لو أن هيئة دولية من الهيئات المستقلة المتخصصة في استطلاعات الرأي أجرت مسحا لوجهة نظر الشارع العربي من المحيط إلي الخليج حول أحلام التغيير والإصلاح التي أطلقتها رياح الربيع العربي لجاء رأي غالبية الناس مشايعا لكل ما جري علي امتداد عام 2011. مع تحفظ وحيد يرفض شبهة التدخل الخارجي- سواء بالتمويل أو التحريض- للتأثير في مسار الأحداث! إن ما جري في ظل الربيع العربي أكد أن شعوب المنطقة أدركت مدي الحاجة إلي ركوب قطار التغيير كما أكد إدراك هذه الشعوب لضرورة صياغة رؤية واضحة تحدد من خلالها أسس ومرتكزات التغيير المنشود الذي ينبغي أن يكون نابعا من رؤي ذاتية. وسوف تؤكد نتيجة أي استطلاع محايد أن الرغبة في التغيير أصبحت منهجا لا خلاف عليه طالما أن التغيير يستهدف تحقيق المزيد من الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ودون إغفال لضرورات التنمية الاقتصادية والاجتماعية من ناحية وتجنب الرضوخ لأية أنماط إصلاحية مستوردة وتحمل في طياتها شبهات الفرض والإرغام لإعادة عجلة الزمان إلي الوراء بإعادة استنساخ عصور الوصاية. وبصرف النظر عن أي تقويم حول معدلات السرعة وعمق التغيير فإن الذي لايجوز إنكاره أن مصر وتونس- علي سبيل المثال- قد قطعتا خطوات لا بأس بها علي طريق تطوير وتعميق وسائل الممارسة بغية ترسيخ مناخ ديمقراطي يضع المواطنة وتكافؤ الفرص وحرية التعبير عن الرأي كحقوق أساسية تضمن المشاركة الشعبية وتكفل المساواة بغض النظر عن الجنس أو الديانة. لقد تحركت المياه الراكدة في بحيرة السياسة العربية وكشفت عن عمق الترابط بين كافة القوي الوطنية رغم أية تباينات في الرؤي والمواقف ولكن تظل المسألة الاقتصادية والاجتماعية هي التحدي الأكبر أمام الربيع العربي. أريد أن أقول بوضوح: إنه لا معني ولا قيمة من أية إنجازات ديمقراطية لا تؤمن الأوطان ضد مخاطر الفوضي السياسية مثلما أنه لا جدوي من أي تحرر اقتصادي يؤدي إلي فوضي في السوق وعدم ضمان الحماية الكاملة لأصحاب الدخول المحدودة. وسوف يكون العام الثاني للربيع العربي مزدهرا إذا نجحنا في إيجاد إطار مؤسسي فعال قادر علي مراقبة أداء الأسواق وضبط إيقاعها مع ربط حرية المنافسة الاقتصادية بضوابط العدالة الاجتماعية. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: الولاء للحقيقة يدوم إلي الأبد... الولاء للفرد عمره قصير! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله