أيام قليلة تفصلنا عن رئيس جديد منتخب بعد ثورتين شعبيتين غيرتا وجه التاريخ المصرى والعربى معا، وسيأتى الرئيس الجديد وسط حالة من الفوضى الاقتصادية والمجتمعية، وهو ما يتطلب رؤية متمهلة من كل أطراف المسألة المصرية. وفى الشأن الإقتصادى لابد وأن تلعب كافة المؤسسات المصرية دورها المطلوب منها بإرادة طوعية دون فرض إلا من الشعور بالواجب وضرورة النهوض بهذا الوطن. وحماية الإقتصاد المصرى ليس فقط بهدف رفع مستويات معيشة المواطنين، ولكن هناك هدفا أسمى من ذلك ألا وهو حماية أمن مصر وحدودها وسيادة قرارها بتأمين إحتياجاتها الإقتصادية والإعتماد على الذات. والقطاع الخاص دائما يمثل الكتلة الأهم فى العملية الإقتصادية، ومما لا شك فيه أن هذا القطاع خسر كثيرا عندما قاطع ثورة يوليو وهو ما دعا الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لإتخاذ إجراءات عنيفة تمثلت فى التأميم وتحديد الملكية الزراعية. ولم تكن قرارات ناصر بغرض التنكيل بالقطاع الخاص، ولكن كان هدفها النهوض السريع بالطبقات المحرومة وإعادة بناء قدرات مصر الإقتصادية لتعتمد على نفسها. ولكن هذه القرارات كانت سببا مباشرا فى هجرة القطاع الخاص للإستثمار خارج مصر وحرمان أبناء مصر من هذه الذراع القوية القادرة على تحقيق التنمية وفرص العمل. واليوم مع الرئيس الجديد للبلاد لا يجوز تكرار الأخطاء، فمن ناحية وجود القطاع الخاص ليس ضرورة ولكنه مصير، فالحكومة ليست قادرة على توظيف ما لايقل عن 45 مليون مواطن فى سن العمل، ولا توجد موارد يمكن تدبيرها للقيام بهذا العبء، أيضا على القطاع الخاص إدراك أن أصول اللعبة تقتضى القيام بدور فعلى فى مجال المسئولية الإجتماعية. ومن هنا الحوار بين القطاع الخاص والرئيس المنتخب لابد وأن يكون فى مقدمة الإهتمامات، فحماية أمن مصر الإقتصادى ستكون من خلال ضمير وطنى يتحرك طوعا لخدمة البلاد من جانب القطاع الخاص، وتفهم من الرئيس والحكومة للمناخ الذى يمكن للقطاع الخاص أن ينمو ويعيش فيه، دون كسر إرادة لطرف، ودون امتناع من طرف أخر. لمزيد من مقالات نجلاء ذكري