بعد صدور تعديلات قانون الانتخابات النيابية ، والصورة المشرفة لمشاركة المصريات فى الانتخابات الرئاسية ، كان التوقيت مناسبا لإجراء حوار مع رئيسة الجهة الرسمية الممثلة لنساء مصر ، السفيرة ميرفت التلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة ، وخاصة حول حادث التحرش الجنسى بالتحرير، الذى لم تمض أيام معدودة عليه ، حتى وقعت حالات تحرش جماعى بالنساء فى ميدان التحرير، مما بات ملحا إصدار قانون لتغليظ عقوبة التحرش .. وإلى نص الحوار : مارأى سيادتكم فى حادث التحرش الأليم بالتحرير ؟ - هناك من يريد إفساد فرحة المصريين و المجلس لن يترك حق الضحية فقد قمت بجولات على لجان الانتخابات طوال الأيام الثلاثة للعملية التصويتية ، منها لجان بمناطق شعبية : دار السلام والتبين وشبرا ، ولم أجد تصرفا واحدا غير مقبول ،لا تحرش ولا غيره ، وتفسيرى للواقعة أنها من قبيل استئجار بعض البلطجية وأطفال الشوارع بال 100 و 200 جنيه لتشويه الاحتفال بتنصيب الرئيس الجديد ، وتكرار ما حدث من قبل من تحرش جنسى سياسى ممنهج من قبل جماعات بعينها لإرهاب السيدات والفتيات ، بدليل أنه أثناء ثورتى 25 يناير و30 يونيو اكتظت خلالهما ميادين مصر بملايين المواطنين لمدد طويلة ، و لم نسمع بمثل تلك الوقائع التى سنتصدى لها بكل حسم ، وأقصد هنا التحرش عموما ، سواء ثبت أنه من جماعات مدفوعة ، أو حالات فردية ، بسبب سوء التربية . وماذا سيقدم المجلس للضحية ؟ وما آلياته المستقبلية للقضاء على تلك الظاهرة المجتمعية المؤسفة ؟ - سيقدم المجلس المساندة القانونية للضحية عبر رفع دعاوى قضائية على المتهمين ، وهو الحق الذى كفله الدستور الجديد للمجلس ، وسنشكل لجنة لمتابعة حوادث التحرش المختلفة ، ونقدم لضحاياها الدعم المعنوى اللازم ، وقد لمست أهمية ذلك بعد أن زرت ضحية حادث التحرير ، ووجدتها للأسف تعانى حالة نفسية شديدة السوء ، ومصابة بإعياء وإنهاك شديدين .. إننا نحتاج لثورة اخلاقية ، واستراتيجية وطنية طويلة المدى ، تؤخذ بعين الاعتبار من قبل الدولة ، تبدأ بطرح مجموعة من القوانين الحالية والمناهضة للعنف ضد المرأة ، وحوار مجتمعى من خلال البرلمان المقبل تشارك فيه جميع منظمات المجتمع المدنى والاجهزة الوطنية المختلفة بالدولة للقضاء على الثغرات الموجودة فى القوانين، وتخصيص دوائر للنظر فى دعاوى التحرش تعمل على الحفاظ على خصوصية الضحية ، وسرعة البت فى الدعوى المرفوعة من قبل الضحية، وتخصيص موازنة عامة فى الدولة لإعادة تأهيل الناجيات من العنف ، وحملات توعية فى المدارس والجامعات حول المساواة . برأيكم : فيمن تكمن المشكلة فيما حدث ؟ - المشكلة تكمن ضعف التوعية المجتمعية ، وفى إهمال حقوق المرأة لسنوات طويلة ، فإذا كانت المرأة قد حصلت على بعض الحقوق فى الدستور الحالى ، إلا أن المشوار طويل للتطبيق الفعلى حتى لا تكون تلك الحقوق حبرا على ورق فقط. وعلام تقع مسئولية مواجهة تلك الظاهرة ؟ - مواجهة المشكلة لا تقع على عاتق أحد الأجهزة دون الأخرى ، ولكنها مسئولية جميع أفراد المجتمع ، وأولهم الأب والأم اللذان يعدان البذرة الأولى المسئولة على تربية النشء ، بالإضافة إلى الدور المهم الذى يجب أن تقوم به وزارات التربية التعليم ، والأوقاف ، والثقافة ، و المساجد ، والكنائس ، وقصور الثقافة ، ومراكز الشباب لتنمية وعى المواطنين . وماذا تحتاج المرأة فى البرلمان المقبل؟ - نريد 100 مقعد على الاقل فى البرلمان المقبل على اعتبار اننا نصف المجتمع ، فالتعديلات التى أجريت على قانون الانتخابات البرلمانية مرضية ، نصف القوائم للنساء ، وربما نصف حصة الرئيس بالتعيين ، بالإضافة لمقاعد الفردى ، و أثناء لقائى الرئيس السابق المستشارعدلى منصور قبل صدور التعديلات قلت له ، لا يمكن ان نتساوى بالفئات ، وأن القانون قبل التعديلات كان ترجمة خاطئة للدستور ، فالمادة 11 نصت على التمثيل"المناسب" ، وكلمة "مناسب" لها مدلول فالدستور عندما حدد للمرأة نسبة أعطاها فى المحليات 25 % فليس منطقيا أن تبقى نسبتها فى البرلمان 2% ، وهذه النسبة تضعنا فى ذيل القائمة العربية . ومارأيكم فى أداء المرأة بالانتخابات الرئاسية الأخيرة ؟ - يملؤنى أمل كبير بعد أداء المصريات الرائع فى الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية أن يغير قطاع كبير من الشعب وجهة نظره تجاه المرأة ، وأهمية انتخابها، ومشاركتها السياسية ، فلدينا نساء قويات يتمتعن بقبول مجتمعى، وسنختار قرابة 30 سيدة منهن لديهن الرغبة فى خوض الانتخابات النيابية ، ثم سنختار لهن المواقع المناسبة لتنافسن فيها على مقاعد الفردى ، وسندعمهن بقدر الإمكان سواء بالدعاية اوالتوعية . وكيف ترين الحل الناجع لعودة هيبة الدولة وانضباط الشارع المصرى ؟ - ينضبط بهيبة الدولة عندما نصدر قرارا او قانونا لا نتراجع فيه ، ولا نتهاون فى تطبيقه ، ونعاقب كل من يخطئ .. فلابد من أن ننضبط فى العمل ، فالموظف المصرى يحصل على يومى إجازة فى نهاية الأسبوع فى حين أن الدول الاخرى التى يحصل موظفوها على يومى إجازة أسبوعية ينتظمون فى العمل من التاسعة صباحا وحتى الخامسة مساء ، ورغم ذلك تجد عندنا من يطالبون بالمكافات و يعترضون على المرتبات ، ويحتجون لزيادتها دون ان يعطوا العمل والدولة حقيهما ، كما يجب القضاء على استباحة الشارع ، بأن نعطى تعليمات بفترة زمنية محددة -أسبوعين مثلا – ونحذر المواطنين من أنه بعد انتهاء المهلة ستطبق المخالفات أو الغرامات وما إلى ذلك ، وبعد أن نحذر لا نتراجع ، ونطبق وننفذ بدون هوادة ، مثل قرار غلق المحلات فى العاشرة مساء فنعطى مهلة شهرين لاصحاب المحلات للاستعداد ، وتهيئة أمورهم ثم ننفذ .. فلابد من ضبط الشارع بقوة الدولة وبهيبتها وباحترام القانون وتنفيذه على الجميع . من وجهة نظركم .. كيف يكون التشكيل الوزارى الجديد؟ - "عايزة نص الحكومة " للمرأة ، فلابد من أن يتعود المجتمع على المناصفة : حقيبتين وزاريتين أو ثلاث ، فالجزائر فى آخر تشكيل وزارى لديها سبع وزيرات . هل من كلمة أخيرة ؟ - أقول ل "الستات" و المجتمع المدنى والحقوقيات : تعاونوا معنا لحماية مكاسب المرأة ، تخلوا عن مصالحكم الخاصة ، فبعض الجمعيات تهتم فقط بالتركيز على موضوعات بعينها كالعنف ، وعندنا مشاكل مهولة من ثقافة مجتمعية ذكورية تميز ضد المراة ، و قوانين معقدة ورديئة ، وأجيال يجب تنشئتها بشكل مستنير ، فالتربية والتعليم ، والوعظ والخطاب الدينى ، والافلام ، والاعلام كلها تجب مراجعتها ، لان المجلس بمفرده لن يستطيع العمل بمفرده ، وبعد الانتخابات أرى أن " الستات" فى موقف قوة ، ولابد أن نستغلها هذا ونبنى عليها ، فكل مرشح انتخاب لابد أن يعرف إنك من الممكن أن تنجحيه أو تسقطيه ، فيعمل وزنا ل 24 مليون صوت انتخابى نسائى .