عيار 21 الآن بالصاغة.. سعر الذهب اليوم الخميس 26-6-2025 بعد انخفاضه (تحديث)    نقل الكهرباء : تشغيل المحول رقم (1) بمحطة زهراء المعادي    وزير دفاع إسرائيل: خامنئي تفادى الاغتيال ب الاختباء تحت الأرض وقطع الاتصالات مع القادة الإيرانيين    الخارجية الأمريكية: أولويتنا الحالية وقف إطلاق النار في غزة    رئيس الوزراء القطري يبحث هاتفيًا مع نظيره السوداني آخر تطورات الأوضاع في المنطقة    المجلس الأوروبي: على أوروبا أن تصبح أكثر استعدادًا للتعامل مع تحديات المستقبل    الهلال والمكسيك.. مدرب "غريب" ومهاجم لا يعرف المرمى    منتخب شباب اليد يخسر امام البرتغال 30/26 في ربع نهائي بطولة العالم    أسماء المصابين ال 10 في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بوسط سيناء    «صيف رحيم أم مُتطرف».. الأرصاد تكشف مفاجأة بشأن حالة الطقس في يونيو 2025    أحمد عمر هاشم: الهجرة النبوية حدث خالد فى كتاب خالد وترسيخ لقيم التعايش والعدل    مفتى الجمهورية: صناعة المستقبل أحد الدروس المستفادة من الهجرة النبوية    ترامب: القدرات النووية الإيرانية قابلة للتدمير والاتفاق معها ليس ضروريا    معلول: بن رمضان يتمتع بمواصفات نادرة.. وتأقلم سريعا مع الأهلي    الكرملين: ينبغي تذكير أمريكا بأنها الدولة الوحيدة التى استخدمت النووى    الإيجار القديم.. مصطفى بكري: المستأجر لم يغتصب حق الملاك.. العلاقة كانت سليمة وبموافقتكم    «مدارس البترول» بدائل الثانوية العامة 2025 .. تعرف على شروط القبول والأقسام (تفاصيل)    «سيطرة واضحة».. لماذا تفوقت فرق البرازيل في كأس العالم للأندية؟    كريستيانو رونالدو يُمدد عقده مع النصر السعودى.. فيديو    مصدر: الجزيرى متمسك بالزمالك ويشترط الحصول على مستحقاته حال الرحيل    محافظ القليوبية يتابع رصف طريق مساكن الرملة ببنها والانتهاء منه خلال أيام    محافظ كفر الشيخ: تسهيل إجراءات تقنين الأراضي لتيسير الأمور على المواطنين    تدريب الأطفال على مسابقات السباحة بحديقة الخالدين فى كفر الشيخ.. فيديو    مصرع رضيع صعقا بالكهرباء داخل منزله بقنا    مياه كفر الشيخ: انقطاع المياه لمدة 8 ساعات عن مركز ومدينة فوه غدًا    «مش عاجبك متخرجش».. محمود حجازي يعلق على انزعاج المشاهير من المعجبين (فيديو)    ممدوح موسى عن «ابتدينا» ل عمرو دياب: «ده مش اسم غنوة دي مرحلة جديدة بيبدئها الهضبة»    محمد رمضان يستعد لإحياء أولى حفلاته بالساحل الشمالي.. تعرف على موعدها    مصطفى كامل وعلى الحجار ولؤى وهاني رمزى فى عزاء والد تامر عبد المنعم (صور)    البيت الأبيض: نسير على المسار الدبلوماسي حاليا مع إيران ونتطلع لسلام طويل الأمد بالمنطقة    «الجهل قتل الراهب».. خالد الجندى: «كل بني آدم بداخله شعلة إيمان تحتاج لمن يشعلها»    لفقدان الوزن.. تعرف على فوائد المشروم المذهلة    مدير التأمين الصحي بالقليوبية: برامج تدريبية متخصصة لرفع كفاءة الكوادر الطبية    نقطة دم تساوي حياة.. وكيل صحة البحيرة يدعو المواطنين للمشاركة في حملة التبرع بالدم    مصرع أب وإصابة نجله في تصادم سيارة ربع نقل مع دراجة نارية بالفيوم    المقاولون يكرم والد محمد صلاح    اعتماد الحدود الإدارية النهائية للمنيا مع المحافظات