كنت أتمني لو أن المطالبين بتطهير الإعلام استبدلوا لفظ( تطهير) بتطوير, فهو أكثر منطقية وقابلية للتحقق, بعكس اللفظ المستخدم حاليا والذي سيؤدي في أحسن الفروض لاستبدال أشخاص محدودي الكفاءة والقدرات المهنية بغيرهم من نفس النوع. الإعلام المصري يعاني من قصور مهني كبير دون استثناء, المكتوب منه والمسموع والمرئي, القومي منه والخاص والحزبي, لأن العاملين فيه خريجو نفس المدرسة التي لا تهتم بدقة المعلومة, وتركز علي الإثارة, وتتعامل مع الشائعات باعتبارها حقائق دون محاولة للبحث والتدقيق. يضاف إلي ذلك آفة إعلامية عظمي هي المباشرة في التناول, فنكتفي بوصف شخص ما بالكرم وحسن الخلق, ولو أننا ذكرنا أنه تبرع لمؤسسات خيرية بمبالغ معينة أو أنه متكفل بتعليم بعض الفقراء دون أن نذكر مباشرة أنه كريم لكان التأثير أكبر لأننا نقدم المعلومة ونترك للمتلقي حرية تقييم الوضع. مثال آخر: في الولاياتالمتحدة لاتذكر الصحف أن الرئيس يتمتع بصحة جيدة ولكنها تنقل لقطات له وهو يمارس الرياضة فتصل الرسالة بوضوح. ويزيد من حجم المشكلة أن الإعلام المصري يواجه الآن إعلاما متطورا يصل إلينا عبر القنوات الفضائية وشبكة الإنترنت, ومن المؤكد أن له توجهات لا تخدم بالضرورة المصالح المصرية, ولكننا في الوقت نفسه لا نرقي مهنيا لمنافسته. مصر الثورة تحتاج لإعلام جديد قوي ومؤثر وهذا لن يتحقق إلا بتطوير المنظومة الحالية وصولا للمستويات العالمية, وأي مستوي دون ذلك لن يحل المشكلة. وأعتقد أن لدينا قواعد من المهنيين والفنيين القادرين علي الوصول لهذا المستوي إذا ما توافرت3 شروط وجميعها لا وجود لها الآن.. رؤية إعلامية متطورة, ومنظومة إدارية تعلي من شأن الكفاءة, وبرامج تدريب متقدمة تهدم كثيرا من الموروثات المهنية الحالية وتعيد تأهيل الإعلاميين لمتطلبات المرحلة. والفشل في هذه المهمة غير مقبول لأنه مقدمة منطقية لانهيار المؤسسات الإعلامية المصرية وساعتها لن نفقد فقط مئات الآلاف من الوظائف المرتبطة بها, ولكن سنفقد أيضا سلاحا مهما للدفاع عن مصالح الوطن وأمنه القومي. [email protected]