تحت عنوان "نحو منتج نانوي مصري في مجال تحضير وإنتاج المبيدات والأسمدة البيولوجية"، عقدت يوم الثلاثاء الماضي بالمركز القومي للبحوث حلقة عمل لمناقشة الوضع الحالي والمستقبلي لتكنولوجيا النانو بمصر، بحضور نخبة من الباحثين والعلماء المتخصصين في هذا المجال، حيث أجمعوا على أهمية وجود إرادة سياسية لإنتاج هذا المنتج. وأوضح الدكتور محمد رجائي عبد الفتاح أستاذ الحشرات بالمركز ومنسق الحلقة التى عقدها بالتعاون بين المركز وشركة كفر الزيات للمبيدات والكيماويات، أنه تم الإعداد لإنتاج منتج نانوي مصري فعال في مكافحة الآفات والحشرات الضارة، وحماية البيئة من الآثار الجانبية المضرة للمبيدات التقليدية، بما يواكب الأبحاث الجارية والمنتجات الحديثة علي الصعيد العالمي. وأضاف أن مناقشات الحلقة تناولت إعداد نموذج تجريبي من النانو سيليكا مع بعض المبيدات الأخري القاتلة للحشرات لإنتاجها علي مستوي كمي، كما تناولت تصنيع بعض المواد الحيوية المضادة للحشرات الضارة. وعلي صعيد مواز، أوضح الدكتور طاهر صلاح الدين الباحث بالمعمل المركزي للنانو تكنولوجيا والمواد المتقدمة بمركز البحوث الزراعية أن المعمل بدأ بالفعل في إنتاج منتج نانوي من الأسمدة الفوسفاتية أمكن استخدامه بنجاح علي محاصيل الذرة والقمح والطماطم. وتثبت المؤشرات الأولية فاعلية الأسمدة الفوسفاتية المنتجة بتقنية النانو مقارنة بالأسمدة التقليدية، إذ لم تزد كمية الأسمدة النانوية المجربة حقليا على 20% من كمية الأسمدة التقليدية المستخدمة حاليا، كما لم تتجاوز تكلفة رش المجموع الخضري للنباتات بالمبيدات النانو أيضا 20% من تكلفة معالجة الفدان بالأسمدة التقليدية. وتتميز أسمدة النانو - كما يقول الدكتور طاهر- بأنها لا ترش مع مياه الرى، ولكن فقط علي المجموع الخضري للنبات، مما يجنب البيئة والمياه الجوفية أضرار تسرب بقايا المبيد إليها حال رش الأسمدة علي الأرض أو مع مياه الري، كما أن أسمدة النانو تصلح للأراضي الجديدة، مما يفتح مجالا كبيرا لزيادة الصادرات الزراعية المصرية. ويشير الباحث إلي سهولة تحضير الأسمدة النانو معمليا، إذ يتم الآن معمليا إنتاج نحو 4 كيلوجرامات من الأسمدة الفوسفاتية النانوية يوميا، ومن الممكن التوسع فيها علي المستوي الصناعي بالتعاون مع الشركات المصرية المتخصصة لانتاج أطنان عدة يوميا. من جهته، أوضح الدكتور حامد النجار رئيس قطاع الأبحاث بشركة كفر الزيات للمبيدات والكيماويات أن الشركة كانت أول من بدأ العمل علي النطاق الصناعي في هذا المجال، إذ نجحت في انتاج مبيدات بيولوجية لمكافحة الحشرات، وهو التوجه المعمول به في كبري الشركات العالمية . ويضيف أن الشركة اتبعت هذا النهج، وبدأت في إنشاء أول مصنع من نوعه في الشرق الأوسط لانتاج المركبات الحيوية لمقاومة الحشرات في المنطقة اعتمادا علي تقنية النانو، موضحا أنه كلما صغر حجم جزيئات المبيد، كان تأثيره أوسع انتشارا عند رشه علي المجموع الخضري للنبات، مشيرا إلى أن الشركة تسعى جاهدة الآن لربط البحث العلمي بالصناعة لإنتاج مركبات حيوية باستخدام تقنيات النانو، من خلال التعاون بين علماء المركز والشركة. من ناحيته، تناول الدكتور محمد سعيد - أستاذ الطبيعة بجامعة عين شمس- أسس النانو تكنولوجي والطرق المختلفة لتحضير جزيئات النانو المستخدمة كمبيدات لبعض الحشرات التي تصيب المحاصيل الاقتصادية المهمة كالقطن وكمجسات ضوئية لتشخيص بعض أمراض الإنسان المزمنة مثل فيروس الالتهاب الكبدي «سي»، وسرطان الكبد، وكذلك كعوامل ضوئية محفزة مثل أكاسيد التيتانيوم للتخلص من الملوثات البيئية، خاصة الصبغات الموجودة بمياه الصرف لإعادة استخدامها بطريقة آمنة في الري. وفي مجال الحشرات، تم إنتاج جزيئات نانو من أوكسيد السليكون وأوكسيد الفضة لاستخدامها كمبيدات حشرية لدودة القطن والجراد، والحشرات التي تصيب محصول الطماطم. أما في مجال المجسات الضوئية فتم إنتاج متراكبات من بعض العناصر لاستخدامها كمجسات ضوئية لتشخيص بعض الأمراض الخطيرة مثل سرطان الكبد وفيروس الالتهاب الكبدي سي، كبديل لتحليل ألفا فيتو بروتين المستخدم حاليا في تشخيص أورام الكبد الذي لم يتأكد دوره كدليل حيوي.