لم يسئ أحد للدين الاسلامى الحنيف مثلما فعل الموتورون الذين يزعمون حرصهم على تنفيذ أحكام الشريعة من أمثال قادة وأعضاء تنظيمات القاعدة وبوكو حرام وداعش والنصرة والشباب المجاهدين وأجناد الأرض وأنصار بيت المقدس والتكفير والهجرة ممن استحلوا قتل الأبرياء وخطف النساء واعتبارهن سبايا والتهديد ببيعهن فى الأسواق. فبعد نحو 20 يوما من اقتحام مجرمى بوكو حرام فى نيجيريا مدرسة للبنات ليلا وخطفهم نحو 270 طالبة خرج علينا زعيمهم أبوبكر شيكاو مزهوا فى شريط فيديو يقول:«أنا الذى خطفت بناتكم وهن سبايا الآن وسوف أزوجهن بالقوة أوأبيعهن فى الأسواق وفق شرع الله..التعليم على النمط الغربى حرام ويتعين أن يتوقف وعلى الفتيات ترك المدارس والزواج». وهنا نتساءل:أى شرع هذا الذى يتحدث عنه ويسمح بترويع وخطف فتيات مسلمات وكأنه فى حالة حرب مع كفارأومشركين؟.فالسبى فى صدر الإسلام لم يكن هدفه مجرد اهداء التى تم سبيها لمسلم للاستمتاع بها وانما كان له هدف أكبر هو ادخالها فى أجواء الاسلام لعلها تعتنقه عن قناعة وحمايتها بعد مقتل عائلها فى المعركة بأن يتولى مسلم أمرها.فما بالك بأن المخطوفات هنا مسلمات ولسن مشركات أو كافرات ولم يتم أسرهن فى معركة بين مسلمين وكفار أو مشركين! خطف الفتيات اللائى تتراوح أعمارهن بين 12 و18عاما واعتبارهن سبايا والتهديد ببيعهن بالأسواق هو عودة الى عهد العبودية والرق وأسواق النخاسة التى حرمها الاسلام فى سنواته الأولى ولن يقبل بها العالم المتحضر.فالاسلام دين تسامح وسلام يحفظ للانسان حياته وعرضه،حتى انه أمر المسلمين بحماية الكافر اذا استجار بهم وأن يبلغوه مأمنه لعله يسمع كلام الله ويدخل فى الدين طواعية.ومن اعتنقوه دخلوا فيه بالحكمة والموعظة الحسنة وليس بحد السيف. هجمات بوكو حرام لم تستثن مدارس أو كنائس أوحتى مساجد فضلا عن رجال الأمن والجيش ورموز الدولة.لكن خطف البنات الذى أصاب المجتمعين النيجيرى والدولى بصدمة هو تصرف غير مسبوق منذ بدأت عملياتها عام 2009.وقبل تهديد زعيمها ببيعهن بالأسواق وردت أنباء عن اجبارهن على الزواج من أعضاء بالجماعة بمهور رمزية قدرها 12 دولارا (100 جنيه مصرى تقريبا) للواحدة!.هذه الجرائم لا تنفر فقط غير المسلمين من المسلمين وتضر بمصالحهم عبرالعالم، بل تجعلهم يعتقدون خطأ أن الاسلام يسمح بارتكابها.كما دفعت الى ارتماء دولة كبيرة مثل نيجيريا يشكل المسلمون نحو نصف عدد سكانها البالغ 170 مليونا فى أحضان دول مثل الولاياتالمتحدة يعتبرها قادة بوكو حرام وأخواتها عدوة للاسلام والمسلمين وهوما يعنى تقديم تنازلات مؤلمة ربما على حساب المسلمين هناك.وبالفعل أعلنت واشنطن ولندن وباريس ارسال فرق من الخبراء لمساعدة السلطات النيجيرية فى تخليص البنات المخطوفات وأبدت استعدادها للمساعدة فى مواجهة تهديدات بوكو حرام بإرسال متخصصين فى مكافحة الارهاب وعناصر مخابراتية وربما طائرات بدون طيار تكشف كل أسرار نيجيريا الأمنية وتجعلها بمسلميها أداة فى يد الغرب تحت ذريعة المساعدة فى الافراج عن المخطوفات بينما الهدف الأساسى هو تأمين تدفق البترول من أكبر دولة منتجة له فى افريقيا وعمل شركات التعدين الغربية فى بلد غنى بثرواته الطبيعية. غير أن الخطأ فى هذه المأساة يقع أيضا على الحكومة النيجيرية التى تركت الطالبات ليلا وبهذا العدد الكبير بلا حماية أمنية فى ولاية بورنو معقل بوكو حرام وأكثر ولايات الدولة تضررا والتهابا.يضاف الى ذلك الفشل الذريع للسياسة الأمنية الحكومية فى مواجهة الجماعة حيث توجد بها ثغرات عديدة ينفذون منها .كما أنها تعتمد على الاعتقال العشوائى والتعذيب والقتل بدم بارد لأعضاء الجماعة مثلما حدث لزعيمها عام 2009 عندما اعتقلته قوات الأمن ثم قتلته بعد التحقيق معه وقامت بتصفية آخرين أمام أعين الناس فى ساحة قسم شرطة حيث تبارى الجنود فى إطلاق النار على رءوسهم وهم مكبلو الأيدى مطروحون على وجوههم!،وهو ما أثار انتقادات منظمات حقوق الانسان وأدى من قبل الى عدم استجابة الدول الكبرى لدعوات الرئيس النيجيرى المتكررة لتقديم المساعدات والمعدات اللازمة لمواجهة تهديدات الجماعة. هذا الاعتقال العشوائى والتعذيب والقتل يثير سخط السكان وينفرهم من التعاون مع قوات الأمن بالاضافة الى تفشى البطالة بين الشباب فلا يجدون عملا سوى الانضمام لبوكو حرام فى الوقت الذى ينهب فيه الفاسدون على كل المستويات خيرات البلد لدرجة تهريب 250 مليار دولار خلال عشر سنوات فقط فى الفترة من 2000 الى 2009 وفقا لأحدث الاحصائيات. سبق أن اعترف الرئيس جودلاك جوناثان بتغلغل أفراد بوكو حرام فى كل أجهزة الدولة بما فيها الجيش.وهذا حقيقى والا لما تمكنوا من شن هجمات جريئة داخل العاصمة أبوجا نفسها واقتحام قاعدة جوية فى شرق البلاد وتدمير طائرات وقتل عشرات من العسكريين فى معركة استمرت ست ساعات قبل أن تصل اليها تعزيزات الجيش.واذا كان من غير المتوقع أن تتخلى بوكو حرام عن جرائمها فإن الحكومة مطالبة بتغيير سياستها لجعلها أكثر فعالية ولإقناع المواطن بأن يكون عينا لها لرصد تحركات الجماعة بدلا من أن يبقى ساخطا مدفوعا للانخراط فى صفوفها. لمزيد من مقالات عطيه عيسوى