المجاورة    تسليم 16 عقد عمل لذوي الهمم بالقاهرة    10 فئات محرومة من إجازة رأس السنة الهجرية (تعرف عليها)    رئيس جامعة حلوان يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بحلول العام الهجري الجديد    تعاون بين «التموين» و«القطاع الخاص» لتحديث المنافذ وتحسين سلاسل الإمداد    فحص 829 مترددا خلال قافلة طبية مجانية بقرية التحرير في المنيا    محافظ الجيزة يتفقد مستشفى الحوامدية العام للوقوف على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    مقاومة النسيان بالصورة    ثقافة الفيوم تناقش المجموعة القصصية "اختنقت بجوز الهند" للكاتبة دعاء رشاد.. صور    السبت المقبل .. المنيا تحتفل باليوم العالمي للتبرع بالدم 2025    أمانة العمال المركزية ب"مستقبل وطن" تختتم البرنامج التدريبي الأول حول "إدارة الحملات الانتخابية"    هل يُستَحبُّ شرعًا الصوم في شهر الله المحرم.. الإفتاء توضح    نساء الهجرة.. بطولات في الظل دعمت مشروعًا غيّر وجه التاريخ    ألونسو ردًا على لابورتا: نشعر في ريال مدريد بالحرية    محافظ أسوان يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد النصر    مطاردة أمام كمباوند شهير بأكتوبر، مها الصغير وسائقها يحرران محضرا ضد أحمد السقا    بعد رحيله عن الزمالك.. حمزة المثلوثي يحسم وجهته المقبلة    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لعامل وزوجة عمه فى بولاق    انتصار السيسي تهنئ المصريين والأمة الإسلامية بمناسبة رأس السنة الهجرية    نور عمرو دياب لوالدها بعد جدل العرض الخاص ل"فى عز الضهر": بحبك    تهنئة السنة الهجرية 1447.. أجمل العبارات للأهل والأصدقاء والزملاء (ارسلها الآن)    إخلاء محيط لجان الثانوية العامة بالطالبية من أولياء الأمور قبل بدء امتحاني الفيزياء والتاريخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وبات الحزن عنوانا
الرقيب الشهيد الشحات متولى ..لم يخش الموت
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 05 - 2014

مرة أخري المشهد المهيب وأجواؤه القاتمة والكئيبة تلقي بظلالها علي تفاصيله .. الجثمان يغادر في طريقه الي مستقره الأخير وسط أصوات النحيب والصراخ.
زوجة تملؤها الحسرة زائغة العينين حملت لتوها لقب أرملة لاتريد للجثمان أن يغادر، أبناء فقدوا السند والعائل وصغار تيتموا بلا وداع ، شقيق يتشبث بالكفن ينعي حظه أن امتد به العمر ليعيش هذه اللحظة فيشارك في وداع شقيقه، ضحية جديدة من ضحايا الإرهاب اللعين الذي لايكاد يبرح حتي يعود ليأخذ معه المزيد والمزيد.
في جنازة عسكرية وشعبيه مهيبة شيع المئات من أهالي قرية كفر الديب مركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية، جثمان الشهيد الشحات متولي أحمد الرقيب بقسم شرطة القنطرة شرق ضحية الارهاب الغادر الذي لقي حتفه اثر استهداف مجهولين له اثناء توجهه لعمله بمحافظة الاسماعيلية مستقلا دراجته البخارية وهو يرتدي زيه الميري.
في الطريق لمنزل الشهيد بقريته لم أكن بحاجة لدليل، كانت قدماي وكأنها تعرف طريقها جيدا، وكأنها اعتادت رائحة الموت التي ألفتها علي مدي ثلاثة أعوام، شاركت فيها أسر الضحايا أوجاعهم وآلامهم، تقودني في طريقي صور الفقيد التي تراصت بطول الطريق الي منزله.
وأمام صورة كبيرة للشهيد الذي حمل رقم 13بين ضحايا الغدر الذين استهدفوا برصاص الارهاب اعدها اهالي القرية تخليدا لذكراه، وقفت ابنته الكبري حمدية (25 سنة) تتطلع الي صورته، وتطيل النظر اليها، غير مصدقة انه رحل للأبد. وداخل المنزل، تجمعت الاسرة المكلومة تتقاسم أحزانها وحكاياتها عنه التي أصبحت ذكريات، وتستجدي روحه ان تبقي ترفرف بينهم، بعد أن اختطفه الموت منهم، وبعد أن غلب النوم الطفل الصغير محمود (9 سنوات) من كثرة البكاء، بدأت الابنة الكبري الحديث قائلة «كان حنين في كل حاجة، ما كانش فيه أحن منه، عمره ماحرمنا من حاجة، حتي بعد جوازي كان دايما يزورني ومعاه الهدايا وكل الحاجات الحلوة».
وتضيف «عمرنا ما تصورنا انه ممكن يموت بالشكل ده، ولما كنا بنسمع عن زمايله اللي بيموتوا كنا بنخاف ونقلق، لكن عمره ما كان بيظهر لنا أي خوف أو قلق، وكان يطمننا وده كان بيخلينا نشعر بالأمان، ولما نقول له بلاش اللبس الميري كان دايما يرد، العمر واحد والرب واحد».
وتتوقف الابنة المكلومة عن الحديث عن والدها لدقائق، بعدما امتلأت عيناها بالدموع، فاحترمنا صمتها، وانتقلنا الي شقيقها محمد (21 سنة) الذي يؤدي الخدمة العسكرية ولم يتمكن من رؤية جثمان والده أو حمله ووداعه حيث كان بالخدمة وقت وقوع الحادث، وقال بصوت مختنق بلوعة الفراق لا أدري لماذا لم يدر بخلدنا أن والدي سيكون يوما ما ضحية للارهاب فهو مسالم للغاية، طيب لأبعد الحدود، وقال لي في آخر مكالمة لي معه، «يا ابني لو عشت هأعمل لكم أحسن حاجة»، كأنه كان يودعني أو يذكرني بحبه لنا جميعا، لتكون آخر كلمات أسمعها منه، لكني لم أتوقف عندها، ولم أشعر بالقلق، فوالدي يبذل أقصي ما لديه لاسعادنا طوال عمره.
ويتذكر يوم الحادث قائلا: قبل أن أعلم بنبأ وفاته، كنت جالسا في «الكانتين» في وحدتي، وسمعت بخبر مقتل رقيب شرطة بطريق الصالحية، فتذكرت أن والدي يمر ايضا بهذا الطريق، شردت قليلا لكن لم يدر بخاطري ان يكون هو الضحية، ولكن لم تمر دقائق حتي علمت بالخبر الحزين، وقتها شعرت بان الدنيا تهاوت تحت أقدامي، تجمد جسدي وظللت أبكي.
وهنا قاطعه شقيقه الاصغر أحمد (17 سنة) بالصف الاول بدبلوم التجارة وعامل باليومية، قائلا بلوعة، «ربنا ينتقم من اللي قتلوه، الإرهابيين حرمونا من حنانه وطيبته، وحولوا حياتنا لجحيم، هو عمل لهم ايه عشان يضربوه بالنار؟». زوجة الشهيد نعمات عبد الله التي أقعدها الحزن وظهر عليها الوهن، ظلت شاردة طيلة الوقت، وحينما سألناها، قالت بحسرة «يفيد بايه الكلام، مهما نقول مش حيرجع اللي راح، انا مش قادرة اصدق اني مش هاشوفه تاني، وان سندي وأبو اولادي مات خلاص حتي من غير ما أودعه، من زمان واحنا بنطلب منه ما يسافرش علي المكنة، ويلبس لبس ملكي، لكن ما كانش بيرضي، وكان دايما يرد ويقول، اللي ربنا كاتبه هاشوفه، خللي ايمانكم بالله كبير، والمكتوب علي الجبين لازم تشوفه العين».
أما شقيقه عبد النبي متولي فقال «حسبي الله ونعم الوكيل في الخونة والظلمة اللي بيقبضوا علي دم أولادنا، يقطع الكرسي والسلطة اللي هيخلونا نأكل في بعض وندوس علي بعض، والله لو شفنا حد منهم لنشرب من دمه، ومش هيرضينا الا القصاص وأخد تاره». غادرت الأسرة الحزينة .. المكلومة بفقد عائلها، الرقيب الشهيد الشحات متولي أحمد، لكن السؤال ظل يلح بشدة علي خاطري .. تري من القادم؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.