بعيدا عن الاستغراق في الجدل الدائر حول مبادرات التغيير والإصلاح التي تعددت أشكالها ومضامينها بفضل قوة رياح ربيع الثورات العربية وهل يجوز قبول أنماط بعينها يراد فرضها علينا من الخارج أم أن ذلك من المحرمات والمحظورات التي تمس السيادة واستقلالية القرار الوطني فإن الشيء المهم هو أن التغيير والإصلاح أصبح بندا مدرجا علي أولويات العمل الوطني في معظم الدول العربية والإسلامية.. وذلك في حد ذاته خطوة إيجابية ينبغي أن تتلوها خطوات وإجراءات عملية ملموسة لترجمة الأقوال إلي أفعال! وهنا يكون السؤال الضروري هو: كيف يتحقق التغيير والإصلاح وما هي وسائله وآلياته؟ أظن أننا بحاجة إلي الاتفاق علي نقطة بداية صحيحة تنطلق من الإدراك بأن التغيير الذي نتحدث عنه ونلح علي حمايته من أي وصاية أجنبية لضمان ولادته ولادة طبيعية بإرادة ذاتية خالصة يحتاج إلي مناخ عام يري في التغيير ضرورة حياتية لتحقيق النهضة المطلوبة لشعوب الأمة وبما يضمن سرعة احتلالها للمقاعد المناسبة في قطار العصر الذي يسير منذ سنوات بسرعة مذهلة. وهذا المناخ الذي أتحدث عنه يحتاج إلي توافق شعبي في كل بلد عربي من أجل إفراز رؤية واقعية لمتطلبات وخطوات التغيير بمشاركة جادة وفاعلة ومتكافئة بين مختلف القوي السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يجب عليها جميعا أن تتوقف عن لغة الصراع والتناحر وأن تضبط أدوات الاختلاف والتعارض داخل الأطر التي لا تسمح لأي قوي أجنبية أن تمارس لعبتها التقليدية في الاختراق والتسلل! أريد أن أقول: إن إصدار البيانات التي تؤكد بها القوي السياسية داخل كل قطر عربي رفضها لأي شكل من أشكال الوصاية الأجنبية أمر محمود ويستحق الإشادة, ولكنه ليس كافيا لإحباط شهوات التدخل من ناحية أو دعم ضرورات إنتاج مبادرات ذاتية للتغيير والإصلاح من ناحية أخري. ومعني ذلك انه لابد من أن نسعي جميعا باتجاه مناخ سياسي جديد داخل أوطاننا لا يقتصر علي رفض مشاريع الهيمنة فحسب, وإنما يؤكد القدرة علي طرح البدائل الواقعية التي تتناسب وظروف كل قطر عربي علي حدة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. إن الربيع العربي إنجاز ينبغي حمايته من محاولات أجنبية لاستلابه أو محاولات داخلية لإجهاضه! وغدا نواصل الحديث..
خير الكلام: أحيانا يكون القلق مدخلا للإبداع وسببا من أسباب النجاح! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله