رغم أن الهدف الأساسى لإنشاء بنك التنمية الزراعى كان البحث عن راحة الفلاح ومساعدته فى استمرار الزراعة والحصول على أفضل نتائج ممكنة بتوفير مستلزمات الانتاج او تسهيل الحصول عليها فإنه تحول إلى شبح مرعب يهدد بعض الفلاحين أو معظمهم بالسجن نتيجة الفائدة التراكمية للديون ، والغريب ان قرار ايقاف الملاحقات القضائية لمدة عام لم ينفذ على ارض الواقع واصبح كثير من الفلاحين مهددين بالسجن وربما هناك من تم سجنه فعلا وكأنهم يتعاملون مع بنك تجارى هدفه الوحيد هو الربح وليس مصلحة المزارعين والزراعة . بداية يقول رفعت داغر امين عام النقابة العامة للفلاحين ان المزارعين مدينون بقروض منذ وقت طويل وقد حصلوا عليها لتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعى سواء من ادوات زراعية او بذور او اسمدة او غيرها وبعد حصولهم على القرض كانت تضاف فوائد تراكمية كثيرة ومبالغ فيها من قبل البنك حتى وصلت اعباؤها على بعض الفلاحين إلى 20 % كنسبة فوائد إضافية، مما جعلها عائقا اكبر أمام الفلاح مما افقده القدرة على السداد لتجاوزها الحد الذى يسمح دخله بسدادها وهذا لان الحكومات السابقة تركت كل شيء فى يد التجار ليتحكموا فى الفلاح مما تسبب فى ان يكون دخله قليلا ولايكفيه، وربما صار معدما وبالتالى تعثر فى سداد القروض مما يرفع فائدة الدين وبالتالى اجمالى المبالغ المطالب بها نتيجة الفائدة التراكمية، فمن حصل مثلا من الفلاحين على قرض بقيمة عشرة الاف جنيه اصبح الآن مطالبا بمبلغ 60 ألف جنيه بعد زيادة الفائدة التراكمية وهنا يكون الفلاح مدينا بدين كبير ويأتى دور البنك الزراعى الذى يقوم بدوره بالملاحقة القضائية للفلاح بموجب هذا الدين و يهدده بالحبس أو سداد المبلغ المطالب به شاملا الفوائد. حل جذرى من جانبها اعترضت نقابة الفلاحين على هذا الوضع وطالبت بحل جذري، وأنه فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى وعد بإسقاط الديون ولكن ذلك لم يحدث وتراجع عن وعده حينما قال له رئيس البنك انها اموال بنكية ولا يمكنه التصرف فيها بهذا الشكل ومن يرد اسقاط الدين عن الفلاح يجب أن يدفع مبلغ الدين وهنا تنصل مرسى من وعده وكأنه لم يكن وفى ذات الوقت رفع رئيس البنك الدعاوى القضائية على الفلاحين مطالبا اياهم بسداد مبالغ الديون ومعنى هذا حبس معظم الفلاحين ممن يدينون للبنك بديون سبق ان تراكمت، وهنا طلب وزير الزراعة أيمن أبو حديد من رئيس البنك «التابع للوزارة» وقف الملاحقات القضائية لمدة عام بناء على تعليمات الرئيس عدلى منصور ولكن رئيس البنك لم يوقفها ولاحق الفلاحين ولذلك تمت إقالته . ويضيف داغر أن رئيس البنك الحالى يحاول البحث جاهدا فى امكانية اسقاط الفوائد ورفعها كما يحاول دراسة تجزئة المبلغ الاصلى على الفلاحين وهو يفعل هذا الامر بجدية كاملة ويحاول البحث فيه بكافة الوسائل وهو رجل جاد يبحث عن مساعدة لرفع العبء عن الفلاح ويسقط اصل الدين ... أما النقابة العامة للفلاحين فتحاول بشتى الطرق نقل أوجاعهم الى المسئولين هنا وهناك فبالنسبة للبنك استطعنا الحصول على وعد من رئيس البنك الحالى بتقليل الفائدة على الديون القادمة التى سيقترضها الفلاح من البنك الزراعى . الاستغناء عن الدين ويوضح المهندس عادل فاضل نائب رئيس الجمعية المصرية لتجار وموزعى الاسمدة ان بنك التنمية الزراعية ارتبط منذ انشائه بمشاكل الفلاحين وكان الهدف وقتها رفع معاناة الفلاح ولكنه اصبح فيما بعد مصدرا لأزماته فالفلاح يقوم بالاقتراض ثم يتعثر فى السداد والبنك لا يستطيع الاستغناء عن الدين ولكن كل ما حدث أو يحدث هو نتيجة لسياسة الاقراض الخاطئة خلال عهد الحكومات السابقة ولكن فى الوقت الحالى وفى ظل هذا الاقتصاد الضعيف فلا تجرؤ أى حكومة على تحمل القروض ولكن إذا تحدثنا عن الحل فلابد اننا سنستغرق وقتا اطول ولكن على الا نقطع الصلة بين الفلاح والبنك فمثلا ان نعطى الفلاح القروض الجديدة على فترات طويلة وميسرة وبهذا سنضمن حصول البنك على امواله لاننا سنضمن سداد الفلاح لها لان الفلاح سيكون له القدرة على السداد كما انه من الضرورى ان يتم تعديل اسعار المحاصيل الزراعية حتى يتم توفير هامش ربح للفلاح يساعده فى الانفاق على زراعته وسداد ديونه تجاه البنك . ويتساءل فاضل: لماذا لا يتم تنفيذ الشكل العملى والاكثر فاعلية من وجهة نظره وهو ان يحصل البنك على المحصول من الفلاح ويأخذ جزءا من ثمنه سدادا للدين والباقى يعطيه للفلاح مع توفير هامش ربح يساعده على الاستمرار فى المنظومة الزراعية، كما انه من الضرورى فى ذات الوقت ان يستمر البنك فى تقديم الخدمة الزراعية وتطوير الدعم والاداء الخدمى واسلوب الادارة تجاه الفلاح ففى كل دول العالم التى تعتمد على الاقتصاد الحر او المخطط تجدها تعتمد على بنوك اقتصادية قوية تعمل على دعم وتوفير المستلزمات الزراعية ويتم توفير المخرجات من الاطار المصرفى حيث يتم توفير مستلزمات الانتاج للمزارع من بذور وسماد ووسائل تكنولوجية حديثة لتطوير وتحسين المحصول وكذلك معدات زراعية عالية الكفاءة ليتحول البنك الزراعى الى منظومة عملية وعلمية كاملة ومتطورة تؤدى خدمات فعالة للفلاح أو المزارع المصرى . ويضيف فاضل انه من الضرورى ايضا اعادة تنظيم السياسة الزراعية على كل محاورها فالاعتماد على محور دون الآخر لن يؤدى إلى شيء فلابد من تكاتف الجميع وان نسير فى كل اتجاهات التنمية الزراعية فأى برنامج من برامج المرشحين لابد ان يتضمن برنامج تنمية كاملة فالاستراتيجية الزراعية ضعيفة ولن تحل المشكلة ونحن فى حاجة الى نهضة زراعية كاملة لانتاج الغذاء وتحقيق الاكتفاء الذاتى منه فاستمرار استيراد الطعام سيجعل العبء يزيد على ميزان المدفوعات فلابد ان تعتمد مصر على نفسها فى توفير وتلبية احتياجاتها الغذائية من انتاجنا المحلى ونوقف الاستيراد تماما. المساحات الزراعية اما المهندس السيد فرج راضى نائب رئيس الادارة المركزية للتحكيم ونائب رئيس الشعبة العامة للقطن بالغرفة التجارية فيؤكد ان بنك التنمية الزراعية هو بنك تجارى بكل مشاكله سواء فائدة او غيرها فلم يعد هدفه دعم الفلاح فقد كان الغرض منه توفير الاسمدة والبذور المحسنة لتحقيق اعلى انتاجية للفلاح والبنك لم يقدم ذلك ونحذر انه اذا لم يفعل سيبقى الوضع على ما هو عليه فهناك فلاحون بسطاء معرضيون فعلا لدخول السجن خاصة ان المساحات الزراعية لم تعد كبيرة كما كانت بل قلت وتفتتت لدى الفلاحين نتيجة للميراث وتعاقب الاجيال والمفترض من البنك ان تكون له رؤية لتطوير الزراعة ومساعدة الفلاح وكيف يساعده لتحقيق الربح وهذا الهدف غير موجود لدى البنك بوضعه الحالى ولم نجن منه سوى فلاحين مهددين بالسجن حيث كانت وزارة الزراعة تنظم الدورة الزراعية و تحدد وجهتها ولكن الان كل قطاع يسير وفقا لرغبته ولا توجد استراتيجية محددة . اما البنك فهو ليس داعما للفلاح الذى يتعثر فى سداد الدين وتتراكم عليه الفوائد وبالتالى ينتهى كل امل له فى السداد فأين السماد الذى من المفترض ان يوفره البنك للفلاح فمثلا ثمن السماد 70 جنيها يشتريه الفلاح من السوق السوداء ب 200 جنيه ولهذا نطالب بأن يؤدى كل مسئول التزاماته تجاه الفلاح اولا قبل ان يطالبه بواجباته واعتقد ان هذا سيحدث بلا شك بعد ان نأخذ الاتجاه الصحيح بالاستقرار والارادة السياسية . منافسة شريفة ويشرح عبد العزيز عامر نائب رئيس لجنة تجارة المحاصيل الزراعية بالداخل ان بنك التنمية والجمعيات الزراعية وجهان لعملة واحدة ففى نظر الفلاح ان البنك يسطو عليه فالرقابة غائبة على تسليم المحاصيل الزراعية فشونة القمح مثلا لابد ان تكون بها لجنة تقوم بالفرز ولكن الواقع ان هذا لا يحدث ويقوم امين الشونة بالفرز ويسدد اوراقا فقط وهنا لا توجد منافسة شريفة لتحقيق جودة فى منتج مثل القمح لأن الدرجات مرتبطة بالاهواء فى بعض الاحيان. ومثلا إذا ذهبنا للذرة تجد انه كانت هناك منظومة لصناعة الخبز من القمح والذرة معا و كان يتم تسويق الذرة فعلا للفلاحين وجاء البنك الزراعى وأوقف هذا المشروع دون سبب لتبور الذرة من جديد فهو فى النهاية بنك تجارى حتى هذه اللحظة ولم يحقق خدمة حقيقية للفلاح الذى لم يجن منه سوى التهديد بالسجن .