هناك شكاوي دائمة من تدني مستوي الصحفيين مهنيا وسط تزايد أعداد ممارسي المهنة سواء من خريجي أقسام الإعلام أو من الباحثين عن فرص عمل من حاملي المؤهلات الأخري، الأمر الذي يطرح سؤالاً هل الصحافة موهبة أم دراسة أكاديمية وهل غير دارسي الإعلام سعيهم للصحافة ينبع عن موهبتهم أم منهم من بات يبحث عن مهنة مرموقة كوظيفة أكثر منها مهنة إبداع؟ يري عباس الطرابيلي رئيس تحرير الوفد الأسبق أن الصحافة في الخمسينيات كانت تقبل أي خريج جامعي شريطة توافر الموهبة فسعيد شبل خريج كلية علوم وأحمد بهاء الدين خريج حقوق وإبراهيم نافع خريج تجارة، وبعد سنوات أنشئ معهد الصحافة ثم قسم الصحافة ثم كلية الإعلام، وأصبح خريجو الإعلام والصحافة يفوقون طلب سوق الصحافة الآن.. والمفروض أن خريج الصحافة يكون أفضل من غيره لأنه يدرس مواد تتعلق بأمور المهنة وبالتالي يكون أكثر كفاءة من غيره ولا نريد أن نغلق الباب أمام خريجي الكليات الأخري ولكن لابد أن نعطي الأولوية لخريجي الإعلام والصحافة وأن تقيم كل مؤسسة مسابقات وامتحانا لاختيار الأفضل من المتفوقين. وأضاف الطرابيلي: نحن اليوم نواجه مشكلة ممثلة في خريجي الجامعات في التعليم المفتوح هذه كارثة وقد ناقشت هذه القضية وأشرت كثيرًا في اجتماعات المجلس الأعلي للصحافة لأن هؤلاء حاصلون علي دبلومات فنية زراعة أو صناعة ثم يقولون إنهم حصلوا علي بكالوريوس إعلام جامعة القاهرة بل يقول إنه حاصل علي دبلومة في الإعلام. واستطرد الطرابيلي: إذا كانت نقابة الأطباء تتدخل في تحديد عدد المقبولين في كلية الطب بتحديد عدد المقبولين بالجامعات حفاظا علي سوق العمل ومستوي الأجور فلابد لنقابة الصحفيين من وضع ضوابط لمن يعمل في مهنة الصحافة. ويري نبيل زكي رئيس تحرير الأهالي الأسبق، أن مهنة الصحافة لا تشترط أن يكون خريج إعلام، لكن القضية هي كيف يتم إعداد أجيال جديدة للعمل بالإعلام لديها الكفاءة المهنية المطلوبة، مضيفًا: تخرجت في كلية الآداب قسم الفلسفة وكنت أريد الانخراط في السلك الأكاديمي ودخلت السنة الأولي تمهيدي ماجستير ثم سجلت الماضية وعندما تم اعتقالي 5 سنوات وجدت أساتذتي المحترمين أحيلوا للمعاش فتوقفت واتجهت للعمل الصحفي وكتبت مقالات في جريدة المساء عام1956.. كانت مقالات سياسية ممرزوجة بالأدب ثم عملت بالإذاعة والتليفزيون ثم عرض علي عبدالعزيز فهمي العمل بأخبار اليوم واشترط أن يتم اختباري ونجحت في الاختبار فالمسألة ليست مرتبطة بالمؤهل لكن بالموهبة والقدرة علي الإبداع، لكن المؤسف أن تجد صحفيا يخطئ في قواعد اللغة العربية وآخر يستغل المهنة للتربح، بينما الصحفي الحقيقي خادم للرأي العام وليس شخصًا يمارس نفوذًا أو يبحث عن وضع اجتماعي. وقال زكي: الكاتب يجب أن يكون لديه مصداقيه وما دون ذلك يكون مجرد موظف فالصحفي لابد أن يملك عقلية نقدية وعفة نفس فالصحفي الذي يطلب خدمة من وزير لا يملك انتقاده فما بالنا بالصحفي الذي يعمل مستشارًا إعلاميا لمصادره. ويؤكد صلاح عيسي رئيس تحرير القاهرة أن فنون الصحافة تتطلب متخصصًا ملمًا بأسس الكتابة وهناك فرق بين الصحفي المهني الذي يجلب الأخبار ويكتب التقارير والتحقيقات والحوارات الصحفية وهذه تحتاج إلي متخصص فهناك كتاب مقالات لا يشترط أن يكونوا خريجي صحافة وهؤلاء موجودون في كل زمان ومكان وعندما أنشئ المعهد العالي للصحافة كان بكالوريوس يعادل الماجستير في الوقت الحالي وقد تخرج في هذا المعهد صلاح جلال ويوسف السباعي الذي كان ضابطًا بالجيش ثم اشتغل بالصحافة كمحرر اقتصادي. وطالب بضرورة التخصص فينبغي أن يكون المحرر الثقافي خريج كلية الآداب والمحرر العلمي خريج كلية علوم والمحرر الاقتصادي خريج تجارة وهكذا ثم يلتحق لمدة عام بمهنة الصحافة أو عامين حتي يعرف كيفية استخدام أدوات المهنة وهناك دخلاء كثيرون علي مهنة الصحافة ليس لديهم فكرة عنها لأنها جذابة وتصنع شهرة ونفوذًا في المجتمع كما أن قياس القدرات في الصحافة أمر صعب. لقد تخرجت في المعهد العالي للخدمة الاجتماعية وكنت أكتب وأنا طالب في المرحلة الثانوية مقالات في الصحف والمجلات وتم تعييني مديرًا لإحدي الوحدات الاجتماعية بالريف المصري لمدة خمس سنوات وكنت أنوي الكتابة من الخارج وعندما كتبت مقالات تعارض الرئيس عبدالناصر تم اعتقالي وفصلت ورفض الرئيس عبدالناصر تعييني في أي مهنة فيها احتكاك بالجماهير. ويقول عبدالفتاح طلعت مدير تحرير الأسبوع إن الصحافة أصبحت مهنة من لا مهنة له مطالبًا بعقد دورات تدريبية لغرس أخلاقيات المهنة وميثاق الشرف الصحفي لأن القضايا ترجع عادة نتيجة استخدام لفظ في غير موضعه لذلك ينبغي علي الصحفي أن يتحري الدقة في كتاباته، وأضاف هناك الكثير من الصحفيين الذين يتعلمون في صحافة «بير السلم» التدليس ولا توجيه حقيقي لهؤلاء فالصحفي يجب أن ينتبه إلي أنه جزء من الوطن وليس علي رأسه ريشة إلا بالحقيقة والموضوعية. وطالب حلمي النمنم مدير تحرير مجلة المصور بإتاحة الفرصة أمام كل الخريجين للعمل بالصحافة لكن لابد من أن يتخصص في فرع محدد ويكون صاحب ثقافة موسوعية ومن ناحية أخري أحيانا يكون الطالب خريج إعلام وليس مؤهلاً للعمل بالإعلام وقال: أذكر أنني ذهبت إلي رئيس جامعة القاهرة لإجراء حوار معه وطلب من مستشاره الإعلامي وكان عميد كلية الإعلام كتابة شيء ما وبعد ساعة حضر المستشار ووجدته قد صاغ ما طلب منه صياغة ركيكة وتنقصه الكثير من المعلومات.