من رأس النظام و من المعروف أن السمكة تفسد من رأسها فأثر ذلك على جسد الأمة فطفت على سطحه الجوانب السلبية كأعراض المرض و نريد أن نشخصه و نعالجه حفاظاً على سلامة الأمة و متانة قيمها. وان المتابع لثورة 25 يناير يوماً بيوم ليسجل بأن الثورة بدأت سلمية و حملت كل مظاهر الحضارة و أظهرت الموروث الحضاري و الثقافي للشعب المصري و بهرت الشعوب الأخرى, كما أنها حركت الثورة المضادة من فلول و أعداء تقليديين فاستدعوا من كانوا يعدونهم لهذا اليوم مستثمرين الجوانب السلبية في بعض الأشخاص الذين يهددون الثورة و المجتمع الآن و غداً و بعد غد .... و لكن ما العمل؟! حسنا فعل نواب الثورة بالدعوة الي اعادة هيكلة الداخلية وتطهيرها ولكن ماذا عن الأجهزة الرقابية في عهد المخلوع وقد حدث كل هذا الفساد ابان توليها المسئولية وهل الأجهزة الرقابية بمنأي عن الرقابة ؟! وما مدى علم نواب الشعب عن قيادات الوزارات التي ما زالت تعمل وتقود وتوجه وهم من أعضاء لجنة السياسات وهل ولاءهم للثورة ام الي جمال ؟! وهل هم المسئولون عن تنفيذ الثورة المضادة بأوامر من طرة لاند؟! و لنتفادى هذه الظاهرة فى الأجيال القادمة علينا التمسك بالمنهج الإسلامى فى بناء الشخصية المحققة لغاية وجود الإنسان على الأرض و تثبيت مقوماتها على الإيمان بالله و الإستقامة على منهج الإسلام في الفكر و العمل و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فثبت بالتجربة أن للتربية تأثيرها البالغ في تكوين الشخصية و أن مناهج التربية التي تطبق على الإنسان في مراحل حياته المختلفة ذات تأثير فعال في تكوين الشخصية. و لقد حدد رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم الغاية الأولى من بعثته و المنهاج المبين في دعوته بقوله "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"و العبادات التي شرعت هي تمارين لكي يحيا المؤمن بأخلاق صحيحة • فالصلاة الواجبة تنهى عن الفحشاء و المنكر • والزكاة لتطهير و تزكية المؤمن • والصوم هو خطوة لحرمان النفس من شهواتها و نزواتها المحذورة • و الحج هو زاد المؤمن من التقوى و هو خير الزاد و بعد فليست الأخلاق من الترف الذي يمكن الإستغناء عنها بل هي أصول الحياة التي يرتضيها الدين و يحترم ذويها فهم أحب عباد الله إلى الله وصدق الشاعر "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا"