ما يجري علي مسرح الشرق الأوسط من تداعيات منذ انطلاق ربيع الثورات العربية يؤكد أننا لانتعلم من دروس التاريخ وأنه مثلما استلبت أوروبا الاستعمارية روح الثورة العربية الكبري لخدمة أهدافها ومقاصدها في مطلع القرن العشرين. يتكرر نفس السيناريو الآن لاستلاب روح الثورات العربية التي انطلقت في مطلع القرن الواحد والعشرين مع اختلاف بسيط هو دخول أمريكا علي الخط كقائد وموجه لعملية الاستلاب التي تتم تحت سمع وبصر الجميع! وإذا كان هناك من عذر للقيادات العربية القديمة في عدم الانتباه للمخطط المحبوك لاستلاب الثورة العربية الكبري عشية الحرب العالمية الأولي بسبب ندرة المعرفة المعلوماتية فإنه لا عذر لقيادات الحاضر التي تعيش عصرا من المعرفة والمعلوماتية يوفر قدرا كبيرا من القدرة علي معرفة النيات وإمكانية التحسب لكافة الاحتمالات! لقد بح صوتنا ونحن ندق أجراس التحذير منذ سنوات ولكن دون سميع أو مجيب... فقط كنا نواجه بأننا متشائمون بأكثر مما ينبغي ومعادون للسياسة الأمريكية انطلاقا من رواسب الماضي ودون فهم أو استيعاب لما طرأ من تغييرات جذرية و عضوية في طبيعة علاقات أمريكا بالدول العربية عموما ومصر علي وجه الخصوص منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام.1979 وربما يكون ضروريا ومفيدا أن أشير إلي مقال نشرته يوم14 يونيه2004 تحت عنوان: ملاحظات علي وثيقة الثمانية الكبار. يومها كتبت بالحرف الواحد أنني أمضيت عدة أيام في قراءة أغلب ما كتب من تحليلات وتعليقات في الصحف العالمية حول قمة الدول الثماني الصناعية الكبري التي اختتمت أعمالها أخيرا في ولاية جورجيا الأمريكية بإصدار وثيقة تحت عنوان: المشاركة من أجل التقدم والمستقبل المشترك مع منطقة الشرق الأوسط الواسع وشمالي إفريقيا. والحقيقة أنني عجزت عن الخروج بانطباع قاطع حول هدفي من القراءة والذي تمحور في الأساس باتجاه معرفة خفايا ما جري في هذه القمة وهل ما صدر عنها كان انعكاسا لواقع الهيمنة الأمريكية علي توجيه دفة السياسة العالمية أم أن الأمر لم يخل من صفقة سياسية بين أمريكا وأوروبا ربما لم تقتصر علي موضوع الإصلاح السياسي فحسب وإنما شملت ضمن ما شملت المسألة العراقية والقضية الفلسطينية. وغدا نواصل القراءة في سطور مقال قديم خير الكلام: لا تأمن لمن انقلب علي من هم قبلك! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله