نخبة القوة الجديدة (1 ) ونحن نطل علي المشهد الراهن لربيع الثورات العربية عادت بي الذاكرة نحو 8 سنوات إلي الوراء عندما تناولت في مقال نشرته يوم 4 فبراير عام 2003 تحت عنوان «نبوءات مستقبلية» عرضا لكتاب «نخبة القوة الجديدة». يومها قلت بالحرف الواحد أن كل شيء يتغير ويتبدل بدرجة تجعل المرء يلهث من أجل فهم هذه المتغيرات وبينها - وهذا هو المدهش- ظهور مصطلحات جديدة يصعب استيعاب مدلولاتها بسهولة وتحتاج إلي بحث وفحص وعودة للقواميس ولكن دون جدوى لأن أغلب هذه المصطلحات الجديدة وليد اللحظة، ولم يتم بعد تدوينها! ومن بين هذه المصطلحات الجديدة مصطلح «النتو قراطية» وهو ترجمة لفظية لكلمة إنجليزية مستحدثة هي Neto cracy وقد ظهرت لأول مرة قبل عدة أشهر كعنوان لكتاب جديد وفكرة الكتاب الذي حمل هذا المصطلح الجديد تقوم علي رفض النظرية السائدة والتي تقول إن «الإنترنت» سوف تعزز موقف الرأسمالية التاريخية والديمقراطية التقليدية من خلال توفير المزيد من الحرية للتجارة والاقتصاد والأفراد في مختلف المجالات كما تنطلق فكرة الكتاب من رفض النظرية القائلة إن بالإمكان السيطرة علي الإنترنت من قبل الدول وإنه سيتحول إلي أداة كبت وسيطرة. وطبقا لرؤية مؤلفي كتاب «النتوقراطية.. نخبة القوة الجديدة وحياة ما بعد الرأسمالية» وهما السويديان «الكاسندر بيرد المحاضر الجامعي وجان سودير الكاتب والمذيع التليفزيوني» فإن كلمة «النتو قراطية» تتكون من جزئين فالجزء الأول من الكلمة هو Net أو الشبكة «الإنترنت» والجزء الثاني هو اختصار لكلمة Democracy أي الديمقراطية أو Bureaucracy أي البيروقراطية ليخرج مصطلح جديد يعبر عن حقبة اجتماعية جديدة في تاريخ الإنسانية سوف تفرض نفسها فوق حطام الرأسمالية التاريخية والديمقراطية التقليدية. بتبسيط شديد يمكن القول: إن مؤلفي الكتاب يعتقدان أن البشرية قد دخلت إلي منعطف جديد مع ظهور الإنترنت والتطور السريع والمذهل في تكنولوجيا المعلومات وأن ذلك يمثل بداية حقبة عالمية جديدة تتغير فيها طرق ومباديء تفكير وسلوك البشر نتيجة هذه الثورة المعلوماتية التي ستفرز مناهج جديدة في الاقتصاد والسياسة والأسرة والتعليم وربما تفرز أفرادا من نوعيات مختلفة كليا عما عرفه التاريخ من قبل. وغدا نواصل القراءة خير الكلام : الذاكرة أفضل خادم للعقل ! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله