حظيت الانتخابات البرلمانية التي شهدتها مصر حاليا باهتمام إعلامي غير مسبوق علي المستوي الوطني والإقليمي و الدولي باعتبارها أول انتخابات تشهدها البلاد عقب ثورة25 يناير. ومنح الإعلام المصري بوسائله المختلفة(الصحف والإذاعة والتليفزيون والإنترنت) اهتماما غير مسبوق بتغطية هذه الانتخابات, نظرا للدور المهم الذي ستقوم به المجالس النيابية في الحياة السياسية في مصر خلال الفترة القادمة. كما شهد الإعلام المصري منافسة غير مسبوقة في التغطية الفورية لمجريات الانتخابات البرلمانية لنقل ما حدث داخل لجان الانتخابات للرأي العام في التو واللحظة. وقامت وسائل الإعلام علي اختلاف أنماط ملكياتها وتوجهاتها السياسية بدور حيوي في الرقابة علي الانتخابات, ونجحت في كشف المخالفات التي تحدث داخل اللجان الانتخابية أو خارجها, وكان لها الفضل في السيطرة علي حجم المخالفات في المراحل المتتالية للعملية الانتخابية. وقدمت وسائل الإعلام التابعة للدولة أوقاتا زمنية ومساحات متساوية للأحزاب والقوي السياسية المختلفة لتقديم برامجها للجمهور, إضافة إلي قيام الإعلام الخاص إلي جانب إعلام الدولة بتقديم حملات لتوعية المواطنين بضرورة المشاركة في العملية الانتخابية, وإبراز مخاطر بيع الصوت الانتخابي. وأمام الأداء الجاد لإعلام الدولة والخاص في تغطية الانتخابات, تمكن الإعلام الوطني من السيطرة علي مصادر المعلومات للمواطن المصري في متابعة الانتخابات البرلمانية, ولم يصبح مضطرا للبحث عن وسائل إعلام إقليمية أو دولية لمتابعة الحدث الانتخابي. إلا أن الإيجابيات السابقة لم تمنع وجود تجاوزات مهنية لوسائل الإعلام في الدعاية للمرشحين الأفراد والأحزاب والقوي والتكتلات السياسية في الانتخابات البرلمانية. ويأتي في مقدمة هذه التجاوزات انتهاك فترة الصمت الانتخابي, وتأثر وسائل الإعلام الخاصة بتوجهات مالكيها في التغطية الإعلامية والدعاية الانتخابية, خلط الرأي بالخبر في بعض المواد الصحفية الخبرية المنشورة, السخرية والإساءة من بعض المرشحين والتيارات السياسية, تجاوز الحدود القصوي للدعاية الانتخابية, إضافة إلي تحيز بعض الإعلاميين في تغطية الانتخابات, وعدم التمثيل المتوازن للقوي السياسية في البرامج الحوارية المسائية في القنوات الحكومية والخاصة. وشهد الإعلام الجديد هو الآخر تجاوزات أخلاقية ومهنية عديدة عبر المواد المنشورة علي المواقع الإلكترونية شملت علي سبيل المثال لا الحصر عبارات تتضمن سبا وقذفا للبعض, استخدام شعارات ورموز دينية, التلاعب بالصور وتشويهها, الخروج علي قيم المجتمع وآدابه, السخرية والإساءة لبعض المرشحين, انتهاك فترة الصمت الانتخابي, نشر الشائعات, والسخرية المتبادلة بين القوي السياسية. ويبدو من المهم استيعاب الدروس المستفادة من تغطية الإعلام للانتخابات البرلمانية, ويأتي في مقدمتها التطبيق الحاسم لفترة الصمت الانتخابي علي جميع وسائل الإعلام الحكومية والحزبية والخاصة, حيث انتهكت معظم وسائل الإعلام هذا المبدأ بدرجات مختلفة. وضرورة التعامل مع إشكالية تزاوج رأس المال بالسياسة والعمل الحزبي في أداء بعض وسائل الإعلام الخاصة علي مستوي الصحف والقنوات الفضائية علي حد سواء, حيث تركت هذه الظاهرة آثارها السلبية علي أداء بعض وسائل الإعلام الخاصة في تغطية الانتخابات البرلمانية. إضافة إلي دمج وسائل الإعلام الجديدة ضمن منظومة التشريعات الإعلامية بشكل يضمن تحقيق المسئولية الاجتماعية والمهنية في استخدام الإعلام الجديد علي مستوي الأحزاب والمرشحين والإعلاميين. والاستمرار في تدريب شباب الإعلاميين علي مهنية التغطية الإعلامية للانتخابات علي مستوي وسائل الإعلام الحكومية والحزبية والخاصة, بهدف تقليل حجم التجاوزات المهنية في تغطية الانتخابات. وضرورة منح الصلاحيات اللازمة للجنة تقييم الأداء الإعلامي في مجال تغطية الانتخابات, لتمكينها من تنفيذ توصيات التقارير الخاصة بتقييم الأداء الإعلامي. وتكثيف جهود التوعية الخاصة باستخدام وسائل الإعلام الجديدة في التوعية والدعاية الانتخابية والتفاعل بين المرشحين والأحزاب والمواطنين وفق مبادئ المسئولية المهنية والاجتماعية في التوظيف السياسي للإعلام الجديد.